بدا أن الكيان الثوري الذي استمد قوته وتماسكه، من وحدة أطرافه وتوافقهم على أهداف واحدة كانت جامعة لهم، يتعرض لأكبر انتكاسة بسبب ظهور الفوارق السياسية بين مكوناته الرئيسة، التي صاحبتها الاتهامات بالتخوين السياسي والعمالة للخارج. فدعوات التظاهر التي كانت دومًا أحد مقومات قوة وإظهار تماسك القوى الثورية، بدأت في التداعي بعد الانتقادات العنيفة التي وجهتها العديد من القوى الثورية والشبابية لدعوة حركة شباب 6 إبريل للتظاهر عصر اليوم الأربعاء، للتنديد بإطلاق سراح الرئيس الأسبق حسني مبارك، بوصفه ليس خيانة لثورة يناير وإنما تمهيدًا لعودة دولته من جديد. وكانت الحركة التي أسسها أحمد ماهر، قد دعت لوقفات احتجاجية بالعديد من المحافظات المصرية والقاهرة للتنديد بإخلاء سبيل مبارك والمطالبة بإعادة محاكمته في كل ما نسب إليه من تهم خاصة قتل المتظاهرين السلميين، وتحقيق القصاص والتأكيد على مطالب الثورة. بالتزامن مع تلك الوقفات الاحتجاجية التي حددت لها الحركة مناطق حيوية داخل القاهرة مثل عباس العقاد، وروكسي وطلعت حرب، وأمام نقابة الصحفيين وإمبابة وشارع الهرم بالإضافة لوقفات مماثلة في محافظات: بورسعيد وكفر الشيخ والقليوبية وشمال سيناء والمحلة والمنصورة والشرقية والإسكندرية والفيوم وبدأت فعليًا من خلال بدء التوافد عليها من قبل مؤيديها، أطلق حلفاؤها من بقية القوى الثورية صيحات استنكار سياسي لا تخلو من انتقاد مع تأكيد رفضهم المشاركة فيها، بل والحشد المناوئ ضدها. رغم أن أهداف تلك الوقفات لا تقتصر على إدانة أحكام البراءة التي نالها مبارك مؤخرًا، وإنما تتسع لتشمل التنديد بعودة جهاز أمن الدولة لسابق ممارسته تجاه إهدار الحريات العامة التي تمتع بها المصريين بعد 25 يناير، وشملت الاعتقالات العشوائية وعودة زوار الفجر وتلفيق التهم وإطلاق الشائعات الكاذبة على المعارضين، إلا أنها لم تشكل حافز قويًا لبقية القوى للمشاركة فيها وحث أنصارها على الخروج لدعمها. ما يمكن اعتبار الحشد اليوم بمثابة مؤشر على ثقل الحركة داخل الشارع المصري. إزاء تلك الوقفات، أكد خالد المصري المتحدث باسم حركه شباب 6 أبريل، أننا دعوتنا لمظاهرات اليوم للمطالبة بالقصاص والتنديد بالإفراج عن مبارك، قائلاً: خروج مبارك من محبسه معناه إجهاض لثورة 25 يناير، خاصة أن ما حدث في 30 يونيو ليس إلا تصحيحاً لمسار 25 يناير وليست ثورة جديدة ، مشيراً أن خروج مبارك معناه عودة أمن الدولة والدولة البوليسية، وكأن ثورة لم تقم ولم يسقط شهداء ولم تزهق أرواح فداء هذا الوطن. وأضاف المصري أن لم تعلن أي قوى ثورية حتى الآن مشاركتها في التظاهر. إلا أن بقية القوى الثورية لم تشاركه وجهة النظر تلك، فمن جانبه أكد محمد عطية عضو المكتب السياسي لتكتل القوى الثورية، على رفضه للنزول أو المشاركة في تلك الوقفات التي دعت إليها حركة شباب 6 إبريل. وفي تحد كبير طالب عطية جميع شباب الثورة والقوى السياسية والحزبية بكل محافظات مصر، عدم المشاركة في تلك الوقفات، واعتبرها بمثابة عودة مقصودة لمشاهد الفوضى التي سادت الشارع المصري قبل فض اعتصامي رابعة