استقالة سعد الحريري المفاجئة زمانا ومكانا، من رئاسة الحكومة اللبنانية، تنقل لبنان مرة أخرى لحقبة جديدة من الفراغ السياسى، أو على أقل تقدير حقبة من عدم الاستقرار. فبعد عام واحد من تكليف الرئيس اللبنانى، ميشيل عون، له، بتشكيل الحكومة فى 3 نوفمبر عام 2016، أعلن الحريري أمس السبت، في كلمة متلفزة من الرياض، استقالته، مهاجما بعنف إيران وحزب الله، ومعتبرا أن الأجواء الحالية في لبنان، تشبه أجواء ما قبل اغتيال والده رفيق الحريري، مؤكدا أن حزب الله، بات دولة داخل الدولة، بدعم من إيران، وزرع بين أبناء البلد الواحد الفتن، والتطاول على سلطة الدولة، مشددا على أن إيران، ما تحل في مكان إلا وتزرع فيه الفتن والدمار. واستقالة الحريرى، جاءت غداة لقائه مع على أكبر ولايتى، مستشار المرشد الإيراني للشئون الدولية، وبالرغم من التناول الإعلامي الإيجابي الذى صدر عقب اللقاء، إلا إنه عزز القلق لدى الحريرى، من تنامى النفوذ الإيراني، وذراعه فى لبنان حزب الله، حيث أعلن ولاياتى عقبه، أن إيران تحمي استقرار لبنان، من دون أن يعطي مزيدا من التوضيح بشأن ذلك. كما جاءت الاستقالة من السعودية، خوفا على حياته، بدلا من أن يعلنها من مجلس الوزراء اللبنانى، وفقا للقواعد البروتوكولية، حيث أكد سعد الحريري، الذى يحمل الجنسية السعودية، وجود محاولة لاغتياله، وسط أنباء عن أن الحرس الخاص بالحريرى، اكتشف محاولة لاغتياله، لم تؤكدها السلطات الأمنية اللبنانية. ردود فعل متباينة داخليا وخارجيا، أحدثتها استقالة الحريري المفاجئة، حيث دعت إسرائيل إلى اليقظة بعد استقالة الحريري، فيما نفت إيران ما وصفه بها الحريري، وداخليا، فجرت الاستقالة أزمة في البلاد، وحذرت أقطاب سياسية من دخول لبنان في فراغ سياسي، مشابه لتلك الفترة التي عاشها، واستمر على مدى عامين، قبل انتخاب عون رئيسا لها، متوقعين حدوث ذلك، خاصة وأن لبنان تعيش توافقا سياسيا هشا منذ تعيين عون منصب الرئيس. وقد أعلن رئيس الوزراء الأسبق، نجيب ميقاتى، أنه تقدم بمبادرة لم يفصح عن مضمونها للخروج من الأزمة، كما أكد، أن مسألة ترشيحه لرئاسة الحكومة غير واردة على الإطلاق فى المرحلة الحالية، كما أعلن الوزير السابق، مروان حمادة، أن الكرة الآن فى ملعب الرئيس عون، داعيا إلى تفعيل إعلان بعبدا، الذى يركز على سياسة النأى بالنفس، وتحييد لبنان بالنسبة للوضع السورى. وأدت استقالة الحريرى، إلى تصاعد الدعوات المطالبة بالتخلص من النفوذ الإيرانى فى لبنان، وعودة لبنان إلى الحضن العربى، ويخشى المحللون السياسيون من عودة مسلسل الاغتيالات السياسية إلى لبنان. يذكر أن الحريرى، البالغ من العمر 47 عاما، دخل المعترك السياسي بعد اغتيال والده رفيق الحريرى، في عام 2005، مترشحا في الانتخابات النيابية التى فاز فيها، مترأسا كتلة برلمانية ضمت 35 نائبا، من أصل 128 مقعدا، وبعد عامين، أسس تيار المستقبل، الذي يعد تجمعًا سياسيًا يمثل السنة في لبنان، وفي عام 2009، حقق الحريري فوزا ثانيا في الانتخابات التشريعية، وحصل مع حلفائه على 71 مقعدا، وبذلك تولى رئاسة الوزراء فى لبنان لأول مرة في مسيرته السياسية، وكان ذلك ما بين عامي 2009 و 2011، وبعد سقوط حكومته، عاش متنقلا بين باريسوالرياض لأسباب أمنية، وفى عام 2016 كلفه الرئيس اللبنانى بتشكيل الحكومة.