اشتعلت النيران في كاتدرائية نوتردام التاريخية بباريس خلال حملة ترميم، ودمر الحريق معظم سقف الكاتدرائية، والبرج، وبعض أجزاء قبو في 15 أبريل 2019، وأغلقت أبوابها في وجه زائريها منذ ذلك التاريخ وحتى الآن. وتعد كاتدرائية نوترودام رمزًا للعبادة المسيحية في باريس على مر القرون، ترتبط ارتباطًا وثيقًا بتاريخ فرنسا، بُنيت في القرن الثاني عشر، وأجري تعديل فيها في القرن الثامن عشر، ثُم رممت في القرن التاسع عشر. تبدأ قصة نوتردام مع ازدهار المدينة في القرن الثاني عشر بعد غزوات النورمان ومكوث أربعة باباوات هناك خلال هذا القرن، وظهور الكليات وجامعة الفلسفة واللاهوت، أدت الحملات الصليبية إلى القدس إلى تشريد الآلاف من المؤمنين على الطرق، وكانت منطقة "جزيرة المدينة" Île de la Cité محطة توقف أساسية لعبور نهر السين ومنها يدخل المسافرون إلى المدينة مما يولد نشاطًا تجارياً وطلباً للعبادة، فقام أسقف باريس موريس دو سولي ببناء كاتدرائية جديدة وواسعة للترحيب بالمؤمنين مكان "بازيليك القديس استيفان" أول كنيسة مسيحية في باريس، بنيت أعمدتها بالتراث الزخرفي والهندسي المسيحي التقليدي للكنيسة الكاثوليكية، وزُينت بمجموعة من النوافذ الملونة على شكل نجمة شيدت في القرن الثالث عشر وتمثل أزهار الجنة ويبلغ قطرها 13 متراً، ورسم داخلها صور تجسد الأنبياء والقديسين والملائكة والملوك ومشاهد حياة القديسين في الإيمان المسيحي. تضاعف عدد سكان باريس في القرن الثالث عشر، وأعاد القديس لويس من القدس رفات آلام المسيح وأودعها في الكاتدرائية عام 1239، فأرتفع شأنها كدار للعبادة، وأخذت تتوسع وتتغير لتصبح نموذجاً للهندسة المعمارية الدينية. أصبحت المملكة تحت حماية نوتردام دي باريس بناءً على رغبة لويس الثالث عشر في القرن السابع عشر، إلا أنها تعرضت لسوء المعاملة بسبب سوء الأحوال الجوية والثورة ، وكادت تنهار في القرن التاسع عشر، إلا أنها انتعشت شعبيتها بعد رواية "أحدب نوتردام ل فيكتور هوجو، مما دفع الدولة إلى ترميمها والاهتمام بها في القرن التاسع عشر.
مقتنيات الكاتدرائية تضم الكاتدرائية عدة مقتنيات هامة ذات أهمية دينية وتاريخية منها الكاتدرائية لوحات نادرة للعديد من الفنانين مثل"بيكاسو"، ولوحات تعود لعصر لويس الثاني عشر، ولويس السادس عشر، ونابليون بونابرت، ومن أهمها: الإكليل المقدس هو أثمن المقتنيات، وهو عبارة عن جزء من التاج الأصلي للأشواك الموضوعة على رأس السيد المسيح أثناء صلبه، أصله من القدس، أُعطي للملك لويس التاسع في عام 1238، والذي بني كنيسة سانت تشابيل في باريس خصيصاً ليُضع فيه، وتم نقله لاحقًا إلى نوتردام، ووزعت أجزاء من الشوك حول العالم إلا أن البقايا الموجودة في نوتردام هي الأصلية ويتكون الإكليل من حلقة من فروع النباتات البرية مجموعة في حزمة ومربوطة بخيط ذهبي يبلغ قطرها 21 سنتيمتراً وعليها الأشواك وهو مغطي بأكمله بالكريستال الصخري، بالإضافة إلى قطعة من الصليب ومسمار من المسامير التي استخدمت في صلب المسيح وجميعها يعود إلى فترة آلام المسيح. الأروج العظيم وهي أكثر القطع ضخامة، بُنى عام 1403 ويتكون من 8000 أنبوب لتوزيع الصوت، حُدث وجُدد عدة مرات منذ ذلك الحين، وآخرها في عام 2013، وتمت توسعتها وإضافة أجزاء إليه إلا أن بعض الأنابيب الحالية تعود إلى عصر القرون الوسطى. سترة القديس لويس هي ثوب من الكتان من القرن الثالث عشر قيل إنه ينتمي إلى الملك لويس - الملك الفرنسي الوحيد الذي أصبح قديسًا، توج لويس في عام 1226، وشارك في الحملة الصليبية السابعة وتوفي خلال الحملة الصليبية الثامنة في عام 1270،وتم طيه في عام 1297، كما حصل على لقب الشوك. تمثال النزول من الصليب تُعد من القطع الفريدة في الكاتدرائية من نحت نيكولاس كوستو ويقع على مذبح نوتردام العالي. العذراء والطفل ويُعرف باسم نوتردام دي باريس تشترك فيه الكاتدرائية مع اسمه وهو يصور العذراء مريم والسيد المسيح، نحت في القرن الرابع عشر، ونقل إلى نوتردام في عام 1818، كما يوجد 37 تمثالاً منحوتاً للعذراء تعود إلى منتصف القرن الرابع عشر بينها واحد شفاف هو الأكثر شهرة في الكاتدرائية. أجراس الكاتدرائية تحتوي كاتدرائية نوتردام على 10 أجراس، أقدمها إيمانويل ، تزن 13 طنًا أنشئت في القرن الخامس عشر ، ثم إعادة طلائها عام 1681. تمثال القديس دينيس هو قديس باريس من أعمال نيكولاس كوستو في آخر القرن الثامن عشر وصوره يعظ في الكاتدرائية. لوحة القديس توما الأكويني صُنعت هذه اللوحة التي صنعت في القرن السابع عشر وأعطيت للكاتدرائية في عام 1974، وتصور القديس وناس الذين يشربون من ينبوع الحكمة.