إزالة 8 حالات تعد على الأراضي بنطاق 6 مراكز بالبحيرة    دول الخليج تدين استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة    نوير يواصل تحطيم الأرقام القياسية في اليورو    إغلاق 48 منشأة صحية وتحرير 164 محضر مخالفة في حملة لإدارة الأغذية بصحة قنا    المفوضية الأوروبية تقترح موازنة بقيمة 270 مليار يورو لعام 2025    موعد صرف معاشات شهر يوليو 2024 بالزيادة الأخيرة.. كيفية الاستعلام وطرق الصرف    كانسيلو يحسم موقفه من العودة لبرشلونة    مركز شباب الكيمان بالأقصر ينظم مبادرة العيد أحلى    فيفا يخطر اتحاد الكرة المصري بإيقاف قيد مودرن فيوتشر    في أول مقابلة له كمدرب.. آرني سلوت: متحمس للتحدي الجديد الذي ينتظرني في ليفربول    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج بكالوريوس الطب والجراحة (الشعبة الفرنسية) جامعة الإسكندرية    المراجعة النهائية أسئلة وأجوبة اللغة العربية للصف الثالث الثانوي (نصوص نثرية وأدب pdf)    تركي آل الشيخ مشيدًا بنجاح "ولاد رزق 3": فيلم عربي مميز حطم الأرقام القياسية    رنا سماحة تعلق على نجاح أول ليلة عرض لمسرحية «العيال فهمت»    بعد انتهاء أعمال الحج.. علي جمعة يكشف عن آداب زيارة مقام النبي والمسجد النبوي    هل لحم الأضحية يفقد قيمته الغذائية بعد التجميد؟    إجازات شهر يوليو 2024.. تصل إلى 11 يومًا    غيابات جديدة فى مران منتخب فرنسا قبل قمة هولندا وظهور مبابى بدون قناع    حماس: سنعمل على تحرير كامل أرضنا وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس    غيابات الأهلي صداع في رأس كولر أمام الزمالك    حماس: 40 طفلًا قتلهم الجوع بغزة والمجاعة تتفاقم نتيجة حرب الإبادة الجماعية    تداول 74 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحرالأحمر    اللحمة ب 250 جنيهًا عند الجزارة «أم سعيد»    النائب العام يلتقي نظيره الصيني على هامش زيارته للعاصمة الروسية موسكو    رؤساء لجان فى مجلس النواب ل«الشروق»: الحكومة الجديدة تواجه تحديات «جسامًا» تتطلب تغييرات جوهرية بأدائها    الملحن محمد يحيى يشارك لأول مرة كموزع في أغنية تتحبي لعمرو دياب    تفاصيل استراتيجية جديدة لقطاع الصناعية المصرية حتى عام 2027    لا تفوت فرصة التقاط صورة مع كريستيانو رونالدو!    اليوم العالمي ل الأنيميا المنجلية.. 4 أعراض تكشف الإصابة بالمرض    طريقة عمل كفتة الحاتي، مناسبة للأصدقاء في زيارات العيد    الحوثيون: 3 غارات أمريكية بريطانية على الحديدة غرب اليمن    حسن الخاتمة.. وفاة صيدلي من الشرقية أثناء أداء مناسك الحج    مايا مرسي تستقبل رئيس الوكالة الإسبانية للتعاون الإنمائي    منسق قوات الطوارئ الدولية اللبناني: أمريكا زودت إسرائيل ب«إف-15»    هل ينتهي الغياب المتكرر دون إذن إلى فصل الموظف من العمل؟    وزيرة الهجرة: نتابع موقف الحجاج المصريين والتنسيق مع الجهات المعنية بشأن المفقودين وعودة الجثامين    ما حكم ترك طواف الوداع لمن فاجأها الحيض؟.. الإفتاء توضح    النيابة تندب لجنة من حى بولاق أبو العلا لمعاينة العقار المنهار    عيد الأضحى 2024.. "اليخت والبانانا والبارشوت" أبرز الألعاب المائية بشواطئ مطروح    بعد إصابة زملائهم .. 