إغلاق موانئ ومطارات، ضحايا طرق، عواصف ترابية، ورياح وأمطار، كلها مؤشرات تؤكد أن فصل الشتاء هذا العام لن يمر مرور الكرام، فضحايا سوء الأحوال الجوية سقطوا مبكرا، والتخوف بدأ يسيطر على الجميع من أن تتكرر سيول العام الماضى، التى ضربت أسوانوالعريش، وكانت خسائرها بالجملة. لكن اليوم، ومع أول اختبار حقيقى لفصل الشتاء، رسب بعض المحافظات فى مواجهة غزارة الأمطار التى غطت شوارعها، ومنها: كفر الشيخ، وأسيوط، والبحيرة. حيث توقفت حركة المرور بالشوارع، وأغلقت المحال التجارية، وأدت الأمطار إلى تكوين برك من الوحل والطين فى الشوارع الجانبية، التى لم تصلها "نعمة الرصف". فى موازاة ذلك، تجاوز غضب الأحوال الجوية حدود الشوارع، ليمتد ويضرب بعض الموانئ، حيث تم إغلاق عشرة موانئ، وتوقفت الملاحة بصورة شبه تامة، بسبب سرعة الرياح وارتفاع الموج الى خمسة أمتار، خاصة فى ميناءى الإسكندرية والدخيلة، اللذين يمر بهما أغلب تجارة مصر الخارجية، حسبما أكد مسئولون بالمناءين. سرعة الرياح أيضا، وصلت مداها إلى محافظة السويس التى تقع على الطرف الجنوبى لقناة السويس، وتسببت فى إغلاق ميناءى الأدبية والسخنة، وعلق على ذلك القبطان على الشاطر، مدير ميناء بورتوفيق، بقوله إن رياحا ترابية شديدة ضربت محافظة السويس تسببت فى انعدام الرؤية وغلق المناءين، فيما كشف اللواء عاطف إمام، مدير ميناء سفاجا، عن أن الميناء قد أغلق، ولحق به ميناء الغردقة. وحيد سعودى، مدير عام مركز التحاليل الجوية بالهيئة العامة للأرصاد الجوية، جاء تفسيره لما تتعرض له البلاد من حالة عدم استقرار فى الأحوال الجوية بأن مايحدث سببه "نوة قاسم"، وستستمر 72 ساعة، مصحوبة بعواصف ترابية وأمطار على بعض السواحل، وتنشط الرياح الشمالية الباردة تصل لحد العاصفة وتثير الأتربة. تحليلات سعودى، لموقف الحالة الجوية بالحافظات، استبقتها تحذيرات محفوفة بالخوف ، من أن يتجاهل السائقون تدهور الرؤية على الطرق الزراعية والساحلية، بسبب الشبورة المائية، داعيا إياهم إلى توخى الحذر خوفا من الاصطدام بسيارات قد تسير فى فترات الليل بدون إشارات الانتظار الخلفية. ويبدو أن تحذيرات سعودى للسائقين جاءت متأخرة بعض الشىء، أو قيلت من قبل ولم تأخذ حيز الاهتمام من جانب السائقين، حيث تسببت السرعة الزائدة وموجات الطقس السيئ والشبورة المائية فى مصرع وإصابة 65 شخصا باصابات متفرقة فى حوادث سير بمحافظات: الإسكندرية والمنيا والجيزة. لكن سائقى محافظة سيناء، كانت آذانهم صاغية لتحذيرات مسئولى الأرصاد الجوية، ورفضوا السير على الطريق الدولى القنطرة – العريش بسبب زيادة الرياح الناعمة على هذا الطريق. كما امتد الحذر لشبه جزيرة سيناء بسبب الأجواء السيئة للغاية بعد هطول أمطار عزيرة وسط أنباء عن شراسة الرياح فترات الليل. ولم تسلم محافظة دمياط من الجو السيئ، فقد تعرضت إلى أمطار مصحوبة بموجة من الصقيع بمناطق متفرقة فى معظم المدن، وشهدت المعديات العابرة من بورفؤاد إلى بورسعيد والعكس حالة من التوقف لحين هدوء الرياح الشديدة، مما أدى إلى تعطيل بعض الطلاب والموظفين عن الوصول إلى أعمالهم. ومن التأثير السلبى للأحوال الجوية برا وبحرا، إلى تأثيرها جوا، حيث صرح المهندس حسين مسعود، رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة لمصر للطيران، بأن "سوء الأحوال الجوية، أدى إلى تحويل مسار بعض الرحلات المتجهة إلى مطارات الإسكندرية، لتهبط بمطار القاهرة". وهذا ماكان يحدث أيضا طيلة الأيام الماضية بسبب انعدام الرؤية أمام الرحلات الجوية المقلة للحجاج.. حيث كان هبوطها الرسمى فى مطار القاهرة، ثم ترحيلها بالأتوبيسات إلى الإسكندرية. ومن الجو، إلى الأهرامات، حيث قررت اللجنة المنظمة لاحتفالات اللجنة الأوليمبية المصرية بمناسبة مرور 100 عام على تأسيسها، تغيير مواقع الاحتفال من أمام منطقة الأهرامات إلى أحد الفنادق القريبة من الأهرامات وذلك بسبب سوء الأحوال الجوية، وموجات الرياح التى صاحبتها الأتربة، والعواصف. منطقة الأهرامات ليست وحدها التى أحاطتها العواصف الترابية، حيث غطت سماء مصر عاصفة ترابية شديدة، تسببت فى حجب الرؤية إلى حد كبير، ومنعت كثيرا من المواطنين من الخروج من بيوتهم، وتراوحت سرعة الرياح مابين 28 و 33 عقدة، وارتفعت أمواج البحر، فأخذ الصيادون حذرهم وامتنعوا عن الصيد. الجانب الإيجابى الوحيد للجو السيئ، يتمثل فى أن الرياح والأمطار فى الإسكندرية لعبتا دور رجال الأمن ، وتسببت شدتها فى تفريق المظاهرة، التى نظمها اليوم عشرات من المنتمين لتيارات مختلفة من قوى المعارضة، احتجاجا على نتائج الانتخابات الأخيرة لمجلس الشعب، وتأثر عدد الحضور بشدة الرياح والأمطار ولم يحضر سوى عدد قليل جدا، وكأن الأمطار نفسها ملّت من كثرة الحديث عن تزوير الانتخابات، ومايقوم به أنصار المعارضة، فقررت الهطول فوق رءوس المتظاهرين.