من صافرة الحكم المجري فيكتور كاساي ستنطلق مسرحية كروية ملتهبة غدا السبت على ملعب "ويمبلي" في لندن، ينتظرها الملايين من عشاق اللعبة في مختلف أنحاء العالم، بين برشلونة الإسباني ومانشستر يونايتد الإنجليزي، في نهائي دوري أبطال أوروبا لكرة القدم. ستجمع المواجهة بين فريقين سطع نجمهما محليا وقاريا هذا الموسم، إذ نجح برشلونة بالتفوق في الدوري الإسباني على غريمه التقليدي ريال مدريد محرزا لقب الليجا للموسم الثالث على التوالي، في حين أحرز يونايتد لقب ال"برميير ليج" للمرة التاسعة عشرة في تاريخه لينفرد بالرقم قياسي الذي كان يتقاسمه مع ليفربول. وسيعود برشلونة إلى الملعب الذي تُوّج فيه بلقبه الأول في المسابقة الأوروبية العريقة الأم عام 1992 (على حساب سامبدوريا الإيطالي) لكن بحلّته الجديدة، والأمر ذاته ينطبق على مانشستر الذي أحرز لقبه الأول في المسابقة على هذا الملعب أيضا عام 1968 (على حساب بنفيكا البرتغالي). وسيخوض مانشستر النهائي للمرة الخامسة في تاريخه بعد أعوام 1968 عندما فاز على بنفيكا 4-1 بعد التمديد، و1999 على بايرن ميونيخ الألماني 2-1، و2008 على مواطنه تشلسي 6-5 بركلات الترجيح بعد تعادلهما 1-1، و2009 عندما خسر أمام منافسه المقبل برشلونة صفر-2. أما برشلونة فيخوض النهائي للمرة السابعة في تاريخه بعد 1961 عندما خسر أمام بنفيكا 2-3، و1986 حين خسر أمام ستيوا بوخارست الروماني بركلات الترجيح صفر-2 بعد تعادلهما صفر-صفر في الوقتين الأصلي والإضافي، و1992 عندما فاز على سامبدوريا الإيطالي 1-صفر بعد التمديد، و1994 عندما خسر أمام ميلان الإيطالي صفر-4، و2006 عندما توج باللقب على حساب أرسنال 2-1، و2009 عندما فاز على يونايتد 2-صفر. تجدر الإشارة إلى أن مباراة السبت ستكون النهائي الثالث بين الفريقين على الصعيد الأوروبي بعدما تواجها في نهائي كأس الكئوس الأوروبية عام 1991 وخرج مانشستر فائزا 2-1 بفضل هدفين من الويلزي مارك هيوز الذي منح فيرجوسون لقبه القاري الأول مع "الشياطين الحمر". وفي النهائي الثاني عام 2009 حسم برشلونة لقب دوري الأبطال على الملعب الأوليمبي في روما لمصلحته 2-صفر، بفضل هدفين من الكاميروني صامويل إيتو (إنتر ميلان الإيطالي حاليا) ورأسية الأرجنتيني ليونيل ميسي. وتواجه الفريقان أيضا في دور المجموعات من دوري الأبطال عامي 1994 و1998 فتعادلا 2-2 وفاز برشلونة 4-صفر في الأولى، ثم تعادلا ذهابا وإيابا في الثانية وبنتيجة واحدة 3-3، ثم التقيا في نصف نهائي موسم 2007-2008 فتعادلا صفر-صفر في "كامب نو" وفاز مانشستر إيابا 1-صفر في طريقه إلى اللقب على حساب مواطنه تشلسي (بركلات الترجيح بعد تعادلهما 1-1). وهذا اللقاء الحادي عشر بين الفريقين، ففاز كل منهما ثلاث مرات وتعادلا 4 مرات، علما بأن أيا من الفريقين لم يفز على خصمه مرتين على التوالي. وبحال فوزه في مباراة السبت، سيدخل برشلونة بين نخبة الأندية التي سيطرت على البطولة القارية في فترات معينة، على غرار ريال مدريد في خمسينيات القرن الماضي، وأياكس أمستردام الهولندي وبايرن ميوينخ الألماني في