عبدالله عبدالسلام حتى نهاية الثمانينيات، ظلت الحياة هادئة، إن لم تكن رتيبة، فيما يتعلق بالعملية التعليمية. تدخل الوزارة نادر، والتغييرات طفيفة. اهتمام أولياء الأمور كان عاديًا، سواء تعلق الأمر بالدروس الخصوصية التي أطلت برأسها على استحياء أو بالامتحانات. تدريجيًا، بدأت الهزات تضرب النظام التعليمي إلى أن وصلنا للتغييرات الكاسحة الجارية حاليًا. ليس هنا مجال التقييم بالإشادة أو النقد، لكنها محاولة فهم لماذا زاد اهتمام أولياء الأمور خاصة الأمهات بالتعليم ، وهو بالمناسبة اتجاه عالمى من السهل ملاحظته، خاصة مع الانقلاب الذى أحدثه كورونا على الحياة وتحديدا التعليم. قبل أيام، قرأت شكوى مريرة من أمهات على موقع إخبارى أمريكى نتيجة تلقى أولادهن التعليم بالمنزل والتأثيرات الاجتماعية والنفسية السلبية على التلاميذ الذين يقول بعضهم إنهم لا يريدون الذهاب للمدرسة بعد الآن. انتقدت الأمهات مسئولى التعليم بشدة، وقلن إن ما يفعلونه يضر أكثر مما ينفع. قلق الأمهات طبيعى ومطلوب، خاصة مع حدوث تطورات شبه يومية وتغيير فى مواعيد الامتحانات وعطلة نصف العام. صحيح أن بعضهن يبالغن بالقلق ويتدخلن فى أمور من صميم وظيفة الوزارة لكن الرد لا يكون بتوبيخهن والقول لهن «إن التدخل السافر فى العملية التعليمية غير مقبول، وأن الناس بتفاصل فى كل حاجة، واحنا بنقولهم التعليم مش سوبر ماركت» كما جاء على لسان وزير التعليم. لا يكاد يمر يوم إلا وتخرج تصريحات أو تفسيرات من الوزارة بشأن مختلف جوانب العملية التعليمية، ومع ذلك يتزايد قلق الأمهات، مما يعنى أن هناك مشكلة تواصل..إما أن الرسالة لا تصل بطريقة يفهمها أولياء الأمور، أو أن التحديثات الكثيرة على مواقف الوزارة تصيب الناس بالتخبط، فلا يملكون إلا الشكوى والنقد وربما الاحتجاج. وهذا أمر طبيعى، فمن حقهم القلق ومن واجب الوزارة بذل أقصى جهدها لتوضيح أى التباس. متابعة الأمهات للعملية التعليمية ومراقبتها إيجابى للغاية وديمقراطى أيضا. نعم، المسألة تحتاج لترشيد وهدوء، لكن ذلك ينطبق على كل أطراف العملية التعليمية. ليس من المصلحة أبدًا الوصول بلغة الحوار إلى الاتهامات والتنابذ بالكلمات والترصد للآخر.