كتب إليوت كوهين وهو أستاذ في كلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة, مقالاً نشرته صحيفة واشنطن بوست تحت عنوان "الهجمات الصاروخية لن تحل مشكلة سوريا"، استهله قائلاً إن "حرب الخليج أثبتت أن القوة الجوية هي إحدى الوسائل غير العادية للقوة العسكرية، وهذا لأنها تحقق الهدف المرجو دون الحاجة إلى تقديم أي التزام". ويحمل هذا الرأي أهمية خاصة في الوقت الراهن، حيث إنه يفسر سبب حماس الإدارة الأمريكية حول حملة الطائرات بلا طيار التي تشنها لاغتيال إرهابيي تنظيم القاعدة. كما أنه ينطبق على الهجوم الأمريكي المحتمل وقوعه ضد الحكومة السورية، رداً على استخدامها للأسلحة الكيميائية ضد مجموعة من السكان المدنيين. ويرى الكاتب أن "الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وضع نفسه في مأزق، حيث إنه لم يعد يستطيع مواصلة تجاهل الخط الأحمر الذي وضعه بشأن الأسلحة الكيميائية في سوريا". ورغم الشكوك التي أعرب عنها رئيس هيئة الأركان المشتركة علناً حول استخدام القوة في سوريا، فإن حجم ونطاق ووحشية انتهاك الحكومة السوريا للقانون الدولي من شأنه أن يرغم الرئيس الأمريكي على إطلاق الطائرات الحربية مجدداً صوب الشرق الأوسط. ويشير الكاتب إلى أن "الإدارة الأمريكية تحاول الآن تكرار نهج الرئيس الأسبق بيل كلينتون الذي يتألف من شن وابل من الهجمات الصاروخية غير المجدية، يليه تهنئة النفس على ما تم إحرازه من نجاح ثم محاولة لتغيير الموضوع". ولكن هذا النهج لن ينجح في سوريا، حيث إن نظام الأقلية الذي يقاتل من أجل الحفاظ على بقائه - مثل نظام الرئيس السوري بشار الأسد- سيكون قادراً على الصمود أمام بضع عشرات من الهجمات الصاروخية. وعلاوة على ذلك، لن تتمكن الولاياتالمتحدة من خداع خصومها وحلفائها على حد سواء، إذ أن موقفها في المنطقة، سيبدو أكثر ضعفاً مما هو عليه الآن، إذا اختارت التحرك بصورة غير فعالة، حيث إن شن موجة من الهجمات العلاجية، يعد نهجاً أكثر خطورة من الامتناع عن التدخل على الإطلاق. ويوضح الكاتب أن أي حملة قصف جادة سوف تركز على أهداف هامة، مثل سلاح الجو السوري، الذي يمنح نظام الأسد معظم مميزاته العسكرية بالمقارنة مع الثوار، بالإضافة إلى نظام الدفاع الجوي والمطارات التي تصل إليها المساعدات القادمة من إيران. ولكن إذا اختارت إدارة أوباما توجيه أي نوع من حملات القصف، ينبغي عليها مواجهة بعض الحقائق الثابتة. فمن ناحية، لن يكون لحملة القصف تأثير علاجي كما يأمل بعض مؤيديها. إذ تنطوي أي حملة قصف جادة على سقوط ضحايا من المدنيين على يد القوات المغيرة، وقد تتكبد الولاياتالمتحدة والقوات المتحالفة معها بعض الخسائر أيضاً. ومن ناحية أخرى، سوف تحتاج الإدارة الأمريكية إلى تفويض من الكونغرس. فرغم التزامه المعلن بالشفافية وأحكام الدستور، أحجم أوباما عن الحصول على تفويض باستخدام القوة من الكونغرس، لاسيما في ليبيا عام 2011. ولكن ينبغي الحصول عليه في سورية لأن التدخل هناك سينطوي على استخدام هائل للقوة العسكرية، مما سيجعله عملاً من أعمال الحرب. وعلاوة على ذلك، من غير المرجح أن تشهد حملة القصف نهاية قاطعة. فعندما أعلن الرئيس أوباما عن اقتراب نهاية الحرب مع تنظيم القاعدة، تجاهل حقيقة هامة، وهي أن الحرب لعبة ذات طرفين، وأن الطرف الآخر، هو الذي يحدد موعد انتهائها. وفي حالة سوريا، من غير المرجح أن تمضي الحكومة السورية أو حلفائها الإيرانيين والروس والصينيين إلى تجاهل حملة القصف. حيث ستكون واشنطن مخطئة، إذا اعتقدت أنه بإمكانها شن هجمات جوية لمدة يوم أو يومين ثم إعلان النصر والخروج دون مشكلة، فمن المؤكد أن تداعيات هذه الهجمات سوف تتردد في البلدان المجاورة لسوريا وفي الولاياتالمتحدة أيضاً. ويقول الكاتب إن "عدم التصرف على الإطلاق يعد خياراً خطيراً أيضاً في المرحلة الراهنة. فقد وصلت المذابح في سوريا إلى نفس مستوى وحجم المذابح التي شهدتها رواندا، ولكنها تحدث في منطقة ذات أهمية إستراتيجية كبيرة". وعلاوة على ذلك، فقد أصبحت مكانة الولاياتالمتحدة على المحك، حيث لن يتعامل أي شخص مع تهديدات الرئيس أوباما بجدية، إن لم يتحرك في سوريا. ويختتم الكاتب المقال بالإشارة إلى أن "السؤال المطروح أمام الرئيس أوباما الآن هو ما إذا كانت الأمور ستزداد سوءاً، إذا أقنع نفسه بأنه وجد وسيلة لحل الأزمة السورية بأدنى التكاليف". http://www.washingtonpost.com/opinions/syria-will-require-more-than-cruise-missiles/2013/08/26/8c8877b8-0daf-11e3-85b6-d27422650fd5_story.html