السبعينيات، وميلان الإيطالي في نهاية الثمانينيات، كونه أحرز البطولة مرتين في الأعوام الستة الأخيرة. وبرغم الفارق الكبير في خبرة مدربي الفريقين، إلا أن السير الأسكتلندي أليكس فيرجوسون (69 عاما) هو أنجح مدرب في تاريخ الكرة الإنجليزية، في حين قدّم جوسيب جوارديولا (40 عاما) نجاحا منقطع النظير مع برشلونة في المواسم الثلاثة الماضية. ويأمل فيرجوسون أن يصبح ثاني مدرب يُتوّج باللقب في ثلاث مناسبات بعد الراحل بوب بايسلي الذي قاد ليفربول إلى هذا الإنجاز سابقا أعوام 1977 و1978 و1981، علما بأن الأسكتلندي هو ثاني أكبر مدرب يُتوّج بلقب هذه المسابقة بعد البلجيكي ريمون جوتالس الذي قاد مرسيليا الفرنسي للقب على حساب ميلان الإيطالي عام 1993 وهو يبلغ 71 عاما و232 يوما. أما جوارديولا، فرفع الكأس للمرة الثانية في مسيرته عام 2009 بعد أن تُّوج بلقب هذه المسابقة عام 1992 كلاعب، ليصبح سادس من يفوز باللقب كلاعب وكمدرب، كما أصبح ثالث لاعب يحقق هذا الإنجاز مع نفس الفريق بعد الإسباني ميجيل مونوز (فاز كلاعب مع ريال مدريد عامي 1956 و1957 وكمدرب 1960 و1966)، والإيطالي كارلو أنشيلوتي (فاز مع ميلان كلاعب عامي 1989 و1990 وكمدرب عامي 2003 و2007). وأصبح جوارديولا عام 2009 عندما كان بعمر 38 عاما و129 يوما، أصغر مدرب يحرز لقب المسابقة منذ 49 عاما، وثالث أصغر مدرب في تاريخها، إذ سبقه ميجيل مونوز الذي كان عمره 38 عاما و121 يوما عندما قاد ريال مدريد للفوز بنسخة عام 1960، في حين أن أصغر مدرب فاز باللقب على الإطلاق كان خوسيه فيالونجا بعمر 36 عاما و185 يوما عندما فاز ريال مدريد بنسخة 1956. وقدم برشلونة رحلته إلى العاصمة الإنجليزية لندن إلى مساء الثلاثاء بدلا من الخميس، بسبب سحابة الرماد المنبعثة من بركان جريمسفوتن الأيسلندي. وقد يملك يونايتد أفضلية نسبية كونه يخوض المباراة في بلاده، علما بأنه في المباريات النهائية الخمس التي أقيمت على ملعب ويمبلي القديم، فازت الأندية الإنجليزية مرتين، مع يونايتد عام 1968 وليفربول عام 1978 على حساب بروج البلجيكي 1-صفر. وستكون الأنظار شاخصة نحو العبقري الأرجنتيني ليونيل ميسي أفضل لاعب في العالم عامي 2009 و2010، وصاحب الهدف الثاني لبرشلونة منذ عامين في روما، الذي يعتبر من أنقى المواهب التي أنجبتها ملاعب كرة القدم في التاريخ، وهو يتصدر ترتيب هدافي المسابقة حاليا مع 11 هدفا، وبحاجة لهدف واحد كي يعادل رقم الهولندي رود فان نيستلروي (12 هدفا). واعتبر ميسي (23 عاما) أن نهائي السبت سيكون مختلفا عن نهائي 2009 وبأن المباراة ستكون أكثر تقاربا في الأداء مما كان عليه الوضع في مواجهة الملعب الأولمبي في روما، مضيفا "الذكريات الجميلة التي اختبرناها في روما أصبحت من التاريخ الآن ونهائي ويمبلي سيكون مختلفا تماما". وسيكون ميسي أمام مهمة تخطي حائط مانشستر الدفاعي المكون من الصربي نيمانيا فيديتش وريو فرديناند، لكن الأرجنتيني يملك العدة اللازمة للتفوق على أعتى المدافعين في العالم. لكن فيرجوسون أكد أن فريقه يملك الحل الذي يخوله التعامل مع