"قرار البابا شنودة مازال ساريا، ولن ندخل القدس إلا معا".. أي كل المصريين معا.. هكذا كان تصريح البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية ل"بوابة الأهرام" عندما سئل عن "زيارة الأقباط للقدس" في أول حبريته (اختياره بطريرك). جاء تصريح البطريرك المقتضب آنذاك كأول رد فعل له على سفر عدد من الأقباط المصريين إلى القدس. كان الجميع وقتها في ترقب، هل سيسير البطريرك الجديد على خطى البابا شنودة أم سيكسر القاعدة. ظل البابا تواضروس على مدار 3 سنوات منذ أن تم تجليسه على كرسي مارمرقس الرسول وموقفه من زيارة القدس ثابت يردده على مسامع الحضور كلما جاءت فرصة لذلك. وفي ساعة متأخرة من ليل الأربعاء وفي بيان رسمي فجرت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية مفاجأة من العيار الثقيل، حين أعلنت سفر البابا تواضروس السبت المقبل إلى القدس. وأوضحت في بيانها أن سبب الزيارة هو ترأس الجنازة على روح الأنبا إبراهام مطران القدس والكرسي الاورشليمي، مشيرة إلى أنها بحسب التقليد الكنسي القبطي يعتبر مطران القدس هو التالي مباشرة بعد البطريرك في أعضاء المجمع المقدس للكنيسة. وفقا لما كشفه مصدر كنسي ل"بوابة الأهرام"، أن قرار البابا تواضروس بالسفر جاء مفاجئا في اللحظات الأخيرة، خاصة أنه خلال عظته الأسبوعية والتي انتهت قرابة الساعة 9 من مساء أمس الأربعاء كان قد أعلن عن إرسال وفد من 7 أساقفة لحضور مراسم الجنازة ولم يذكر من قريب أو بعيد فكرة سفره. يختار البابا تواضروس الآن كسر القاعدة التي التي وضعها البابا شنودة منذ عام 1980 وهي عدم دخول القدس إلا بعد تحريرها من الاحتلال الإسرائيلي. ويأتي ذلك بالتزامن مع دعوات ضمنية وصريحة في أول الشهر الجاري من الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) والمطران منيب يونان رئيس الكنيسة اللوثرية بالقدس. وقال أبو مازن للبابا تواضروس وقت زيارته في 9 نوفمبر الجاري، إن زيارة القدس بمثابة دفعة قوية للشعب الفلسطيني، فالزيارة للسجين وليست للسجان. وأكد أبو مازن أن عدم زيارة القدس يؤدي إلى تجفيف الاقتصاد الفلسطيني بينما الزيارة تمنحنا تعزيزا على مستوى البقاء والصمود. كان ذلك حين أكد البابا تواضروس للرئيس الفلسطيني أمنيته لوصول القضية الفلسطينية لحل جذري في القريب العاجل، حتى يستطيع اصطحاب شيخ الأزهر وزيارتهم بالقدس. لم تكن تلك هي الدعوة الوحيدة التي تلقاها البابا تواضروس لزيارة القدس الشهر الجاري، فقد وجه المطران منيب يونان رئيس الكنيسة اللوثرية بالقدس دعوة ضمنية للبطريرك في 4 نوفمبر الجاري قائلا له: "إذا كان البابا تواضروس لا يستطيع أن يزورنا ويشرفنا بحضوره القدس، فالقدس تأتى إليه وتحييه". وكان المجمع المقدس قد قرر في جلسة بتاريخ 26 مارس 1980، عدم التصريح لرعايا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالسفر للقدس لحين استعادة الكنيسة لدير السلطان، بالإضافة إلى تصريحات البطريرك الراحل البابا شنودة بعدم دخول القدس إلا مع أخوتهم المسلمين واستمر الحال على ذلك حتى يومنا هذا. وبعد 35 عاما من حرمان الأقباط من السفر للقدس بموجب قرار المجمع المقدس، يقرر البابا تواضروس السفر للقدس ليضع علامة استفهام عن إمكانية سماح الكنيسة للأقباط بالسفر للتقديس ويترك الأيام المقبلة لتجيب عليه.