الأسبوع الماضي شهدت الساحة السياسية المصرية مبارزة في الأفكار بين الأحزاب السياسية, عنوانها الأساسي, ضمانة ونزاهة العملية الانتخابية, وأعدت أحزاب الائتلاف الرباعي ورقة مطالب بالضمانات التي ترغب فيها, ومعها حق في كثير منها, شملت تنقية الجداول الانتخابية, والتصويت بالرقم القومي, وإعادة توزيع الناخبين علي اللجان, وإصدار توكيلات مندوبي المرشحين, وصولا إلي اقتراح بتغيير النظام الانتخابي برمته والعودة إلي القائمة النسبية بديلا عن الانتخابات علي المقاعد الفردية المعمول به حاليا. ولم يتأخر رد الحزب الوطني الحاكم حيث عقد اجتماعا لهيئة مكتبه, وانتهي إلي ورقة حملت رؤية الحزب لضمانات الانتخابات, وهذه الورقة بها ما لها, وما عليها, وما يمكن مناقشته تفصيليا, لكن الأهم قبل الوصول إلي التفاصيل هو انتهاء اجتماع الوطني برد كتابي سلمه إلي رئيس حزب التجمع ممثلا عن حزبه وأحزاب الوفد والناصري والجبهة باعتبارها الأحزاب المعارضة الأربعة الأكبر, مع تحفظي الكبير علي ضم الجبهة لهذه الأحزاب, فهو ليس بتاريخها, أو انتشارها أو عدد أعضائها, أو تمثيلها النيابي. ما يهمني أكثر أن مذكرتي المعارضة, والحزب الحاكم, ركزتا بشكل كبير علي دور اللجنة العليا للانتخابات, ويكاد يكون هناك شبه إجماع بين الأطراف كافة علي أن القانون منح اللجنة صلاحيات كبيرة لم تأخذ بها بعد, أي لم تمارس صلاحياتها لضبط العملية الانتخابية, وتخليصها من أي خروقات أو تجاوزات. وهنا أتوقف عند عدد من النقاط في مذكرة الوطني وأنقلها نصا: *' ضرورة تفعيل النصوص القانونية المنظمة للعملية الانتخابية, والتي تمكن اللجنة العليا للانتخابات من ممارسة صلاحيتها الكاملة وباستقلالية تامة في إدارة العملية الانتخابية والإشراف عليها'. *' القانون منح اللجنة العليا للانتخابات سلطات واسعة, تشمل وضع القواعد التفصيلية التي تنظم سير الانتخابات, بما في ذلك معايير اختيار أعضاء اللجان الفرعية, وإصدار توكيلات مندوبي ووكلاء المرشحين, والقواعد المنظمة للدعاية الانتخابية, والحد الأقصي للإنفاق علي هذه الدعاية, وإعطاء حقوق متساوية للأحزاب في عرض برامجها الانتخابية من خلال وسائل الإعلام. كما تشمل تلك تنقية الجداول الانتخابية, وتسهيل عملية التصويت للناخبين, وحفظ الأمن والنظام أثناء العملية الانتخابية, وتنظيم دور منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام في متابعة الانتخابات'. وهذا يجرنا إلي أسئلة عديدة حول اللجنة وطبيعة عملها.. فهل عدم ممارستها صلاحياتها راجع إلي طبيعة تشكيلها؟.. أم إلي تنازل اللجنة عن صلاحياتها؟.. أم إلي عدم وضوح هذه الصلاحيات بشكل كبير؟.. وعدم وجود نصوص قانونية صريحة تتيح ممارسة هذه الصلاحيات؟ ثمة أسئلة عريضة وكبيرة.. تحتاج إلي إجابات واضحة من اللجنة العليا للانتخابات, خاصة أن الحزب الوطني الحاكم صاحب الأغلبية, والحكومة, ليست لديه تحفظات علي ممارسة اللجنة صلاحياتها إلي أقصي الحدود التي يتيحها القانون.. وكنت أتصور أن اللجنة ستجتمع فور صدور ورقة الوطني والرد عليها لتوضح الصورة, وتجيب عن تلك التساؤلات, وتقول لنا ماذا هي فاعلة في الانتخابات المقبلة. أظن أنه لم يعد باقيا علي الانتخابات سوي شهرين وهي فترة ليست كبيرة, وبالتالي فعلي اللجنة زيادة إيقاعها, والخروج بإجراءات حاسمة, تشمل مراجعة كشوف الناخبين وهذا من صلاحياتها.. ومعرفة المقار الانتخابية وهل هي مناسبة أم لا.. وهو أيضا من صلاحياتها.. وتحدد طرق الدعاية ومواعيدها.. وتبدأ في فرض القانون بالقوة وإلزام السلطات بمنع الدعاية الانتخابية واللافتات التي تخرق كل بقعة في مصر, رغم أن هذا الأمر مخالفة للقانون الذي يحدد مواقيت معروفة ومعلومة للكافة. لقد علق الجميع مسئولية نزاهة انتخابات مجلس الشعب القادمة في رقبة اللجنة العليا للانتخابات.. فماذا هي فاعلة؟!