ميسي وذلك بعدما عانى مانشستر الأمرّين للتعامل معه عندما تواجه الفريقان في روما. وشدد فيرجوسون على أن فريقه لن يسمح لنفسه بحصر اهتمامه بمراقبة ميسي وإهمال نجوم النادي الكاتالوني الآخرين، مضيفا "لعبنا ضد برشلونة في ثلاث مناسبات بوجود ميسي. هناك دائما حل لكل لاعب جيد. نأمل أن نجد حلا يوم السبت. لكنهم يملكون لاعبين جيدين آخرين، والأمر ذاته ينطبق علينا، ولهذا السبب ستكون المباراة مثيرة جدا. أنا متأكد من أن برشلونة يعي هذا الأمر أيضا". وسيتولى المدافع الدولي جيرار بيكيه (24 عاما) حماية المنطقة الخلفية لبرشلونة بعد أن لعب في صفوف مانشستر يونايتد عندما كان في السابعة عشرة من عمره، لكنه نجح منذ عودته إلى برشلونة عام 2008 في فرض نفسه من الركائز الأساسية للنادي الكاتالوني والمنتخب الإسباني الذي تُوّج الصيف بلقبه المونديالي الأول. ويبرز في خط الدفاع الكاتالوني أيضا البرازيلي داني ألفيش و"الأسد" كارليس بويول والحارس فيكتور فالديس، علما بأن الأخيرين كانا أساسيين في نهائي 2006 أمام أرسنال. من جهة يونايتد، سيكون الاعتماد هجوميا على الدولي واين روني والمكسيكي الواعد خافيير هرنانديز "تشيتشاريتو" الذي كانت بصماته واضحة في ختام الدوري الإنجليزي. وتحدث الأرجنتيني خافيير ماسكيرانو الذي يعرف مانشستر جيدا كونه لعب في الدوري الإنجليزي مع ليفربول، عن خطر ثنائي الهجوم روني-تشيتشاريتو في مانشستر، قائلا "يمنحهم تشيشاريتو العمق الهجومي وروني الاستحواذ على الكرة". وسيسدل الحارس الهولندي العملاق (40 عاما) الستار على مسيرة كروية بدأت قبل 20 عاما، وهو يُمنّي النفس ب"إحساس رائع أخير" من خلال رفع الكأس الأوروبية المرموقة للمرة الثالثة في مشواره والثانية مع "الشياطين الحمر" بعد 2008 عندما تغلّب الأخير على مواطنه تشلسي بفضل فان در سار الذي صد الركلة الترجيحية الحاسمة. وسيخوض فان در سار النهائي الخامس له في المسابقة الأوروبية الأم بعد أن تُوج باللقب عام 1995 مع أياكس أمستردام على حساب ميلان الإيطالي ثم خسر في الموسم التالي أمام يوفنتوس الإيطالي قبل أن يبلغ نهائي 2008 و2009 وهذه المرة مع مانشستر يونايتد فتُوّج بلقبه الثاني على حساب تشلسي قبل أن يخسر أمام برشلونة بالذات. وتمحورت تصريحات لاعبي الفريقين حول قدرة برشلونة على ممارسة هوايته المعهودة بتمرير الكرة باستمرار والاستحواذ عليها بين لاعبي وسطه شافي وأندرياس إنيستا، والطريقة التي سيواجهه بها يونايتد. وقال دافيد فيا مهاجم برشلونة "إنهم فريق يحب الاستحواذ على الكرة ولن يسعى لتدمير طريقة لعبنا بل لفرض أسلوب لعبه. الفريق الذي سينجح في الاستحواذ على الكرة خلال النهائي سيكون الأقرب للفوز باللقب". فيما تطرق زميله سيرجيو بوسكيتس عن أسلوب لعب الطرفين، قائلا "نحن فريقان نتمتع بأسلوب لعب محدد. نحب الاستحواذ على الكرة والفريقان سيسعان للحصول عليها وعندما نخسر الكرة نعمل بجهد كبير جدا لاستعادتها". ورأى بوسكيتس أن مدرب مانشستر الأسكتلندي أليكس فيرجوسون "يملك فريقا مهاجما لكنه قد يلجأ إلى تشكيلة أكثر دفاعية".