طرحت نجوزي أوكونجو اويالا المديرة المنتدبة لدي البنك الدولي لغزا وفكرة كبيرة علي زملائها من خريجي جامعة هارفارد, وتمثل اللغز بسؤالها ماهو الاقتصاد الذي يبلغ حجمه تريليون دولار ونما بوتيرة اسرع من البرازيل والهند بين عامي2000 و2010 ويتوقع صندوق النقد الدولي ان يحقق نموا يفوق مثيله في البرازيل في الفترة بين عامي2010 إلي2015 ؟ واضافت ربما تفاجأون بالجواب: انها القارة السمراء.. افريقيا جنوب الصحراء اما الفكرة الكبيرة التي ارادت الوزيرة السابقة للمالية والشئون الخارجية لنيجيريا ان تفصح عنها فهي ان منطقة افريقيا جنوب الصحراء علي وشك اللحاق بركب القوي الصاعدة المعروفة باسم مجموعة بريكBRICS البرازيل وروسيا والهند والصين التي زادت ثروتها وتأثيرها بدرجة كبيرة خلال العقد الماضي. وأشارت أوكونغو اويالا إلي ان افريقيا يمكن ان تكون مصدرا جديدا للطلب العالمي, ويمكن ان ينافس سكانها شعوب كل من الصين والهند قريبا, مؤكدة ان افريقيا ينبغي ان تكون مقصدا للاستثمار وليس فقط للمعونات. واضافت في الكلمة التي القتها بجامعة هارفارد: ان الوقت حان لكي تري افريقيا وتقدم نفسها كعضو خامس بمجموعة بريك باعتبارها مقصدا جذابا للاستثمار, وليس فقط للمعونة فهذا امر واقعي ويمكن تحقيقه, ودللت اوكونغو اويالا علي ذلك بما قاله نيلسون مانديلا, ان الامر يبدو مستحيلا دائما حتي يتحقق. وتشير التقارير إلي انه مع تعافي البلدان من هبوط النشاط الاقتصادي العالمي, فان الاستثمارات بدأت في العودة إلي افريقيا ويأتي الكثير منها من مجموعة بريك. وكان روبرت زوليك رئيس مجموعة البنك الدولي قد قال في خطاب القاه الشهر الماضي بمركز وودرو ويلسون للباحثين العالميين ان متوسط النمو السنوي في افريقيا جنوب الصحراء يمكن ان يزيد علي6% حتي عام2015. واضافت المديرة المنتدبة لدي البنك ان هذا الامر ليس من قبيل الصدقة, فمؤسسات الاعمال تبحث دوما عن اسواق جديدة تستثمر فيها وافريقيا نضجت وحان وقت القطاف. وكانت مجموعة الدول السبع الصناعية الكبري قد زادت في غضون عدة سنوات لتصبح مجموعة الثماني, ثم مالبثت ان اتسعت لتصبح مجموعة العشرين مع انضمام مجموعة بريك واخرين من القوي الاقتصادية الجديدة والمؤثرة, وزاد نصيب بلدان العالم النامي من اجمالي الناتج المحلي العالمي علي اساس تعادل القدرة الشرائية من33.7% عام1980 إلي43.4% في المائة عام2010 وقد ترجم البنك الدولي هذا النمو إلي زيادة في حقوق التصويت لكل من الاقتصاديات النامية وتلك التي تمضي علي درب التحول إلي نظام السوق, حيث وافقت البلدان الاعضاء المساهمة بالبنك البالغ عددها186 بلدا خلال اجتماعات الربيع في ابريل علي زيادة نصيب البلدان النامية من حقوق التصويت بنسبة3.13 في المائة لتصل إلي47% من الاصوات. وبموجب هذا التغيير, ستصبح الصين ثالث اكبر مساهم في البنك, وستشهد كل من تركيا والمكسيك والبرازيل والهند زيادات كبيرة في عدد الاصوات التي تتمتع بها, بما يعكس وضعها الجديد في الاقتصاد العالمي, كما زادت حصص التصويت بنسبة50% للعديد من البلدان الافقر ومنها: فيتنام والسلفادور ولبنان وكمبوديا. وارتفعت حصة افريقيا جنوب الصحراء من5.55% إلي5.86% في ابريل وستستفيد اغلب البلدان الافريقية من زيادة حصص التصويت, ومنها اثيوبيا وليبريا ومالي واوغندا, لكن الأهم, هو ان القارة السمراء كسبت مقعدا جديدا بمجلس المديرين التنفيذيين للبنك الدولي, ليرتفع عدد المديرين بالمجلس إلي25. وتعليقا علي ذلك قال كارلوس البرتو بريمو براغا, مدير إدارة السياسة الاقتصادية والديون في البنك الدولي, كون مجلس المديرين التنفيذيين للبنك يعتمد في عمله بشكل عام علي اساس توافق الاراء أكثر من اعتماده علي التصويت, فان اضافة مقعد آخر ستضمن في واقع الأمر ان تسمع اصوات وشكاوي هذه البلدان بدرجة أكبر واوضح. جدير بالذكر ان رئيس البنك الدولي كان قد أكد, مثل غيره, رغبته في زيادة هذه النسبة إلي50% مع مرور الوقت, إلا ان قرارا كهذا, كغيره من قرارات الاصلاحات السابقة, يعود إلي المساهمين, اي البلدان المالكة للبنك. ويبدو البنك الدولي في هيئته شبيها بالعالم الذي يخدمه, اذ يضم موظفين من167 بلدا, ويأتي ثلثاهم تقريبا من البلدان النامية وتلك التي تمضي علي درب التحول نحو اقتصاد السوق, كما شهد البنك علي مدي السنوات الثلاث الماضية تحولا كبيرا في نسبة تمثيل البلدان النامية علي مستوي كبار المسئولين فيه, مثل نجوزي أو كونجو اويالا, وزيرة المالية السابقة في نيجيريا, التي تعد من أكثر الشخصيات تأثيرا في البنك بصفتها مديرة منتدبة. كما يعد ليونارد ماكرثي, نائب رئيس البنك لشئون النزاهة, من بين كبار المسئولين الافارقة في البنك, حيث تمثل ادارة ماكرثي, الذي تولي سابقا وحدة مكافحة الفساد في جنوب افريقيا, ذراع البنك الرئيسية لمكافحة الفساد, ومن بين اكبر مسئولي البنك الافارقة ايضا اوبياجيلي ايزيكويسيلي, نائبة رئيس البنك لشئون ادارة منطقة افريقيا ووزيرة التعليم السابقة في نيجيريا, وقريبا, ستنضم إلي هذه المجموعة وزيرة المالية الاندونيسية السابقة سري مولياني اندراواتي التي عينت أخيرا مديرة منتدبة للبنك, وجميع هؤلاء المسئولين كانوا اصلاحيين اقوياء في بلادهم قبل انضمامهم للبنك, واليوم يأتون بخبراتهم التي تحظي بالتقدير عالميا ليفيدوا بها المجتمع الدولي الاوسع نطاقا.