لم يصل رئيس أمريكى فى تأييده لإسرائيل، كما هو ترامب. أعطاها ما تريد، وما لم تتوقعه. منحها ما لا يملك، وهى لا تستحق: القدس و الجولان . تصور البعض أن أى رئيس آخر سيكون أفضل منه. النقاشات الحالية داخل الحزب الديمقراطى ، الذى تشير استطلاعات الرأى إلى أن مرشحه جو بايدن سيفوز بالرئاسة نوفمبر المقبل، لا تبشر بذلك. ربما اختلفت الوجوه لكن التوجهات الأساسية واحدة. الأمر لا يتعلق بالأشخاص بل بتأثير اللوبى اليهودى المتجذر، بحيث يتعين على أى سياسى أمريكى التفكير كثيرا قبل الإقدام على مساءلة إسرائيل أو الضغط عليها. حسب الدبلوماسى الأمريكى المخضرم بيتر مورلين، فإن التقدميين الذين زاد نفوذهم داخل الحزب، يمكنهم تغيير سياساته إزاء قضايا التغير المناخى أو إصلاح قوانين العدالة الجنائية، لكن عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، فإن طريقهم مسدود مسدود. فى أول يوليو الماضى، حصل السيناتور بيرنى ساندرز والتقدميون بالحزب على تنازل من حملة بايدن الانتخابية، مفاده تأكيد برنامج الحزب للانتخابات المقبلة أن للفلسطينيين حق العيش دون احتلال، فى إشارة مستترة لإسرائيل. لكن مجلة فورين بوليسى ، كشفت عن أن بايدن أمر مستشاريه بعدم إدراج أى كلمة عن الاحتلال الإسرائيلى . الدعم الأمريكى الأعمى لإسرائيل غير مرتبط بسلوك قادتها، بل هو من المقدسات. فقد انحاز نيتانياهو تماما لترامب والحزب الجمهورى، رغم أن قادة إسرائيل على مدى تاريخها رفضوا التدخل فى الشئون الداخلية الأمريكية، وحاولوا الوقوف على مسافة واحدة من الحزبين. لكن بالنسبة لبايدن المسألة ليست نيتانياهو، بقدر ما هى لوبى متغلغل داخل حزبه. ليس معنى ذلك أن بايدن لو فاز سيكون نسخة طبق الأصل من ترامب، فهو سيعيد العلاقات المقطوعة مع الفلسطينيين وسيضغط على إسرائيل لتحسين معاملتهم، لكنه لن يذهب بعيدا. الاحتلال سيبقى كلمة محرما على الدبلوماسيين الأمريكيين ذكرها، وما أعطاه ترامب لإسرائيل لن يتم التراجع عنه. وحده الكلام المعسول سيحل محل اللغة الفظة والمهينة لترامب، مع إشارات أو لفتات تدعو لمعاملة الفلسطينيين كبشر، وليس كشعب يطمح إلى أن تكون له دولته كبقية شعوب الأرض. * نقلًا عن صحيفة الأهرام