عبدالله عبد السلام أفق جديد الشيطان يكمن فى التفاصيل، وفى اللقاحات أيضا. حالة تفاؤل تلف العالم بعد إعلان شركة موديرنا الأمريكية أن لقاحها المرتقب بلغت فاعليته حوالى 95%، بعد أن كانت فايزر و بايون تيك قد أعلنتا قبل أيام أن فاعلية لقاحهما 90%. عقب شهور رعب طويلة من كورونا ، يحق للبشر الفرح، وأن تصعد مؤشرات البورصات أملا بتعافى الاقتصاد العالمى سريعا. تجارب الماضى، تتطلب الحذر من أخبار تتداخل فيها السياسة والحلم بالمكاسب الهائلة، مع العلم بأنها ليست أخبارا كاذبة، ولكن قد يكون مبالغا فيها. فلا يزال يتعين تأكيد النجاح من خلال تجارب نهائية خلال أسابيع. باحثون أثاروا مشكلة نقل اللقاح من دولة لأخرى، لأنه بحاجة لتبريد فائق. ومن شبه المستحيل للدول الفقيرة، تخزين اللقاح بشكل سليم دون وجود أجهزة معينة باهظة التكلفة. ثم إن سعر الجرعة الواحدة من لقاح موديرنا 37 دولارًا، أى 580 جنيهًا مصريًا، أما لقاح فايزر ، فيبلغ 315 جنيهًا. هذه الأسعار العالية ستحد من شراء جرعات كبيرة. المشكلة الأخرى، أن أمريكا دفعت لموديرنا 5٫2 مليار دولار للحصول على 20 مليون جرعة بشكل مبدئى، أى أن الأولوية ستكون للأمريكيين. ومن هنا، سيتأخر وصول الجرعات للدول الأخرى، خاصة الفقيرة بعض الوقت. لكن الأسئلة التى طرحها الباحثون، ومنهم محرر الجارديان العلمى، أكثر أهمية. ما هى مدة مناعة اللقاح ، وهل سيكون فعالا مع كبار السن الذين تكون مناعتهم أضعف؟، وما مدى نجاحه مع غير البيض، الذين توفى مصابوهم بأمريكا بمعدلات غير متناسبة مع البيض؟. تساؤل آخر: هل تنتفى إجراءات التباعد الاجتماعى بتناول اللقاح؟ ورغم كل هذه التساؤلات، يبقى أن البشرية أنجزت خطوة مهمة. يكفى أن الشركة الأمريكية لن تفرض براءات اختراع على لقاحها طوال مدة انتشار كورونا ، بما يتيح للدول الأخرى إنتاج نسخ منخفضة التكلفة منه. كما أن إعلان شركات عديدة قرب التوصل للقاح يعنى أن فرصة النجاح أكبر. وكما يقول المثل الغربى: طائر سنونو واحد لا يدل على قدوم الصيف، لكن أكثر من واحد يؤكدون أن الطقس الأفضل فى الطريق. * نقلًا عن صحيفة الأهرام