3 لاعبين استغلوا الفرصة وتألقوا في الدوري وخطفوا الأضواء    "الصحة": تنفيذ 129 برنامجا تدريبيا ل10 آلاف من العاملين بالوزارة والهيئات التابعة    3 أبراج فلكية تكره النوم وتفضل استغلال الوقت في أشياء أخرى.. هل أنت منهم؟    يسرا تعود للمسرح بعد غياب 22 سنة    ما هي علامات قبول الحج؟.. عالم أزهري يجيب    تنسيق الثانوية العامة 2024.. تعرف على درجات القبول في جميع المحافظات    ذكرى ميلاد الفنان حسن حسني.. 500 عمل فني رصيد «الجوكر»    في رابع أيام عيد الأضحى.. جهود مكثفة لرفع مستوى النظافة بشوارع وميادين الشرقية    مصرع 11 شخصا جراء الفيضانات وسوء أحوال الطقس في الهند    علي جمعة ينصح: أكثروا في أيام التشريق من الذكر بهذه الكلمات العشر    تعرف على خريطة 10 مشروعات نفذتها مصر لحماية الشواطئ من التغيرات المناخية    صحة الشرقية تعلن تنظيم قافلة طبية بالفرايحة غدا    مصرع وإصابة 6 أشخاص إثر حادث تصادم بين سيارتين ملاكي في أسيوط    بعثة الحج السياحي: 14300 حاج مصري يقيمون بمنطقة العزيزية    "رياضة الشرقية": مليون مواطن احتفلوا بالعيد في مراكز الشباب    محمد رمضان يعلن غيابه عن دراما رمضان 2025 للموسم الثاني على التوالي    استشهاد 7 فلسطينيين فى قصف إسرائيلى على شمال غربى مخيم النصيرات وغزة    لبيك يا رب الحجيج .. شعر: أحمد بيضون    «بايدن» يستنجد ب«المستنجد»!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسافر

‏(1)‏ خامرت الابتسامة العريضة وجه السعداوي لما سلمه ساعي البريد رسالة من ابنه حسين الغائب عن القرية وعن مصر كلها منذ عشر سنوات حينما سافر إلي فرنسا‏
وتحولت خطواته إلي قفزات سريعة ومتلاحقة‏,‏ راح يجوب انحاء القرية فرحا يخبر كل من يقابله بعودة ابنه علي طائرة الخامسة مساء الجمعة القادم‏..‏ رفرفت طيور التهاني الوافدة من افواه اهل القرية لتحط علي رأس السعداوي‏,‏ الذي بدا منتشيا علي غير عادته منذ اليوم الذي سافر فيه ابنه‏..‏ ادار المفتاح بباب الحجرة الأولي علي يمين الداخل للبيت‏..‏ حجرة ابنه حسين‏,‏ التي اغلقها السعداوي بنفسه منذ اليوم الذي سافر فيه‏..‏ ازال الخيوط العنكبوتية التي خيمت علي الإطار الخشبي لصورة ابنه الذي ينتظر عودته‏..‏ أعاد ترتيب الحجرة من جديد‏.‏
والله زمان ياحسين
قالها وهو يمسح قطرات العرق السابحة علي وجهه‏.‏
‏(2)‏ مع إشراقة شمس يوم الجمعة‏..‏ كان السعداوي قد حلق ذقنه‏..‏ وارتدي جلبابه الجديد‏,‏ وانتعل بلغته الجديدة‏,‏ راح يخبر كل من يقابله ان ابنه سيعود اليوم علي طائرة الخامسة مساء‏,‏ ولما انتهت صلاة الجمعة اذاع السعداوي من خلال ميكروفون المسجد خبر عودة ابنه حسين من فرنسا علي طائرة الخامسة مساء اليوم‏..‏ وانطلق تجاه الطريق الزراعي مبتسما ومنتشيا وكلما سأله احد المارة عن وجهته فيخبره انه ذاهب لاستقبال ابنه‏..