تتوالى المبادرات الرئاسية الهادفة للارتقاء والأخذ بيد المواطن المصري، بطل معركة البناء والتعمير، كما وصفه الرئيس السيسي بصفحته على الفيس بوك مؤخرًا، وتعويضه عن عقود الإهمال - التى لم يحصد منها سوى وعد تلو الآخر ضل طريقه للتنفيذ العملي - وبناء عليه ظلت فئات عديدة بالمجتمع المصري مهمشة، وتتجرع مرارة الحرمان، وتحلم بالعيش في كنف حياة كريمة تشعره باهتمام عملي وصادق بها وبمتاعبها. وللحق فإن مبادرات الرئيس السيسي المتتابعة وأحدثها كان مبادرة "حياة كريمة" لمؤازرة الفئات الأكثر احتياجًا، تعد علامات مضيئة وفارقة على درب تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية فعلًا لا قولًا، ونقل المجتمع المصري لمرتبة تليق بأهله، وما قدموه من تضحيات لا حدود لها خلال الأعوام الماضية، لكي تنهض الدولة وتقف على أقدام ثابتة، وتحملوا بجلد توابع الإصلاحات الاقتصادية والمالية الملحة؛ لإعادة اقتصادنا الوطني لنقطة الاتزان، وإبعاده عن خطر السقوط في حفرة سحيقة سيكون صعبًا إخراجه منها. وتتوخى المبادرات الرئاسية بهذا الخصوص فى توجهاتها ومساراتها العدالة الاجتماعية بمفهومها الشامل وليس الضيق، فهي تتعاطى معها ككتلة واحدة متماسكة، وسوف تدرك هذا المغزى إن نظرت إليها كحلقات تسلم بعضها بعضًا. فهذه المبادرات تسعى لإيجاد فرص عمل تستوعب الطاقات المعطلة من الشباب والكفاءات في مختلف القطاعات والمجالات، عبر المشروعات القومية المتعددة، والتى تتوزع بمختلف محافظاتنا دون استثناء، وتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومنحها الزخم والدعم اللازمين من الحكومة والقطاع الخاص، فالوطن تحول إلى خلية نحل كبيرة، وبفضلها فتحت بيوت الكثيرين الذين وجدوا رزقهم وقوت يومهم فيها، وفضلوا استثمار جهدهم وعرقهم في بلدهم وليس خارجه. وإلى جانب الجهود والحلقات السابقة، هناك أخرى حيثية ومتواصلة للمحافظة على صحة المواطن المصري، والتخفيف من أوجاع المرضى، وتوفير رعاية صحية تجنبه الانتظار الطويل لتلقي العلاج، ومواجهة جادة وحاسمة لأمراض خطيرة لطالما فتكت بالمصريين، مثل فيروس سي، والضغط، والسكر.. وغيرها من الأمراض، من خلال الكشف المبكر عنها بواسطة مبادرة "100 مليون صحة" التي خضع لها حتى الآن نحو 24 مليون شخص، ورفع كفاءة المستشفيات الحكومية والجامعية؛ لتقديم أرقى خدمة صحية ممكنة للجميع دون أي تمييز. ويضاف إلى تلك الجهود الجبارة وقائع الثورة المبهرة وغير المسبوقة، بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معان، في قطاع الإسكان الاجتماعي، من أجل توفير مسكن ملائم وآدمي لقاطني العشوائيات والمناطق الخطرة ولمحدودي الدخل، فنحن أمام نهضة عمرانية شاملة تبغي تغيير وجه مصر كلها، وجعلها خالية من الأحياء غير الآدمية، وأن تسترد المحروسة - صاحبة الحضارة العريقة - بهاءها ورونقها الحضاري والمعماري؛ الذي كان يميزها وتتباهى به بين الأمم المتحضرة، ويكفيك استعراض ما شيد ويجري تشييده من مدن جديدة، حتى تدرك قدر المبذول في هذا الاتجاه. ويتضافر معها جهد يوصل الليل بالنهار؛ لينعم المصري بوسيلة مواصلات محترمة وآدمية بعيدًا عن حمله هم استخدامها، وما يصادفه فيها من مشقة ومعاناة، لا سيما للقادمين والمسافرين للمدن البعيدة عن العاصمة وضواحيها، وفي الوقت نفسه محاولة العثور على حلول واقعية للتكدس المروري وأزمته المزمنة المتوارثة جيلًا بعد جيل منذ سنوات مضت، وإذابة الجلطات المصابة بها شوارع مدننا من جرائها. في كل ما سبق كانت الدولة حاضرة بقوة، وتقوم كل أجهزتها بمهامها المنتظرة على خير وجه وقدر استطاعتها، والمتاح لها من أموال وإمكانات، ومدت يدها لمكونات المجتمع المدني، ليشارك الجميع في بناء الإنسان المصري؛ فالدولة بمفردها لن تقدر على التصدي لهذا الكم المتراكم من الأزمات والمشكلات التي تم التقاعس عن معالجتها بشجاعة في التوقيت المناسب، ومكاشفة المواطنين بأبعادها، ومدى خطورتها وتأثيراتها على الحاضر والمستقبل، ووضع خريطة واضحة لحلها من جذروها، وليس الاكتفاء بلمسات تجميل للسطح، وترك العمق على حاله، والنتيجة تكون تفاقمها واتساع مداها وتبعاتها المدمرة كلما مر الوقت. إن مبادرة "حياة كريمة" لبنة أخرى توضع ضمن بناء شاهق يشيد لأجل المواطن المصري ومستقبله.