علاقة عشق غريبة بين الشجر والأثر هذا ما تظهره العين لكل متجول في قصور ومعابد الفراعنة فهناك ربما تلمح في معبد الكرنك بمدينة الأقصر نخلة تنكفئ ظلالها على ربة مصرية معقوفة الأيدى كأن النخلة حارسة أو كأن السباطات التي ترمى ضفائرها للريح تصلى من أجل حماية تلك التربة. وعلى بعد أمتار وقريبا من مسلة الملكة حتشبسوت ربما تلمح شجرة دوم صغيرة أما فوق حوائط المعبد وقريبا من أعمدة اللوتس الضخمة تجد شجرة أخرى باسقة كأنها مريضة بالغيرة من تلك الأيدى الفرعونية التي نحتت اللوتس ربما لهذه الأسباب هي التي دعت الأثريين في الصعيد بالمناداة في شرح جوهر بقاء الأشجار في المعابد جنب الأحجار والكتابات الفرعونية للسياح ولطلاب المدارس. الأثرى عصام حشمت قال ل"بوابة الأهرام" المرشد السياحي يجد نفسه مضطراً لشرح الأشجار المنحوتة على جدران المعابد حيث كل حجر في المعابد الفرعونية لابد أن يقدم اهتمام الفراعنة بالأشجار وعالمها ويضيف حشمت في العام التاسع من حكم الملكة حتشبسوت التي أرسلت حملة لبلاد بونت ( قيل الصومال حاليا وقيل بلاد اليمن السعيد وحضرموت ) تم جلب كثير من الأشجار الإفريقية والتي تم غرسها في معبدها الشهير بالدير البحري كذلك تم نزع الأشجار من موطنها وتم غرسها في طيبة وخاصة في معبد الكرنك وكانت توصف تلك الأشجار بأنها لحديقة ملك الآلهة أمون وفى هذا المكان تم غرس أشجار اللبان والبخور من أجل أن يستخرج منه الزيت الخاص بالجسد الإلهى فأشجار البخور تم نقلها بكاملها حية مع إخضرارها ومغطاة بأوراقها وبها جذورها ووضعت كل شجرة في سلة كبيرة مستديرة معلقة بألواح من الخشب يحملها أربعة رجال. يضيف عصام الفراعنة كما يقول المؤرخون قاموا بزراعة تلك الأشجار بين جنيات قصورهم ومعابدهم وكان من أهم الأشجار التي نقلت من موطنها وغرست في جنيات معابد الفراعنة أشجار الصمغ وأشجار الراتنج وصمغ البطم بالإضافة إلى صفوف من أشجار الجميز وهى أشجار تمت زراعتها بنجاح في التربة المصرية بخلاف خشب الأبنوس الذي أتى به الفراعنة في هيئة حطب مقطوع وحين حمل المصريون الفراعنة تلك الأشجار كانوا يرددون في السفينة التي تحملهم ( أننا نحمل معنا أشجار البخور من بلاد الرب إلى معبد أمون ( الكرنك ) ومكانها سيكون هناك والآلهة ستجعلها تزدهر أمام بحيرتها حول جانبي معبدها ) والى الآن تبقى جذور تلك الأشجار باقية حتى الآن أي أن تدريسها وشرحها مهم جداً. الباحث الأثرى كرم نصر قال تبدو الأشجار التي تنموا على جانبي المعابد أكثر ملاحظة من الأثر ورغم ذلك تكتفي الناس بمشاهدة الأثر دون أن تكتشف ذلك المعنى الشاعري الذي تجعله الشجرة للعين الرائية حين تشاهد نباتا بجانب اثر والملاحظ أن الأشجار كانت تمثل للمصريين الكثير فالفراعنة جعلوا لبعض الآلهة أشجارا خاصة بهم مثل شجرة الصفصاف التي هي شجرة الآلهة حتحور ربة العشق والأمومة عند المصريين بل أن الأشجار التي تم نقلها في عهد الملكة حتشبسوت وتمت زراعتها على جانبي المعبد حيث ذكرت المصادر أن المصريون ابتهلوا لمعبودهم أمون ( فالآن يحصل المصريون على اللبان العطري كما يرغبون ويحملون سفنهم وفقا لهوى قلوبهم بأشجار البخور الطازج). وأضاف الباحث هناك في ذراع أبو النجا أو بين مقابر القرنة ربما تلمح الرسمة العميقة لذلك الفرعون الذي يتعبد أمام شجرة دوم تلك الشجرة التي كان الأطباء المصريون يستخدمون ثمارها كدواء لحالات العقم عند المرأة والتي أحب المصريون ثمرها الطيب حيث استخدموا خشبها في وضعه في المعابد أما النخلة ذلك النبات العربي فيبدوا انه استفاد من جفاف بيئة المعابد لينموا بكثرة ليكسوا تلك المعابد المصرية بنكهة عربية خالصة لتمون النخلة بين الأثر شاهدة على الحضن العربي الذي احتضن الأثر الفرعوني ومن ثم يبدو شرح تلك الأشجار ضرورياً جداً.