لجنة بريطانية متخصصة في تمويل التعليم الجامعي نشرت تقريرا طالب بزيادة المصروفات التي يدفعها طلاب الجامعات. الزيادة المقترحة كبيرة, فبينما لا يسمح القانون الحالي للجامعات الإنجليزية بزيادة مصروفاتها علي3290 جنيها استرلينيا في العام, طالبت اللجنة في تقريرها بالسماح للجامعات بزيادة المصروفات حتي12 ألف جنيه. مهمة اللجنة تحددت في البحث عن تمويل إضافي للجامعات الإنجليزية لمساعدتها علي الحفاظ علي المعايير والمستويات المرتفعة للتدريس والبحث, ومحاولة إيجاد مصادر للتمويل تعوض نقص التمويل الذي تقدمه الحكومة للجامعات كجزء من أكبر عملية خفض للنفقات تقوم بها الحكومة البريطانية لمواجهة العجز الهائل في الموازنة العامة. الطالب في انجلترا يتلقي قرضا حكوميا ميسرا لدفع المصروفات الجامعية, ليعيد دفعه ليس بعد تخرجه, وإنما عندما يعمل ويحصل علي وظيفة تضمن له دخلا حددته اللجنة بواحد وعشرين ألف جنيه استرليني, بدلا من حد الخمسة عشر ألف جنيه المعمول به الآن. النظام الإنجليزي يسمح لمن لا يحقق هذا المستوي من الدخل بألا يدفع ديونه الجامعية. المرأة التي تقرر الزواج والبقاء في البيت, والرجل الذي يقرر العمل في أنشطة تطوعية لا تحقق له سوي الحد الأدني من الدخل لم ولن يكون مطلوبا منه إعادة دفع مديونيته. التعديل المقترح يراعي مصالح فقراء الطلاب, فوفقا للنظام المقترح سيكون لجميع الطلاب الحق في الحصول علي تمويل حكومي تبلغ قيمته3750 جنيها, أما الطلاب الذين يأتون من أسر لا يزيد دخلها السنوي علي25 ألف جنيه, فلهم الحق في الحصول علي تمويل إضافي يصل الي3250 جنيها, ليصل إجمالي التمويل المتاح لفقراء الطلاب الي ستة آلاف جنيه. التعديلات المقترحة قد تظلم الطلاب من الفقراء لأنه سيكون عليهم توفير ما يزيد علي الستة آلاف جنيه اذا رغبوا في الالتحاق بجامعة تزيد مصروفاتها علي الآلاف الستة. الطلاب من الطبقات الوسطي, علي الجانب الآخر, لن يكون من حقهم الحصول علي الدعم الإضافي المقدم للفقراء, بينما قد لا تسمح ظروف أسرهم بتوفير المصاريف الباهظة للجامعات الراقية. للنظام المقترح في إنجلترا ضحاياه, لكنه بالتأكيد ينقذ التعليم الجامعي الانجليزي في زمن عز فيه التمويل. ما يحدث في بريطانيا هو نموذج للطريقة العقلانية في التعامل مع المشكلات وفي قبول التضحيات ودفع التكلفة في سبيل حماية المصلحة العامة. لم يستغرق الانجليز في الصراخ والتنابذ بالاتهامات بديلا عن مناقشة المشكلة وإيجاد الحلول لها, فهكذا تتقدم الأمم.