"الجمعة الجاية بعنوان.. هات شعارك معاك وإنت جاي".. عبارة تداولها مشتركو مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك وتويتر" في إشارة واضحة لتعدد الشعارات التي اتخذتها قوى سياسية متباينة في الأهداف والتوجه، للحشد بميدان التحرير في مليونية حملت أسماء عدة لعل أبرزها "تقرير المصير". البداية كانت دعوة من عدد من الحركات الليبرالية وفي مقدمتها "6 أبريل" بهدف استكمال الثورة وانتقاد الطريقة التي تم بها تشكيل اللجنة التأسيسية لوضع وكتابة الدستور، لحقها دعوات مماثلة من التيار السلفي لأنصار الشيخ حازم أبوإسماعيل، احتجاجًا على استبعاده من السباق الرئاسي، وأخرى من جماعة الإخوان المسلمين، التي أعقبت استبعاد المهندس خيرت الشاطر، نائب مرشد الجماعة، هو الآخر من السباق الرئاسي. لتصبح "جمعة لم الشمل" أو "تصفية النفوس" أو "الرجال الذين يعلون على الصغائر" أو "إنقاذ ما تبقى" أو "تصحيح المسار" أو "تطهير المجرى" أو "مصر قبل كل فصيل وجماعة وحزب" أو "الاعتذار عن الاستكبار" أو "استيعاب حصاد سنة وتعلم الدرس" لتكن أي شيء وأي معنى، هكذا استنكر الدكتور عمار علي حسن، الخبير في الشأن السياسي، تعدد الأسماء التي أطلقت علي مليونية الجمعة المقبل. وتابع مشددا علي ضرورة الالتفاف حول هدف واحد، وقال حسن، عبر صفحته الرسمية علي "فيسبوك": المهم ألا تضيع مليونية الجمعة القادمة، تحت أقدام الطغاة والبغاة، وهو هنا يضع الحل في ضرورة توحد الهدف وأن اختلفت الوسائل، و"على الجميع أن يفهم أن الوقت لم يعد في صالح المستهترين والانتهازيين الصغار، وأنه لم يعد بوسع أحد أن يخفي أكاذيه وحيله. ولم يعد بمكنة أحد أن يحصد دون أن يبذل جهد أو يدفع ثمن". يقرأ المفكر القبطي، جمال أسعد، سيناريو مشهد "تقرير المصير" في ظل إعلان أغلب القوي السياسية لمشاركتها خاصة "تلك الباحثة عن مصالحها الخاصة" فيقول: كنا نتمني أن تكون المليونية القادمة من أجل استعادة التوحد الذي يقضي علي التشرذم ويحافظ علي الثورة لكن، حتي هذه اللحظة فسيذهب كل فصيل سياسي حسب توجهه الخاص. يتوقف أسعد، عند عناصر المشهد فيبدأ بجماعة الإخوان المسلمين والتي تدعو إلى مليونية الجمعة، بحسب قوله، بعد رفضها الشرعية الثورية وتوجيه التهم للثوار والآن "تعود إلى الميدان لتدافع عن مصالحها بعد إستبعاد المهندس خيرت الشاطر، نائب المرشد، من السباق الرئاسي". ينتقل أسعد، إلى التيار السلفي "المدافع عن مبارك"، ويري أن دعوتهم للنزول إلي ميدان التحرير هو للدفاع عن مرشحهم حازم صلاح أبو إسماعيل، والذي استبعد من الترشح للانتخابات الرئاسية بسبب حصول والدته علي الجنسية الأمريكية، فيما يعتقد أنصاره حتي الآن أنه "صادق" حين ينفي حصول والدته علي جنسية أخري غير المصرية. أما باقي القوي، التي تمثل التيار الليبرالي، فهي بالنسبة له تدافع عن مصالحها في التمثيل في اللجنة التأسيسة لوضع وكتابة الدستور، وهنا يؤكد أسعد، أنه مع الدعوة إلى المليونية التي تعيد الثورة وتحافظ عليها لكنه لا يخفي تخوفه من تحولها إلى جمعة "التشرذم"، ويستند في قرأته تلك إلي ما وصفه بظروف التوتر القائم بين القوي المختلفة، والذي ظهر الجمعة الماضية في تهجم أنصار الشيخ حازم أبو إسماعيل، لمنصة القوي الليبرالية واعتدائهم علي سيارة قناة "الحياة". ويتوقع المفكر القبطي حدوث بعض الاحتكاكات، لكنها لن تصل إلى مواجهة شاملة بين القوي السياسية فكل فصيل، بحسب قوله، يدرك خطورة ذلك علي وضعه السياسي بشكل خاص وعلي الوضع الذي تمر به البلاد الآن. يختلف الدكتور كمال حبيب، الباحث في شئون الحركات الإسلامية، مع سابقه، فيري أن العنف وإن كان احتكاكًا أمرًا غير وارد الحدوث؛ لأن العودة إلى الميدان، بحسب قوله، تجمع الناس ولا تفرقها وكلما كانت الأعداد ضخمة ساعد ذلك في حماية الميدان وإعادة فكرة الثورة القائمة علي المصلحة العامة وتغليبها علي كافة المصالح الخاصة. يري حبيب، أنصار حازم أبوإسماعيل، عنصر متفجر وغاضب بسبب استبعاده من السباق الرئاسي رغم موافقتهم، بحسب قوله، علي قواعد اللعبة السياسية منذ البداية وعليهم القبول بفكرة القانون وما يوجد من مؤسسات في الدولة الحديثة وفي مقدمتها القضاء و"عليهم إحترام أحكام القضاء أو الإنزلاق إلي منطقة تعيد إنتاج فزاعة الإسلاميين مرة أخري". وفي الوقت الذي يستبعد فيه حبيب، حدوث عنف من جانب القوي المتوقع مشاركتها جمعة "تقرير المصير" وخاصة من الإسلاميين، فهو لا يستبعد إثارة العنف من جانب أفراد الأمن، وتدخلهم لإثارة حالة من الفوضي بما يعطي انطباع بأن الحالة التوافقية يمكن أن تميل إلي العنف، ويشدد هنا علي ضرورة أن تدرك جميع القوي السياسًاية بمختلف توجهاتها "أن العنف لن يكون في مصلحة أحدا منهم بل سيذهب بالبلد إلي طريق مسدود يبقي العسكر في السلطة". أما الدكتور حسن سلامة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، فيري أن الدعوة إلي مليونية قادمة هي "مضيعة للوقت" وتفريغ للمليونيات من مضمونها بحيث لا يصبح لها قيمة ومردود فعلي، ويشبه الأمر بكثرة أعداد الذين تقدموا للترشح علي منصب رئيس الجمهورية وهو ما "أهان المنصب.. وأهان المليونيات". وينصح سلامة، بضرورة الالتفاف حول مشروع وطني قومي بدلا من الصراع علي السلطة، مؤكدًا اتفاق الجميع حول الاحتياج لنظام جديد لكنه "يأتي من خلال العمل والبناء وليس بالمليونيات التي تشارك فيها قوي تبحث كل منها عن مصلحته الخاصة ويصبح المواطن هو الفريسة".