لا يمر يوم إلا وتقع فيه حوادث تصادم على الطرق، ويلقى الكثيرون مصرعهم، إلى جانب أعداد كبيرة من المصابين، وربما يصبح بعضهم من ذوي العاهات المستديمة، وقد أفادت الإدارة العامة للمرور بوزارة الداخلية، بأنه تم ضبط 747 سائقًا لتجاوزهم السرعة المقررة، وتعريضهم حياة الملايين للخطر، وتم تحرير المحاضر اللازمة لهم، ويأتي ذلك تزامنًا مع وقوع حادث أتوبيس بنى سويف، الذى أسفر عن مصرع 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 آخرين بسبب السرعة المرتفعة، وشددت الإدارة العامة للمرور على ضرورة ملاحقة سائقي مركبات "الموت" الذين يتجاوزون السرعات المقررة، والعمل على إجراء فحوص طبية مستمرة للسائقين، وتحليل عينات من دمائهم لملاحقة من يتعاطون المواد المخدرة الذين يقودون حافلات تحمل المواطنين وتعرضهم للخطر. لقد فقدت مصر في حوادث الطرق، ما يفوق أعداد الشهداء في الحروب الطويلة، ووفقًا للإحصائيات الأخيرة، فإنها تحتل المراتب الأولى عالميًا، حيث يبلغ عدد الوفيات الناتجة عن حوادث الطرق نحو 12 ألفًا، ويصل عدد المصابين إلى 40 ألفًا، وفى الوقت الذى يتراوح فيه المعدّل العالمي لكل 10 آلاف مركبة، ما بين 10 و12 قتيلًا، فإنه يصل فى مصر إلى 25 قتيلًا، أى ضعف المعدل العالمي، ويبلغ عدد قتلى حوادث الطرق لكل 100 كم فى مصر 131 قتيلًا، فى حين أن المعدل العالمي يتراوح بين 4 و20 قتيلًا، أى أن المعدل فى مصر يزيد على 30 ضعف المعدّل العالمى، كما أن مؤشر قسوة الحادث يوضح أن مصر يصل عدد القتلى فيها إلى 22 قتيلًا لكل 100 مصاب، فى حين أن المعدل العالمي 3 قتلى لكل 100 مصاب. والحل هو تغليظ العقوبات على السائقين الذين يتجاوزون السرعات المحددة على الطرق، وألا تقتصر العقوبات على الغرامات، وإنما تصل إلى الحبس حتى تكون رادعًا لهم، فمن أبرز أسباب الحوادث السرعة الزائدة والسباقات التي تجري في الشوارع، وعدم استخدام خطوط المشاة أو الجسور أو الأنفاق المخصصة لقطع الشوارع، وعدم إجراء صيانة دورية للمركبات، وعدم الالتزام بالإشارات الضوئية، وعدم الصرامة في تطبيق القوانين، والاستهتار بحياة الناس، وعدم استخدام حزام الأمان، أو المنبهات (الغمازات) عند التجاوز أو الدخول في طرق فرعية، والتوقف المفاجئ، واستخدام الهاتف فى أثناء القيادة، والحديث وشرود الذهن، وغيرها. القيادة أول مرآة لأخلاق الشعب، فإذا زرت دولة معينة لا تعرف عنها شيئاً، ورأيت قيادة رديئة ترسخ في عقلك انطباع مبدئي عن طبيعة هذا الشعب وأخلاقه، والعكس صحيح إذا شاهدت قيادة منضبطة ملتزمة بالقواعد والتعليمات فلا تجاوز للسرعات، ولا استهتار بالإشارات الضوئية ولا تجاوز للأولويات يترسخ لديك انطباع أولي جيد عن هذا الشعب.. إنها دعوة إلى الالتزام بقواعد المرور، وملاحقة المخالفين، وعدم استثناء أحد.