وسط أجواء امتزجت فيها مشاعر الفرحة والسعادة بسلامة الوصول إلي أرض الوطن، مع مشاعر الحزن والأسي علي ما لاقوه من متاعب وأهوال خلال رحلة العودة، وصلت إلي مطار القاهرة مساء الخميس إحدي رحلات مصر للطيران القادمة من طرابلس، وعلي متنها 300 مصري، لم يصدقوا أنهم وصلوا إلي مطار القاهرة، ومنهم من سجد حمدا وشكرا لله علي عودته سالما، ومنهم من قبل أرض المطار في مشهد إنساني مثير. التقت بوابة الأهرام المهندس أحمد الحسيني فقال: الحمد لله علي عودتنا إلي أرض الوطن مرة أخري، فلقد تعرضنا لأسوأ ظروف، من الممكن أن تقابل إنسانا أو حتى "غير بني آدمين"، حيث تعرضنا لألوان الاضطهاد من سلطات الأمن. أضاف: سافرت إلي طرابلس منذ أربعة أشهر تقريبا، وكانت الأمور طبيعية إلي حد ما، إلا أن الأوضاع في المنطقة حركت الثورة، وانقلبت الحال تماما، وسرعان ما تحول الأمر إلي ضرب نار ومواجهات دامية، والذي ساعد علي تصاعد الموقف أن هناك قبائل كثيرة تحول الأمر إلي ثأر وانتقام وفجأة ازداد الموقف سوءا، خاصة في معاملة المصريين، وكان هناك تعمد واضح لتتبع المصريين وإذلالهم وضربهم، حتي إنني أمضيت 3 أيام في مطار طرابلس رأينا خلالها كل أصناف الإهانة علي يد المرتزقة. تدخل ماهر طنطاوي من الإسكندرية قائلا: أوجه استغاثتي لكل المسئولين في مصر، بداية من المجلس العسكري، لإنقاذ المصريين في ليبيا، حيث إن حياتهم مهددة ويتعرضون للإهانة والضرب، وهناك اعتقاد أن المصريين يساندون الشعب الليبي في مظاهراته. قال محمد ماهر: كنت أسكن في منطقة هادئة إلي حد ما في طرابلس، ولم تكن هناك خطورة لوجود أفراد الأمن بالشوارع. وفي العصر كان يتم إغلاق المحلات التجارية ويذهب كل مواطن إلي منزله، لكن بعد تصريح سيف الإسلام القذافي منذ عدة أيام، تفاقم الأمر وثارت المعارضة، خاصة بعد أن وصف المصريين والتوانسة والأفارقة بأنهم أحد أسباب إثارة الفتنة، فبدأت الحرب علي المصريين بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة مثل الإهانة والذل والضرب الذي وصل إلي حد العنف. بنبرة يملؤها الحزن، قال أشرف توفيق إن العالقين في المطار بليبيا لا يعرفون ماذا يفعلون، وليس معهم أطعمة أو نقود، وفي وضع سيئ للغاية ويستغيثون سرعة التحرك لإنقاذ عائلات مصرية كاملة برجالها وسيداتها وأطفالها، خاصة أن من بينهم مرضي لا يجدون أدوية ويلاقون أسوأ أنواع المعاملة الإنسانية. من جانبه، صرح الطيار أيمن نصر رئيس مجلس إدارة شركة مصر للطيران للخطوط الجوية، بأن الشركة تسير الآن أكبر عدد ممكن من الرحلات وفقا لموافقات سلطات الطيران المدني الليبي، وتقوم بإرسال الطائرات العريضة والطرازات الكبيرة لاستيعاب أكبر عدد من المصريين الراغبين في العودة، كما تم إرسال أطقم إضافية من العاملين في مصر للطيران لإنهاء إجراءات عودة الركاب وتحميل الحقائب ومساعدة كبار السن. أضاف أن غرفة عمليات شركة مصر للطيران اضطرت إلي تعديل مسار بعض الرحلات المصرية بين القاهرةوطرابلس، بسبب إغلاق المجال الجوي فوق مدينة بنغازي، لذلك تسلك الطائرات ممرا جويا آخر، عن طريق جنوب اليونان ومالطة، مما يزيد من وقت الرحلة حوالي ساعة واحدة تقريبا. من جانبه، أكد محمد سراج الدين رئيس الإدارة المركزية لجمارك مطار القاهرة أن هناك تعليمات صدرت لجميع العاملين بجمارك المطار، بإعفاء جميع الركاب المصريين القادمين من ليبيا من الرسوم الجمركية، تقديرا للظروف القاسية التي تعرضوا لها، وعدم تمكنهم من إحضار أموالهم ومدخراتهم معهم، ومنحهم كل التسهيلات لخروجهم من الدائرة الجمركية بسهولة ويسر. في سياق متصل، طلبت شركة أوراسكوم للمقاولات من شركة مصر للطيران استئجار طائرة إيرباص 330 بأطقمها تتوجه إلي مدينة سرت لنقل العاملين بالشركة، ومازالوا عالقين هناك.