‏ ولما صافح الهواء وجهه جعله أكثر نشوة‏,‏ جذبته بحور التفكير في ابنه وكيف صار حاله بعد سنوات الغياب التي طالت‏,‏ وعما إذا كان سيعوضه عن شقاء السنوات العجاف التي قضاها بين المعاناة وشظف العيش بعدما باع القراريط الثلاثة التي هي كل ما ملكه من حطام الدنيا ليحقق رغبة ابنه في السفر‏,‏ توقف الاتوبيس في القاهرة فاستقل السعداوي سيارة أجرة تنقله إلي المطار وبينما هو في طريقه كان قد اخبر السائق انه ذاهب لاستقبال ابنه في مطار‏.‏ وهناك‏..‏ دس السعداوي جسده النحيل بين جموع الواقفين في صالة الانتظار‏,‏ جاء صوت الرجل من خلال مكبرات الصوت يعلن عن وصول الطائرة القادمة من فرنسا بعد خمس دقائق‏..‏ اوشك قلب السعداوي ان ينخلع من مكانه‏..‏ احس ان الدقائق القليلة المتبقية علي وصول الطائرة كأنها دهور‏.‏
‏(3)‏ لما هبطت الطائرة ونزل جميع ركابها كان السعداوي وحده ينتظر‏,‏ فلم يبق في صالة الانتظار سوي بعض موظفي المطار وبعض العمال الذين يحملون حقائب العائدين من السفر‏..‏ تجمد وجه السعداوي‏,‏ انطلق تجاه موظف المطار يسأله عن سبب تأخر ابنه وعدم مجيئه‏.‏
‏*‏ لو سمحت يا استاذ‏.‏
‏*‏ نعم
‏*‏ ابني حسين قال إنه راجع علي طيارة الساعة خمسة من فرنسا‏.‏
‏*‏ وبعدين
‏*‏ وبعدين مجاش‏..‏ متعرفش ليه‏..‏؟
‏*‏ اسمه إيه ياسيدي‏..‏؟
‏*‏ اسمه‏..‏ حسين السعداوي محمد
‏*‏ راح الرجل يبحث عن هذا الاسم بين كشوف العائدين علي متن الطائرة التي هبطت منذ نصف ساعة تقريبا‏.‏
‏*‏ حسين السعدواي‏..‏ لا مش موجود‏.‏
‏*‏ انتاب السعداوي القلق وسأله‏.‏
‏*‏ متعرفش تأخر ليه يا أستاذ‏..‏؟
‏*‏ يمكن ما لحقش الطيارة‏..‏ انتظره علي طيارة سبعة الصبح‏.‏
‏*‏ انزوي السعداوي في ركن بعيد يكابد آلام يأسه‏,‏ قادته قدماه إلي الموظف ثانية
‏*‏ يا أستاذ‏..‏
‏*‏ أنت تاني‏..!!‏
‏*‏ ابني قال إنه جاي علي طيارة الساعة خمسة‏..‏ مش هيه دي برضه طيارة الساعة خمسة اللي جايه من فرنسا‏.‏
‏*‏ ايوه ياسيدي‏..‏ وحياة ربنا هيه‏..‏ خلاص‏.‏
‏*‏ مصدقك يا استاذ‏..‏ بس قصدي اقول يعني ان ال‏..‏
قاطعة الموظف غاضبا‏.‏
‏*‏ ابعد عني دلوقت‏..‏ خليني أشوف شغلي‏..‏ الله يكرمك‏.‏
‏(4)‏ كثرت المواعيد‏,‏ وكثرت الطائرات التي تهبط إلي أرض المطار‏,‏ وكلما هبطت طائرة قفز السعداوي ناحيتها يرقب الوجوه‏,‏ والخطوات والحقائب‏..‏ عشرون طائرة قد هبطت إلي ارض المطار‏..‏ عشرون ألف دمعة فرت من عيني السعداوي‏,‏ ومائة ألف امل يحدوه ومليون خوف يحدق به‏.‏
نسي السعداوي بيته وقريته وأهلها‏..‏ ولم يعد يشغله الا شيء واحد‏,‏ هو أن يرقب الطائرات لحظة هبوطها‏,‏ ولم يعد يعنيه سوي تفحص وجوه العائدين من السفر عله يجد ابنه وسطهم‏..‏ ولما أحس بعدم قدرته علي الرؤية حمل لافته كتب عليها اسم ابنه وكلما هبطت طائرة انخرط وسط العائدين يقلب بناظريه في وجوههم اختلطت الحروف بماء المطر وظل السعداوي ينتظر رغم تعاقب الاسابيع والشهور‏..‏ ظل ينتظر رغم انحناء ظهره‏,‏ اشتعال رأسه بالشيب ضمور جسمه‏,‏ تمزق جلبابه‏..‏ كان ينتظر رغم كونه صار فاقد البصر‏,‏ حافي القدمين‏..‏ ظل واقفا في أحد اركان المطار حاملا لافتته الممزقة بين يديه‏,‏ حتي ظن الجميع انه احد معالم المطار‏.‏
محمد الحديدي‏/‏ الشرقية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.