رأت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية أن المتشددين في إيران يدقون الآن طبول الحرب بعد ظهور مؤشرات السلام عقب فوز حسن روحاني بالرئاسة منذ ستة أشهر وهي المفاجأة التي أخرصتهم. وذكرت الصحيفة - في تقرير أوردته - على موقعها الإليكتروني اليوم "الأربعاء" أنه بعد تولي روحاني الحكم منذ سته أشهر خرج المتشددون من سباتهم محاولين وضع نهاية لشهر العسل الذي يعيشه روحاني. ونقلت الصحيفة عن مسئول إيراني سابق قوله:"هؤلاء المصدومون من نتائج الانتخابات يتطلعون الآن لانتهاز أي فرصة للتنفيس عن غضبهم." وتقول الصحيفة إن روحاني لم يظهر أي علامة للرضوخ أمام الضغوط التي يواجهها، إلا أنه بعد أن ظل فترة يتجاهل الانتقادات الموجهة إليه بدأ فى الرد بشكل أكثر عداونية وتوجه إلى قاعدته الشعبية، وهي أقوى رصيد تحت تصرفه لتسليط الضوء على تكتيكات المتشددين فى البلاد. فعلى سبيل المثال الأسبوع الماضي لجأ الرئيس الإيراني إلى موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، المحظور رسميا في ايران، ليرغم التلفزيون الوطني على إذاعة خطابه إلى الأمة على الهواء. وكانت قضية التلفزيون الوطني أخر تحركات المتشددين والتي تضمنت تهديدات البرلمان باستجواب وزراء حكومة روحاني وفرض قيود على نشر مواد إعلامية إصلاحية جديدة وزيادة عدد الأشخاص الذين يتم اعدامهم بتهمة ارتكاب جرائم. وأشارت الصحيفة إلى أن جانبا كبيرا من الاحباط الذي أصاب المتشددين كان موجها إلى الصفقة المؤقتة التي أبرمتها طهران مع دول الغرب في نوفمبر من العام الماضي والتي نصت على تقويض برنامجها النووي في مقابل تخفيف العقوبات الدولية، وعلى الرغم من أن العالم قد أشاد بهذه الصفقة إلا أن معارضي الرئيس اعتبروا هذا الاتفاق تراجعا مهينا. وعزت الصحيفة سبب مشكلة المتشددين فى إيران إلى مساندة وموافقة زعيمهم المرشد الأعلى على خامنئي للاتفاق النووي مما جعلهم يتطلعون إلى أي أهداف أخرى لشن الهجوم عليها ولذا إذا تعثرت أى حكومة في أى شئ حتي لو كان صغيرا سيلقون باللوم على روحاني وشمل ذلك انتقاد فشل برنامج لتوزيع المواد الغذائية الاسبوع الماضي كان يستهدف تخفيف الضغوط على الفقراء. ونوهت الصحيفة إلى أن المتشددين لديهم مؤسسات قوية تحت تصرفهم، تتراوح من القضاء إلى مسئولين رفيعي المستوي فى الاستخبارات الإيرانية والتلفزيون الإيراني. ولديهم الكثير على المحك قبل معركة الانتخابات البرلمانية التى ستجري عام 2016 وهدفهم فى الفتره المقبلة هو تصوير روحاني بمظهر الضعف ومن ثم تقويض شرعيته الشعبية. وقالت الصحيفة إنه بالنسبة لبعض المتشددين فإن روحاني يمكن أن يشكل تهديدا حيث تعد محاولاته روحاني لإصلاح الاقتصاد، الذي أساء إدارته الرئيس السابق محمود أحمدي نجادي، والتعامل مع العقوبات الدولية هي أهم طلبات الشارع الإيراني إلا أن الأمر قد يعرض المصالح الخاصة إلى الخطر، فمنذ توليه الحكم بدأت إدارته في البحث عن غموض اختفاء مليارات الدولارات التي بددها النظام السابق في سعيه للتحايل على العقوبات المالية. أما الآن مازال بإمكان روحاني التعويل على دعم المرشد الأعلى خامنئي الذي حذر السبت الماضي من أنه يجب إعطاء الحكومة الحالية بعض الوقت، ولكن هذه المساندة تعتمد وإلى حد كبير على مقدرة روحاني على التوصل لاتفاقية نووية شاملة لامد أطول تقود إلى إلغاء العقوبات حيث ستبدأ الاسبوع القادم المحادثات بشأن إبرام اتفاق نهائي. ونقلت الصحيفة في ختام تقريرها قول تريتا بارسي رئيس المجلس الوطني الإيراني الأمريكي، والذي يضغط من أجل التعامل مع إيران" إذا فاز روحاني بشأن القضية النووية فإنه سيستحوذ على الكثير من رأس المال السياسي، وهذا هو رهانه الحقيقي في الوقت الراهن".