لم تقف الأمطار وبرودة الجو عائقا أمام متظاهرى التحرير بمختلف انتماءاتهم، فى ميدان التحرير، إلا أن الانقسام بدا واضحا بين الإخوان المسلمين والتيارات السياسية المختلفة، بسبب الموقف من المجلس العسكرى. حيث يرى الإخوان أن المجلس يجب أن ينتظر فى حكم مصر حتى إجراء انتخابات رئاسية شرعية وأن هذه هى الذكرى الأولى للثورة، بينما تطالب باقى القوى السياسية أن يكون اليوم من أجل استكمال أهداف الثورة، لأن مطالبها الأساسية لم تتحقق حتى الآن. على الجهة الأخرى، سيطرت أجواء احتفالية فى ميدان العباسية المعروف بميدان "الأغلبية الصامتة" وعزفت الشرطة العسكرية الموسيقى، واتفق المتظاهرون على أن "الشرطة والشعب والجيش إيد واحدة"، ليكون ميدان العباسية هو الميدان الثالث فى قائمة الميادين التى تعبر عن وجهة مغايرة للتحرير، بعد ميدانى مصطفى محمود وروكسى. تلك الميادين تعبر عن رؤية مختلفة ومعارضة للتحرير، بداية من تأييد الرئيس السابق حسنى مبارك بميدان مصطفى محمود فى وقت طالب التحرير برحيله، مرورا بأحداث ماسبيرو ومحمد محمود ورئاسة مجلس الوزراء. وقد طالب المتظاهرون بميدان روكسى بالاستقرار والأمان. كما طالب متظاهرو العباسية بتأييد استمرار حكم العسكر. بدأت قصة الميادين المعارضة للتحرير، من مصطفى محمود خلال اعتصام الثوار فى ميدان التحرير للمطالبة برحيل مبارك عن السلطة عقب جمعة الغضب فى 28 يناير من العام الماضى، وظهر الميدان فى الأفق ليكون مقر تجمع مؤيدى مبارك بقيادة من كبار أعضاء الحزب الوطنى المنحل من لجنة السياسات، للمطالبة باستمراره فى منصبه حتى انتهاء مدة ولايته. كانت أبرز الهتافات "الجزيرة فين الشعب المصرى أهه"، "لو سابنا مبارك هنضيع"، كما قامت مجموعات تخصيص أتوبيسات لنقل المتظاهرين من منازلهم سواء داخل أو خارج القاهرة للميدان، ووضعت لافتات تأييد المخلوع مثل "بنحبك ياريس"، " أوعى تمشى ياريس"، "متسبناش ياريس"، "مترحلشى عشان شوية ناس ...مبتفهمش"، "يا مبارك خد دواك كلنا عايزين شفاك"،و انتشرت صور مبارك وأعلام مصر وصور الضباط الذين قتلوا خلال أحداث الثورة. ومثلما بزغ نجم عدد من المشاهير كأحد مؤيدى ثورة 25 يناير، ظهرت قيادات معارضة لميدان التحرير والثوار من المشاهير، اتخذت تللك الميادين منبرا لها مثل والمستشار مرتضى منصور، الفنان طلعت زكريا، وقاد أشرف زكى نقيب الممثلين السابق مسيرة للفنانين والرياضيين وقتها، لتأييد مبارك والمطالبة بانتهاء اعتصام التحرير وحضر بها وغادة عبدالرازق، ولقاء سويدان، وحنان ترك، ومحمد لطفى، كما حضرها أيضا الكابتن حسن شحاته والتواءم إبراهيم حسن وحسام حسن. وعقب تنحى المخلوع بعدة أيام انقلب السحر على الساحر،وخرج عدد من المتظاهرين فى مظاهرة ضده في نفس المكان الذى خرجت مظاهرات لتأييده، وتحول الهتاف إلى "الشعب يريد محاكمة الرئيس"، ودعا المتظاهرين وتنظيم الجهود لإنجاز أهداف ثورة 25 يناير، ثم بدأت مظاهرات لتأييد أحمد شفيق رئيس مجلس الوزراء السابق، ومع مرور الوقت اقتصر الميدان على تنظيم عشرات من أبناء مبارك لبضعة مظاهرات لم تحظى بالاهتمام المعهود . استغل ثوار الفرصة خلو الميدان من معارضيهم، فبدأوا فى عقد مسيرات منه إلى التحرير للمطالبة باستكمال باقى مطالب الثورة. ومع تقديم شفيق لاستقالته، ظهر عدد من الحركات والائتلافات لها قواسم مشتركة هى أنهم يقولون على أنفسهم من ثوار 25 يناير لكنهم يرفضوا أن ترضخ الحكومة لمطالب ثوار ميدان التحرير، ووصفوا أنفسهم "بحزب الكنبة أو الأغلبية الصامتة"، اتخذوا ميدان روكسى مقرا لهم. نظم متظاهرو روكسى مظاهرات لتأييد حكومة عصام شرف، والمطالبة بعودة الاستقرار والأمان، وتأييد المجلس العسكرى فى إدارة المرحلة الانتقالية، فى خضم انشغال التحرير بتغيير حكومة شرف، والتعبير عن استيائهم مما وصلت له حال البلاد السياسية والأمنية والاقتصادية. ولكن يبدو أن ميدان روكسى لم يلفت الانتباه بالشكل المطلوب، حيث كان لا يتعدى المشاركون فى الوقفات به العشرات، فقررت كل الفئات والحركات المعادية للتحرير تشكيل تكتل فيما بينهم ، ونقل مقرهم إلى العباسية بسبب تعرض مسيرة من ثوار التحرير ذاهبة إلى وزارة الدفاع، لهجوم من البلطجية وبمعاونة أهالى الحى، أسفر عن مقتل ناشط سياسى. مع سقوط شهداء فى أحداث ماسبيرو و محمد محمود وأحداث مجلس الوزراء واشتعال الاعتصامات والتظاهرات فى التحرير بدأ الإعلامى توفيق عكاشة والمطرب عمرو مصطفى فى تنظيم عدد من المظاهرات حضرها المئات ، مثل "جمعة دعم الشرعية ". لتأييد المجلس العكسرى، ومليونية "لا للتخريب"، لرفض تخريب المنشأت والاعتداء على والاعتداء على القوات المسلحة والشرطة، بعد حريق المجمع العلمى على أيد مجهولين خلال أحداث مجلس الوزراء، للرد على مليونية ميدان التحرير التي نظمت بعنوان "مليونية رد الشرف"، لرفض سحل الفتيات وموت عدد من المتظاهرين خلال نفس الأحداث إلأ ان عدد من أهالى العباسية رفض أن يكون حيهم رمزا لمعارضة متظاهرى التحرير وعقدوا مظاهرة تحت اسم " العباسية مش تكية" ضد الإعلامى توفيق عكاشة، وقالوا حينا عريق عظيم و حتما ستعود العباسية فى صف الثوار ، ليكون ميدان العباسية مقرا لمؤيدى ثوار التحرير وفى نفس الوقت معارضيه.