والنهضة، وأن تلك المشاهد تستهدف مباشرة الشعب ومصالحه واستقراره قائلا: "لن نسمح مرة أخري لتكرار هذا المشهد من جديد في الشارع المصري". وانضمت تلك المعارضة، حركة الغضبة الثانية، حيث أكد منسقها العام هشام الشال وعضو جبهة يونيه، أننا داخل الحركة في تحالف جبهة يونيه نرفض تماما مظاهرات حركة 6 إبريل أو أي مظاهرات تدعو إليها قوى أخرى، لكونها ستقود لإحداث فوضى كبيرة داخل مصر في توقيت نحن بحاجة إلى الاستقرار والتهدئة السياسية، كما أن التنديد بإخلاء سبيل مبارك ليس له أي حاجة أو داعي لا أننا ندرك تمامًا أن مبارك لن يشارك في العمل السياسي مستقبلا بسبب عاملي السن وافتقاد الشعبية، كما أننا كتكتل ثوري لن نسمح مطلقًا بعودة أمن الدولة كجهاز أم ممارسات لسابق عهده من جديد، أو كل ما ترددت أصداه في وقفات حركة 6 ابريل اليوم. واتفقت معه أيضًا مي وهبة عضو اللجنة المركزية لحمله "تمرد" بقولها: إننا لا نؤيد أي مظاهرات أو حركات احتجاجية في الوقت الحالي. ونفت مي بشكل قاطع مشاركة أنصار تمرد في وقفات حركة 6 إبريل اليوم، مؤكدة أن ما يقال حول مشاركتها في مظاهرات اليوم ليس له أي أساس واقعي. وأضافت أننا لا نريد التحدث عن حركة 6 ابريل حتى لا ندخل في صراع سياسي مع بعضنا البعض. كما رفض طارق الخولى وكيل مؤسسي حزب 6 إبريل الذي انشق عن الحركة منذ فترة وعضو تكتل القوى الثورية، النزول في أي تظاهرات بالوقت الحالي واعتبر تلك المشاركة تصب في صالح جماعة الإخوان، موضحا أن هذه الدعوات تطلق بالأساس من الخلايا النائمة للجماعة في بعض الحركات، فكل رموز نظام مبارك حصلوا على براءة في عهد الإخوان ومبارك نفسه حصل على براءة في أهم القضايا في عهد الإخوان، فلماذا لم تخرجوا في تظاهرات للتنديد بذلك في عهد الرئيس المعزول مرسى..؟!. واعتبر أنه يصعب أن لم يكن يستحيل، الحديث عن عودة نظام مبارك بسبب سقوط نظام الإخوان، مؤكدًا أن ثنائية الحزب الوطني المنحل وجماعة الإخوان المسلمون ولت لغير راجعة فاليوم هناك قوى سياسية جديدة ووعي أكبر من تلك القوى والشعب تجاه ثورته الحل حسب وجهة نظره أن يصدر تشريعا من وزارة العدالة الانتقالية، بتشكيل محاكم خاصة لمحاكمة مبارك ورموز نظامه بالإضافة لمرسى وقيادات الجماعة على ما شهدته مصر طوال الفترة الماضية من ممارسات في جميع النواحي والأصعدة، لكون لا القانون الجنائي أو قانون الإجراءات الجنائية الحاليان يمكن من خلالهما محاكمة مبارك محاكمة عادلة على جرائم الفساد السياسي والمالي وعمليات قمع الشعب وتجويعه على مدار 30 عاما مضت. أيد الموقف المعارض من مظاهرات 6 إبريل، عصام الشريف منسق الجبهة الحرة للتغير السلمي، حيث طالب جميع القوى الثورية بعدم المشاركة في تلك المظاهرات أو الاعتصام من أجل الحفاظ على الأمن وحياة المصريين والمنشآت العامة والخاصة للشعب المصري، ورفض إشاعة الفوضى وزعزعة الاستقرار داخل الشارع المصري من جديد. بل تساءل عن جدوى تلك التظاهرات اليوم بقوله: لا أعلم لماذا تصر حركه 6 إبريل على التظاهر في الوقت الذي تجد فيه الشارع المصري يعانى من الاحتقان السياسي، ومشاكل يومية.