تصاعدت في السنوات الأخيرة أجراس الخطر من إغراق الأسواق بالمبيدات الضارة والمخالفة للمواصفات علي يد المهربين ومحترفي الغش والتقليد مما يترك بصمات سلبية علي سمعة المنتجات الزراعية المصرية سواء في الأسواق المحلية أو العالمية. كان البديل الوحيد لذلك ظهور اتجاه جديد نحو المنتجات الزراعية العضوية ( الأورجانيك ) ذات الأسعار المرتفعة . في ضوء هذه الفوضي التي يشهدها سوق المبيدات تعددت البلاغات أمام النائب العام مما جعل الدكتور أيمن أبو حديد وزير الزراعة يجري مراجعة شاملة لجميع أنواع المبيدات الواردة من الخارج لإعادة فحصها ومنع المحظور منها. بداية يقول أبو العباس عثمان رئيس الجمعية التعاونية للائتمان الزراعي إن الجمعيات الزراعية توفر المبيدات للمزارعين بأسعارها الرسمية وبحالتها الأصلية دون العبث بمكوناتها الأصلية لأن هذه المبيدات عقب استيرادها يتم عرضها أولاً علي مركز البحوث الزراعية ليتأكد من صحة تصنيعها وتركيبها. وطالب المزارعين بالتعامل مع الجمعيات الزراعية والابتعاد عن المبيدات المهربة التي لا تحمل أي بيانات عن مكوناتها وتصنيعها لأنها تسبب إهلاكا للمحاصيل الزراعية الرئيسية كالقطن والقمح . ويحث عثمان وزارة الزراعة علي تكثيف حملاتها علي الأسواق والمزارعين لضبط هذه المبيدات الضارة وإرشاد الفلاحين لكيفية استخدامها حتي لا تسبب تأثيرات سلبية علي الصحة العامة . فى نفس الوقت يطالب الدكتور محمد بلال أستاذ مقاومة الحشرات بزراعة القاهرة والمستشار الفني لعدد من شركات تصنيع المبيدات بتنظيم دورات تدريبية وتوزيع النشرات المصورة وعقد اللقاءات المفتوحة مع الفلاحين حول استخدام المبيدات وتوضيح الأنواع الضارة منها مشيراً إلي أن 95 % من المبيدات مستوردة وأن مكمن الخطورة من " مصانع بير السلم " التي تمثل نسبة تتراوح بين 50 و60% من الكميات المطروحة في الأسواق. واقترح وضع علامة مائية علي العبوات الصحيحة بحيث يصعب علي الغشاشين تقليدها مؤكداً أن ترك السوق حرة للاستيراد لابد أن يسايرها ملاحقة وإشراف علي تسويق هذه المنتجات . ويشرح حامد زكريا رئيس إحدي شركات خلط وتعبئة المبيدات قائلا إن الصناعة في مصر يقتصر دورها علي عمليات الخلط والتعبئة وتصنيع بعض المواد الكيماوية البسيطة وأن هناك مجموعة من المشاكل التي تحد من انطلاقها علي رأسها غياب التكنولوجيا المتقدمة المستخدمة في المصانع وضرورة تطوير البحث العلمي وتشجيع المبتكرين والاستعانة بمراكز علمية متقدمة علاوة علي العراقيل الكبيرة التي يواجهها المستثمر عند إنشاء مصنع مثل الإجراءات الإدارية وكذا ارتفاع أسعار تسجيل المنتجات إضافة إلي ضعف القدرات التسويقية. ويقول زكريا إن ذلك يمنح الفرصة للمهربين وأصحاب مصانع " بير السلم " لإنعاش تجارتهم بل أن معظم المبيدات المستوردة القادمة من الصين والهند تكون مغشوشة وهي مشكلة لا تستطيع المصانع المحلية مواجهتها لذا فإن هناك حاجة ملحة لإعادة ترتيب هذه السوق التي تسودها العشوائية خصوصاً وأن المبيدات لا تستخدم في الزراعة فقط بل تستخدم في المنازل للتخلص من الحشرات يؤكد زكريا أن المبيدات المغشوشة أسعارها رخيصة ورغم ذلك تحقق مصانع بير السلم أرباحاً كبيرة من وراء بيعها . يري الدكتور زيدان هندي أستاذ تصنيع المبيدات بزراعة عين شمس أن توجيه الانتقاد إلي جميع المبيدات المطروحة في الأسواق ووصفها بالعشوائية فيه إجحاف بحقوق المصانع الجادة لأن هناك نسبة من السمية تستخدم في المبيد تكون بمواصفات محددة علاوة علي أن تصنيع المبيد يكون من المادة الخام المستوردة مضافاً إليها نسبة الكيماويات والمواد البترولية . يضيف أن المنتجات المهربة أو التي تنتجها مصانع " بير السلم " لا تصل إلي المعمل المركزي لوزارة الزراعة لتحليلها وهذه المسئولية تقع علي عاتق المسئولين في وزارة الزراعة خصوصاً وأن هناك المهربين ومصانع بير السلم التي تستخدم عبوات فارغة وتقوم بتعبئتها بمواد مخالفة للمواصفات تضر بالنبات وصحة الإنسان مشيراً إلي أن وزارة الزراعة قد سبق لها أن أصدرت القرار رقم 874 لسنة 96 الذى يحظر تجريب أو استيراد أو تداول أو استخدام المبيدات سواء كانت مواد خام أو مستحضرات تجارية التي يقع اسمها ضمن المجموعة " بي " التي يطلق عليها محتمل مسرطن وكذا التي تقع في الجدول رقم 2 والأكثر خطورة علي حياة الإنسان والحيوان والنبات وهذه المبيدات السامة تلوث الأرض وتضعفها وتصل إلي المياه الجوفية لتترسب فيها وتلوثها . فى نفس الوقت يحذر الدكتور مصطفي الحمادي وكيل زراعة عين شمس الأسبق وأستاذ علم أمراض النبات أن الاستخدام العشوائي للاسمدة مما يترتب علي ذلك ترسيب مركبات كيماوية في التربة وفي جذور النبات وسيقانه تضر بصحة الإنسان والحيوان .. لذا فهو يطالب ببرنامج قومي يذاع في الراديو والتليفزيون يوضح كيفية الاستخدام الآمن للمبيدات والأسمدة .
