شكلت حوادث السيارات مادة ثرية في الصحف المصرية عبر التاريخ، نشرت الوقائع الجريدة الرسمية للدولة عدة قرارات تلزم سيارات النقل الثقيل بتحديد سيرها في عدد من الشوارع والأماكن في مصر بسبب الحوادث. يؤكد المؤرخون أنه رغم اختراع السيارات في نهايات القرن التاسع عشر، إلا انه حتى عام 1900م كانت السيارات جنبًا إلى جنب مع السيارات التي تجرها الخيول ، وفي مصر استقدم "الأمير حسن" أحد أفراد الأسرة الخديوة سيارة فرنسية تعمل بالبخار، إلى مصر بهدف استخدامها في الترفيه والمغامرة وقام برحلة بسيارته البخارية من القاهرة إلى الإسكندرية بصحبة اثنين من أصدقائه عام 1904، وقد قتلت في رحلتها الكثير من الخراف والماعز للفلاحين، واستغرقت الرحلة أكثر من عشر ساعات. عام 1935م بعد شيوع السيارات ودخول شركات في النقل، أوردت الصحف المصرية حادثًا غريبًا لقيام سائق سيارات شركة ثورنكروفت، بترك سيارته من أجل شرب كوب من الشاي ليعبث فيها صبي صغير ويقتحم جنازة تسير في شوارع القاهرة، ليكون الحادث من أغرب الحوادث التي نشرتها الصحف في ثلاثينيات القرن الماضي. أوردت مجلة الصباح تحت عنوان: "سلطان الكيف" تلك القصة الغريبة "شعر أحد سائقي ثورنكروفت ظهر يوم من أيام شهر رمضان بتعب شديد فقرر الإفطار ونزل من سيارته بالقرب من ميدان باب الخلق، ودخل إلي أحد المقاهي وانزوى في ركن منها ليتناول الإفطار والشاي بسبب تعبه، فصعد إلى السيارة المركونة أحد الغلمان وأخذ يلعب في جهاز تحريكها لتحدث الكارثة". تصادف مرور جنازة تحمل نعشًا فدخلت السيارة في الجنازة وصدمت اثنين من المشيعين تم نقلهما للمستشفي في حالة خطرة، وظلت السيارة تعمل وتسير إلي أن اصطدمت بجدار فتهشمت وقد تولي البوليس البحث عن سائق السيارة طويلا حتي عثر عليه، وهو ممسك بالجوزة "الشيشة". كانت شركة ثورنكروفت للنقل والسيارات من الشركات الأجنبية في مصر في عهد الاحتلال البريطاني، وتعمل في نقل السيارات وقد ذكرها الأديب جمال الغيطاني في إحدي قصصه فيما يعج التاريخ الاقتصادي المصري بمحاولات بعض رجال الأعمال في الحقبة الملكية في شراء أسهمها حتي تمكن عبود باشا ملك السكر في العهد الملكي من شراء أسهمها. يؤكد الدكتور عبداللطيف حمزة في كتابه "الصحافة العربية في مصر" أن الصحف المصرية كافة بعد دستور 1923م اشتركت في السخرية اللاذعة والتهكم، وانتشرت صور الرسوم الكاريكاتورية كتعبير عن الحوادث والأفكار والمواقف وتوجيه النقد اللاذع للأشخاص والهيئات، كما تم نشر الكثير من صور الإعلانات، إلا أنه بعد معاهدة 1936م قيد الاحتلال البريطاني الصحف المصرية . إعلانات الصحف المصرية في عام 1928م، قبل ظهور الحوادث العديدة للسيارات ومنها سيارات النقل قدمت الموديل الجديد وقوة المحركات؛ حيث تظهر صور الإعلانات القديمة التي نشرتها ذاكرة مصر الصادرة من مكتبة الإسكندرية الكثير من أنوع السيارات التي ظهرت في مصر وعن الوكلاء لها في محافظاتالقاهرةوالإسكندرية وأسيوط بصعيد مصر؛ حيث لم تكن سرعة السيارات بنفس السرعة في عصرنا الحالي ورغم ذلك أوقعت ضحايا بسبب تهور السائقين. في نهاية ثلاثينيات القرن الماضي أورد عدد من الصحف، الحوادث في الطريق الصحراوي، والذي كان يقضي سنويا على عشرات الضحايا بسبب أخطاء السائقين، وأوردت صورة عن اختراع غريب في الواحات البحرية بصورة حضور الوزراء لتجريبه، والاختراع الغريب يتمثل أن صاحب سيارة أتومبيل يمر على القرى في الصحراء لاستخدام سيارته في طحن الذرة والشعير والذرة حيث يتم لف سير الطاحونة علي عجلة السيارة فتسير الآلة بمحرك الأتومبيل. أما الوقائع الحكومية فقد كان عليها أن تنشر قرارات ملزمة لسيارات النقل بعدم السير في الشوارع المكتظة بالسكان بسبب كثرة الحوادث والتزامها بقوانين المرور وعدم السرعة، وهي القوانين التي تظهر لنا جغرافية القاهرة وعددا من محافظات مصر في أربعينيات القرن الماضي. من أرشيف الصحافة من أرشيف الصحافة من أرشيف الصحافة