"1/2 كلمة " لكنها كانت بقوة ألف كلمة وكلمة.. أطلقها كل صباح من شارع الصحافة، فكانت تدوي في ربوع مصر.. ألحقها بسلسة من الأفكار الساخرة في شخصيات كاريكاتيرية حتى انطبعت في أذهان قرائه، فمن سينسى "فلاح كفر الهنادوه ومطرب الأخبار وعبده مشتاق وكعبورة".. إنه الكاتب الراحل أحمد رجب الذي نحتفي اليوم بذكرى ميلاده ال89. 50 عاما قضاها الكاتب الساخر أحمد رجب في بلاط صاحبة الجلالة، استطاع خلالها أن يصل بقلمه إلى أعماق المجتمع المصري، ويشرّحها بكلمات مقتضبة فوصلت رسالته ومعانيها إلى القارئ في ربوع المحروسة، متخذًا مبدأ "خير الكلام ما قل ودل"، فكانت مدرسته الصحفية، التي ابتدعها أقصر طرق الكتابة الصحفية وصولًا إلى القارئ. غرفة العظماء تعد الغرفة 53 بمقر مؤسسة أخبار اليوم كانت أعرق غرف المؤسسة منذ البداية، يقطنها العظماء فيدرون بأعمالهم التى جعلت أخبار اليوم هي صحيفة كل مصري في أيام مضت، فأول من اتخذها مكتباً هو توفيق الحكيم، ثم كامل الشناوى، ثم جلال الدين الحمامصى، ثم موسى صبرى، ثم أنيس منصور، ثم سعيد سنبل، ثم أحمد رجب الذى قضى بها نصف عمره. كلمة وريشة وعندما نتذكر أحمد رجب فمن الصعب أن ننسى رفيق دربه رسام الكاريكتير المبدع مصطفى حسين الذى رحل عن دنيانا فى 16 أغسطس 2014، بعد أن كونّا معا أشهر ثنائي صحفي فى مصر ، فرسما معاً بالريشة والكلمة شخصيات شهيرة ارتبط بها الشعب المصرى ، مثل :"الكحيت" و"قاسم السماوى" و"كمبورة" و"عبده مشتاق" و"فلاح كفر الهنادوة" . من هنا كانت البداية بداية أحمد رجب كانت هناك في الإسكندرية التي شهدت مولده في 20 نوفمبر 1928 وحصوله على ليسانس الحقوق في جامعة الإسكندرية وأثناء دراسته بالكلية أصدر مع آخرين مجلة "أخبار الجامعة"، التي كانت طريقه للتعرف على مصطفى وعلى أمين، عمل فى مكتب «أخبار اليوم» فى الإسكندرية، ثم انتقل إلى القاهرة، ليتولى سكرتارية التحرير وهو فى مطلع حياته المهنية، وهو منذ هذا التاريخ يرفض أن يلتحق بمكان آخر غير الأخبار. "يخربيت الحُب" الانطباعات التي أخذت على كتب أحمد رجب عن المرأة ربما وصمته ب"عدو المرأة"، على الرغم من أن معظم الإهداءات التي ذيلها في كتبه لامرأته الراحلة - عصمت – كانت عكس ذلك، ففي "نهارك سعيد" قال:" إلى السيدة التى تقرؤنى ولا تقرأ لى.. زوجتى"، وفي "ضربة في قلبك" أهداها قائلًأ:" عندما يسافر الخوف فى الشرايين ويصبح أمن النفس أمنية بعيدة، وتنطلق من الأعماق أصوات استغاثة لا يسمعها أحد، فإنها هى وحدها التى تسمعنى.. قلعة الأمان التى أحتمى بها من المجهول، أعز الناس أمس، واليوم، وإلى الأبد". أما في وداعها، "رحلت عصمت شريكة حياتى وكفاحى ورفيقة العمر التى كانت تحول تعثرى إلى نجاح ويأسى إلى أمل وعلمتنى بضحكاتها الساخرة أسلوباً فذاً فى معاملة الحياة.. ارحمها كثيراً يا رب فقد كانت رحمة حياتى". تلك الإهداءات، تجعلنا من الصعب أن نطلق عليه عدوا للمرأة، على الرغم من "يخرب بيت الحب" ذلك الكتاب الذي تناول العلاقة بين الرجل والمرأة بداية من "الحب قبل الزواج، والحب بعد الزواج، والغيرة، وكيف أن الحب في نظر الرجل هو مقدمة لأشياء أخرى، بينما يمثل للمرأة كيانًا اقتصاديًا". الحُب وسنينه وقد شهدت مؤلفات الراحل أحمد رجب النور إذاعيا وسينمائيًا، ونذكر منها:"مسلسل ناس كده وكده، وتعبان جدا، وحياتي وشنبوا في المصيدة، بعد العذاب ، الوزير جاي، محاكمة علي بابا، صاحب العمارة، توتة توتة، المجنون، الحب وسنينه، فوزية البرجوازية، ناس وناس". وبعد رحلة حافلة بالعطاء الفكري والإبداع الصحفي شاءت الأقدار أن يجف قلم أحمد رجب في 12 سبتمبر 2014، عن عمر يناهز 86 سنة، بعد صراع مع المرض. مجموعة من مؤلفات الكاتب أحمد رجب