** لا حديث في الصحافة الرياضية العالمية ، في هذه الآونة الأخيرة، إلا عن "القنبلة" التى فجرها النجم الأرجنتينى ليونيل ميسي لاعب برشلونة ، بإعلان رغبته في الرحيل عن البارسا هذا الموسم دون الانتظار إلى نهاية عقده في 2021. وكان واضحًا تمامًا أن ميسي اتخذ خطوات قانونية في طلبه هذا عندما، حرص على إبلاغ رغبته في الرحيل عن طريق فاكس رسمى ويطلق عليه "بيروفاكس" وهى خدمة تسمح بإرسال وثائق عاجلة من شخص إلى آخر، وتمثل في الوقت نفسه دليلًا يعتد به أمام جهة ثالثة، وهى هنا القضاء الإسبانى أو الاتحاد الأوروبى لكرة القدم أو الاتحاد الدولى "فيفا". وبمعنى آخر، يعتبر هذا ال"بيروفاكس" نوعًا من الاتصال ذى القيمة عند استخدامه كدليل دامغ في حالة اللجوء إلى جهات قضائية، طالما أن نص الرسالة والمرسل والجهة المقصودة وتاريخ الإرسال كلها مثبتة ومعتمدة في هذا الفاكس الرسمى. ومن بين استخدامات هذا "البيروفاكس" مسألة تجديد أو فسخ عقد ما. ما سبق يجيب عن سؤال: لماذا أبلغ ميسي قراره بالرحيل عن طريق "البيروفاكس". تعالوا نبدأ القصة من البداية.. كل الشواهد كانت تؤكد أن ميسي مصمم على طلبه وأنه عقد العزم على الرحيل، ليس فقط بسبب الهزيمة المذلة من بايرن ميونيخ في دوري أبطال أوروبا "الشامبيونزليج" (2/8)، وإنما لأسباب أخرى كثيرة منها، عدم ارتياحه لحديث الهولندي رونالد كومان المدير الفنى الجديد ل برشلونة ، والذى بدأ حديثه معه بقوله: الامتيازات انتهت.. سوف أكون صارمًا وغير مرن.. علينا أن نفكر في الفريق وسبل إنقاذه. هذه الجملة كانت هى "القشة التى قصمت ظهر البعير" وإن دلت على شىء فإنما تدل على عدم كياسة وفطنة المدرب الهولندى الذى كان يتعين عليه أن يحتوى غضب النجم الأرجنتينى بدلًا من التلفظ بكلمات حادة تثير مخاوف ميسي أكثر من تهدئتها لثورة غضبه. والأكثر من ذلك، أن كومان تلقى مكالمة تليفونية أثناء الحديث مع ميسي، وكان الحديث بخصوص النجم الأوروجوياني لويس سواريز الصديق الصدوق لميسى، وكان كومان يتحدث عن رحيل هذا اللاعب وعدم حاجته إليه في خططه المستقبلية.. وسمع ميسي هذه المحادثة وأبدى امتعاضه، وكانت سببًا آخر في التعجيل بإرسال هذا الفاكس إلى إدارة برشلونة . وخرجت الصحافة الإسبانية والأرجنتينية لتؤكد أن كلام كومان أثار مخاوف ميسي وجعله يتمسك أكثر بضرورة الرحيل، وحملت الصحف كومان مسئولية إصرار "البرغوث" على قراره. ولأن كومان وهو من أساطير نجوم البارسا في نهاية تسعينيات القرن الماضى شعر بالذنب والخطأ، فقد طلب مقابلة أخرى مع ميسي لإصلاح الموقف وإقناعه بالبقاء مع الفريق لأنه يعتبره الركيزة الأساسية في مشروعه المستقبلى. وحتى كتابة هذه السطور لم تكن هذه المقابلة الثانية قد تمت. وفى المقابل، كان ميسي يتحرك في اتجاه صديقه ومدربه السابق بيب جوارديولا المدير الفنى لفريق مانشستر سيتى، لاستطلاع رأيه فيما يتعلق بإمكانية الانتقال إلى السيتى ، ويبدو أن جوارديولا طمأنه في هذا الشأن، بدليل أن خورخي والد ميسي وهو وكيل أعماله في الوقت نفسه، رفض التفاوض مع مسئولى نادى باريس سان جرمان وأبلغ البرازيلي ليوناردو المدير الرياضى لهذا النادى بأن رغبة ابنه تسير في اتجاه مانشستر سيتي. ولكن ذلك لم يمنع أندية أخرى من جس النبض، ومنها يوفنتوس الإيطالى الذى يسعى إلى تحقيق إنجاز تاريخي، يسجل له ولرئيسه أنييلي بأنه ضم إلى جانب رونالدو الحائز على 5 كرات ذهبية، النجم الفائز ب 6 كرات ذهبية، واللذين يمثلان معاً أفضل من أنجبت كرة القدم العالمية خلال العشرين سنة الأخيرة. وهناك أيضًا نادى إنترميلان الذى كان أبدى خلال الموسم رغبته القوية في شراء ميسى، وترددت وقتها شائعات قوية بعدما قام ميسي بشراء منزل في مدينة ميلانو معقل الإنتر. ولكن جوزيب ماريا بارتوميو رئيس نادى برشلونة لا يستسلم بسهولة، وقال: في حالة إصرار ميسي على الرحيل، فلابد أن نفعّل الشرط الجزائي وقيمته 700 مليون يورو، في حين يبدى ميسي ثقته في إمكانية الرحيل مجانًا بموجب بند في عقده يعطيه الحق في نهاية كل موسم باتخاذ قرار الرحيل من جانب واحد. ويرفض بارتوميو مقابلة ميسي إلا في حالة واحدة إذا كان سيتحدث عن تمديد عقده وليس الرحيل. والموقف على هذا النحو ينبئ بأننا سنشهد خلال الأيام المقبلة صراعًا قضائيًا بين الجانبين.. النادى الكتالونى الذى يتمسك باللاعب أو بالشرط الجزائى، وميسي الذي يلوح بالبند السابق في عقده.. يا ترى إلى أين سينتهى أمر هذا القضية؟ الإجابة قد تعرف بعد كتابة هذه السطور، أو خلال الأسابيع المقبلة على أقصى تقدير.