وجه الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، رسالة إلى الباحثين والمتخصصين، ومختلف الناطقين باللغة العربية، بمناسبة افتتاح فعاليات مؤتمر اللغة العربية في إفريقيا، قال فيها: "حقيق بنا جميعًا أن نعني باللغة العربية، وأن نجتمع من أجلها، وأن ننظر في قضاياها، وأن نتدارس شئونها، وأن نسهّل على النّشء الجديد التّحدّث بها بفصاحةٍ وإبانةٍ وتبيين، ونيسّر سبل تعليمها لأبنائنا ولغير الناطقين بها في شتى دول العالم ما استطعنا إلى ذلك سبيلا". وأضاف: "تتطلب مكانة اللغة العربية منا ومن كل غيور عليها أن ننظر في قضاياها المعاصرة، وأن نتدارس فيما بيننا شئونها وأحوالها، وإنّ الآمال لمعقودةٌ عليكم، وأنتم أهل العربيّة وحماتها وحرّاسها، أن تتدارسوا شئونها، وأن تضعوا أمام الأجيال برامج ومشاريع عمليّةً تيسّر سبل استعمالها وتوظيفها والتّحدّث بها". جاء ذلك خلال كلمة ألقاها نيابة عن حاكم الشارقة، الدكتور عيسى صالح الحمادي، مدير المركز التربوي للغة العربية لدول الخليج بالشارقة، خلال المؤتمر الذي يعقد بالتعاون مع مجمع اللغة العربية في الشارقة، في العاصمة الموريتانية نواكشوط خلال الفترة من 5 وحتى 7 من سبتمبر الجاري. وتوقف حاكم الشارقة في رسالته عند تاريخ دخول اللغة العربية إلى القارة الإفريقية، حيث أوضح: أن "اللغة العربية في إفريقيا سكنت وتوطدت أصولها مع الفتوحات الإسلامية الأولى منذ دخول الفاتح عقبة بن نافع رحمه الله تعالى بلاد المغرب العربي، ثم انتشرت رقعتها واتّسعت، وترسّخت جذورها في هذه البلاد الطيّبة المباركة. وعلى الرّغم من الظروف الصعبة التي مرّت بها كثيرٌ من الدول الإفريقية في القرنين الماضيين جرّاء الاستعمار الغربي المتنوّع الذي حاول جاهدا تقويض أركان اللغة العربية والغضّ من شأنها، وصرْف الشعوب عنها إلاّ أنّ هذه اللغة الفريدة العصماء ظلّت واقفةً شامخةً تناطِح السماء، واستمرّت حيّةً كريمةً، واستعْصتْ على الزوال والاضمحلال؛ ذلك لأنّ وسائل حفظها كامنةٌ فيها. فيها كل مقومات البقاء والحياة والتّطوّر والاستمرار، وما على أبنائها والمهتمين بها إلاّ أن يجتهدوا في تطوير أساليب تعليمها، وتحفيز الأجيال لدراستها، وإحسان التواصل بها". وقال الوزير الأول الموريتاني إسماعيل بن اﻟشيخ سيديا في كلمة افتتاح المؤتمر: "إننا نقدر عاليا التعاون المثمر بين مجلس اللسان العربي وبين مجمع اللغة العربية بالشارقة، فهو تعاون يصب في بحر العمل المشترك لخدمة هذه اللغة، ويترجم متانة العلاقات المتميزة بين موريتانيا ودولة الإمارات العربية المتحدة، تماما كما أن حضور مجلس اللسان العربي في أسرة اتحاد المجامع العربية يتسق مع تطلعات موريتانيا الرامية إلى تعزيز التواصل العلمي والتعاون في سائر المجالات بين أقطار الأمة". وحضر المؤتمر عدد من ممثلي مجامع اللغة العربية بدول عربية وإفريقية، وشهد تنظيم 8 جلسات علمية تم خلالها عرض 37 بحثاً اختيرت من بين 150 عرضاً جرى تقديمها للجنة العلمية في المجلس الأعلى للسان العربي. يشار إلى أن مجمع اللغة العربية في الشارقة، مؤسسة حكومية أكاديمية، تعنى بقضايا اللغة العربية ودعم المجامع اللغوية والعلمية في العالمينِ العربي والإسلامي، وهي همزة وصل للحوار الثقافي والبحث اللغوي والمعجمي بين الباحثين في شتى دول العالم. ويعمل المجمع على رعاية الأعمال البحثيّة والمشاريع العلميّة المتعلّقة باللّغة العربيّة، ورعاية برامج تسهيل تعلّم اللغة العربية، وتحفيز النّشء على التعامل بها، والإبداع في فنونها وأجناسها الأدبية، والإشراف والتخطيط والرّعاية المادّيّة لإنجاز المعجم التاريخي للغة العربيّة. كما يتولى المجمع مهام النّهضة بالجانب المصطلحي وتهذيبه، والإشراف على إصدار قواميس ومعاجم لغوية عصريّة تلبّي حاجيات المتحدّث باللّغة الفصيحة والكاتب بها في العصر الحديث، ومدّ جسور التّعاون، وتنسيق الجهود مع المجامع اللّغوية والعلميّة في عالمينا العربي والإسلامي للوصول إلى مخرجات معرفيّة هادفة وواعدة، إضافة إلى التّواصل مع رجالات الفكر واللغة والثّقافة والآداب والعلوم الإنسانيّة في شتّى دول العالم.