تكاتفت الطبيعة مع النمط الغذائي والحياتي والظروف الاجتماعية والمتغيرات الطارئة التي تمر بها مصر حاليًا على صحة المصريين فزادت من معدلات إصابتهم بالاكتئاب والتوتر والحساسيات، وكان الضحية الأولى لهذا التحالف هو الجهاز التنفسي نظرًا لما تشهده مصر من فترة خماسين وازدحام مروري وتلوث هوائي، بالإضافة إلى انتشار الروائح المنبعثة من القنابل المسيلة للدموع وقنابل المولوتوف. وترجع زيادة معدلات إصابة المصريين بالحساسية التنفسية وأزمات الربو، إلى رياح "الخماسين" التي تهب على مصر في الفترة من فبراير إلى يونيه من كل عام محملة بآلاف الأطنان من الرمال والأتربة، إلا أنها نادرًا ما تهب أكثر من يوم أو يومين في الأسبوع الواحد خلال هذه الفترة وتزيد نسبتها في أبريل. وتتعاون رياح الخماسين مع التلوث الهوائي الذي تشتهر به مدينة القاهرة في مضاعفة أعراض حساسية الصدر التي ترتفع نتيجة للتكدس المروري وتعرض المواطنين لعوادم السيارات إلى ثلاثة أضعاف معدلاتها خاصة بين الأطفال. الانتظار في إشارات المرور يحدث في حيز ضيق مما يؤدي إلى استنشاق المزيد من الغازات الضارة المنبعثة من عوادم السيارات خاصة القديمة منها ومن بينها غاز ثاني أكسيد الكربون الخانق وغاز أول أكسيد الكربون القاتل الصامت الذي يعطل عمل الهيموجلوبين في الدم فيصبح غير قادر على حمل الأكسجين. ويزيد تلوث الهواء ومخلفات عوادم السيارات من معدلات نزلات البرد، ووجود التلوث مع الفيروسات يعني المزيد من حساسية الصدر والأزمات التنفسية، وللبيئة دور كبير في حدوث أمراض الجهاز التنفسي وتطورها ومضاعفتها بالإضافة إلى الوراثة والمناعة. وأوضح الدكتور مجدي بدران عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة واستشاري الأطفال وزميل معهد الطفولة بجامعة عين شمس أن انبعاثات السولار في الهواء تسبب زيادة شدة ومدة نوبات الربو حيث تنبعث 40 مادة سامة من عادمه محملة بجسيمات الكربون الصغيرة جدا في الحجم، والتي يمكنها الوصول بسهولة إلى رئة الإنسان، مسببة "برمجة" الجهاز المناعي خاصة لدى الأطفال نحو الحساسيات، وما يستتبع ذلك من إنتاج المزيد من الخلايا التحسسية بشكل عام. وأشار إلى أن التوتر يزداد في إشارات المرور المزدحمة مما يعني مناعة أقل ومعاناة أكثر لمرضى الحساسية، وأن الازدحام في المنازل يهدد أيضا سلامة الجهاز التنفسي خاصة مع سوء التهوية وتراكم الأتربة وانتشار الحشرات والتدخين السلبي. وقال بدران "إن التكدس في غرفة النوم يضاعف من معدلات الالتهابات التنفسية لاسيما في غرف نوم الأطفال حيث ترتفع هذه المعدلات إلى 10.5$ إذا اشترك 6 أطفال في غرفة النوم من بينهم طفل واحد مصاب بالربو. وأكد أن هناك 10 نصائح تساعد على سلامة الجهاز التنفسي ومنها استعادة رئة الأرض بزرع الأشجار خاصة في الشوارع المزدحمة، وحول إشارات المرور، ومحاربة التلوث البيئي ونقل المصانع والورش الصناعية خارج المدن، والتخلص من القمامة أولا بأول، ومراقبة تلوث الهواء، ونشر التثقيف الصحي الخاص بسلامة الجهاز التنفسي، وتشجيع المواطنين خاصة الأطفال على التخلص من القتل البطىء من التدخين السلبي، ومحاربة الاستهلاك العشوائي للأدوية خاصة المضادات الحيوية، وممارسة الرياضة المعتدلة والمنتظمة، والتهوية الجيدة للأماكن المغلقة، واستخدام الأقنعة عند التعرض لهواء ملوث بالأتربة، وغسل الأيدي بالماء والصابون، والاهتمام بالتغذية الجيدة وشرب الماء والسوائل بوفرة.