إن من أعظم خصائص شهر رمضان أنه شهر تفتح فيه أبواب الرحمة، فعن أبى هريرة رضى الله عنه، عن النبى صلى الله عليه وسلم: «إذا كان رمضان فتحت أبواب الرحمة، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين» ومن أبواب الرحمة فى رمضان أنزل فيه القرآن يقول الله تعالي: «شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ». البقرة: 185 قال تعالى فى كتابه الكريم: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَيٰ أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى» المائدة -8، لا فرق بين عربى ولا عجمى إلا بالتقوى والصوم يرمز لمحتوى الإسلام كله، فلأن فى شهره المبارك نزل القرآن العظيم الذى يهدى البشرية جمعاء ويسعدها، ولأن فيه ليلة القدر التى هى خير من ألف شهر، كما أنه شهر الخير والتوبة والرحمة والمغفرة والعتق من النار والثواب الحسن وزيادة الأجر، وشهر الإيمان والإحسان، فيه تفتح أبواب الجنان، وتغلق أبواب الجحيم، وتصفد الشياطين. وإن مفهوم العدل يعبر عن الإنصاف، كما يُعبر عن معاملة الناس بشكل متساوٍ، وعدم الانحياز لفئةٍ معينة، أو تعريضهم للظلم أو التعامل معهم بعنصرية، وذلك من خلال سن القوانين الاجتماعية، والسياسية، والجنائية، والتى من شأنها تحقيق الإنصاف بين أفراد المجتمع فى مختلف المجالات الصحية، والتعليمية، وحتى فى مجال الأعمال، وبصرف النظر عن أجناسهم وأعراقهم، كما يتجلى دور هذه القوانين فى منح أفراد المجتمع الفرص المتساوية فى الحياة، بالإضافة إلى حمايتهم فى مختلف المجالات الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادى والقضاء على الغرور عند الناس الذين يظنون بأنّهم أفضل من غيرهم. التخلص من الوهن وضعف العزيمة عند الناس الذين يظنون أنهم دون غيرهم. وتحقيق الأمن والاستقرار فى المجتمع واطمئنان أفراده بسبب شعور كل فرد بأنه ليس أقل من غيره وأنه يحصل على كل حقوقه مثل غيره تماماً. ومن ثمرات الصيام الاجتماعية تحقيق المساواة الفعلية بين جميع الناس الأغنياء والفقراء، وتوحيد مشاعرهم، وإحساسهم بالرباط الأخوى الخالد فيما بين المؤمنين، وتعود النظام والاقتصاد فى المعيشة، وضرورة الاشتراك فى السراء والضراء، مما يفهم أن القوة مع الاتحاد والتعاون، وأن النصر حليف الصبر، وأن العزة والكرامة أساسهما الجهاد والإيثار والرحمة والمحبة، وأن غلبة الحق واندحار الباطل مرهون بطاعة الله وتقواه، واحترام حدوده، واجتناب نواهيه، والتخلق بأخلاق الصائمين الصادقين التى من أخصها حفظ اللسان وغض البصر وتجنب الزور والبعد عن الخصومات والشحناء التى تضعف الأمة وتفرق الجماعات؛ روى عن أبى هريرة رضى الله عنه: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس له حاجة فى أن يدع طعامه وشرابه من أجلي»، أى من أجل الله تبارك وتعالي. وفى الجملة أن للصوم فوائد كثيرة صحية واجتماعية وأخلاقية ودينية معروفة قال رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام فيما معناه «لو يعلم العباد ما فى رمضان – أى من الخير – لتمنت أمتى أن تكون السنة كلها رمضان».