تأتى مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسي فى قمة دول تجمع "البريكس " بالصين ضمن تحرك مصرى مكثف للانفتاح على التكتلات الاقتصادية العالمية بما يساهم فى توفير فرص جديدة أمام المنتجين المصريين فى النفاذ إلى هذه الأسواق ويمثل تجمع "بركس"، الذى يضم: الصينوروسياوالهند والبرازيل وجنوب إفريقيا واحدة من أهم التكتلات الاقتصاية المؤثرة في الاقتصاد العالمي إذ أنه وفقا لإحصاءات صندوق النقد الدولي، فإن نسبة إسهام دول بريكس في نمو الاقتصاد العالمي تجاوزت 50%، وصار إجمالي اقتصاداتها يمثل 23% من إجمالي الاقتصاد العالمي مقارنة ب12% قبل 10 أعوام، كما ارتفعت حصتها في التجارة الدولية من 11٪ إلى 16٪. كما تشير المؤشرات الاقتصادية لدول مجموعة البريكس إلى أن إجمالي الناتج المحلي الإجمالي لدول المجموعة وفقا لتقديرات البنك الدولي لعام 2016 قد بلغ نحو 17 تريليون دولار. ومن يتابع تطور وتمدد "البريكس" منذ عام 2009 سيكتشف، أنه نجح في تحويل شعاراته التي اتخذها في كل القمم السابقة إلى واقع تؤكده الأرقام وتعكسه الحقائق التى شهدت بها المؤسسات الدولية وعبر 8 شعارات اتخذتها 8 قمم سابقة وصلت بهذا التجمع إلى أنه يتقاسم دول العالم أجمع حجم النمو ويشكل ربع اقتصادياتها. فقد انطلقت مسيرة" بريكس " من مدينة يكاترينبرج، بروسيا، حيث عقدت القمة الأولى في يونيو 2009 واتخذت من تحقيق الأمن الغذائي العالمي شعارا وأصدرت بيانا مشتركا دعت فيه إلى زيادة تمثيل الأسواق الناشئة والبلدان النامية في المؤسسات المالية الدولية فيما اعتبر أول تحرك من هذا التجمع لكسر هيمنة بعض الدول الكبرى على الاقتصاد العالمي والمنظمات الدولية. بينما اتخذت القمة الثانية التي عقدت فى أبريل 2010 بمدينة برازيليا، بالبرازيل، التعاون الاقتصادى شعارا لها وأصدرت القمة بيانا مشتركا واتفق على تدابير ملموسة لتعزيز التعاون والتنسيق بين دول المجلس. وشهدت القمة الثالثة في أبريل 2011، التي عقدت سانيا، بالصين، انطلاقة جديدة حيث عقدت تحت شعار "الرؤية الواسعة والازدهار المشترك"، وأصدرت القمة إعلان سانيا وخطة عمل تحولت بعد ذلك إلى برامج عمل كانت بمثابة دفعة قوية للتكتل الوليد . وفى القمة الرابعة التى عقدت في مارس 2012 بنيودلهيبالهند، تحت شعار "شراكة بريكس من أجل الاستقرار العالمي والأمن والازدهار"، ترجمت القمة طموحات دول التجمع الى واقع وأصدرت إعلان نيودلهي وخطة المجموعة عن الآفاق المستقبلية للدول النامية في منطقة "البريكس"، ونجحت الدول الأعضاء الى تفعيل ماتم الإتفاق علية الأمر الذى زادت معه حركة التجارة البينية لمعدلات غير مسبوقة. وفى تحرك للاستفادة من أسواق أفريقيا عقدت القمة الخامسة في مارس 2013 في ديربان بجنوب أفريقيا تحت شعار "بريكس وأفريقيا: الشراكة من أجل التنمية والتكامل والتصنيع.ونجح التجمع فى تنمية التجارة والاستثمار. وتحت شعار "النمو الشامل: الحلول المستدامة"، عقدت القمة السادسة في يوليو 2014 في فورتاليزا بالبرازيل وأصدر مؤتمر القمة إعلان فورتاليزا وخطة عمله، وشهد القادة توقيع الاتفاق المتعلق ببنك التنمية الجديد ومعاهدة إنشاء الترتيبات الاحتياطية الطارئة لمجموعة البريكس، ليتحول التجمع إلى العمل المؤسسى الداعم لبرامج وخطط التجمع. وفى انطلاقة جديدة للبريكس نحو التوسع الاقتصادى عقدت القمة السابعة في يوليو 2015 في أوفا بروسيا تحت شعار "شراكة بريكس - عامل قوي للتنمية العالمية"، وأصدرت القمة إعلان أوفا وخطة عمله، واعتمد إستراتيجية الشراكة الاقتصادية لبريكس إيذانا بدخول مرحلة الشراكة والتعاون المشترك. بينما جاءت القمة الثامنة في أكتوبر 2016 في جوا بالهند تحت شعار "بناء حلول مستجيبة وشاملة وجماعية"، وأصدرت القمة إعلان جوا، حيث أكد الالتزام بتعزيز الشراكة بين بلدان مجموعة البريكس، وعبر هذه الشركة نجح تجمع بريكس أن يحقق قفزة نوعية على خريطة الاقتصاد العالمي. لم تقتصر أهداف مجموعة البريكس على الجانب الاقتصادي، وإنما شملت تعزيز التعاون العلمي والتكنولوجي، حيث قام وزراء العلوم والتكنولوجيا والابتكار في دول المجموعة بالتوقيع على خطة عمل لتعزيز التعاون العلمي والتكنولوجي بين الدول الاعضاء في 18 الماضي، في مدينة هانغتشو بالصين. وأكدت "خطة عمل البريكس للتعاون الابتكاري 2017- 2020 على أن الابتكار من القوى الرئيسية الدافعة للتنمية المستدامة العالمية ويلعب دورا أساسيا في تعزيز النمو الاقتصادي، بل تنص الخطة على أن دول البريكس ملتزمة بتعزيز التعاون فى الابتكار بناء على الآليات القائمة وبرامج البحث المشتركة وتشجيع التعاون بين المناطق العلمية وتعزيز التدريب على نقل التكنولوجيا وتدعيم الشراكات بشأن الابتكار وريادة الأعمال بين الشباب والتأكيد على دور المرأة فى العلوم والتكنولوجيا والابتكار، فى الوقت نفسه، تساهم الدول الخمس بنحو27% من الأبحاث العلمية المنشورة في المجلات الدولية وتنفق 17% من الإستثمارات الدولية في البحث والتطوير. والسؤال الذى يطرح نفسه أين مصر من هذا التجمع ؟ ...المتابع لحركة التجارة بين مصر وهذه الدول سيكتشف أن التطور فى حجم التجارة لا يرتقى إلى المستويات المرجوة والفرص الكبيرة التى توفرها اسواق التجمع أمام المنتجين ووفق بيانات وزارة التجارة فإن حجم تجارة مصر مع الدول الخمس أعضاء التجمع بلغت في عام 2016 ما يقرب من 20 مليار دولار، و أن الصين تمثل المرتبة الأولى في العلاقات التجارية بين مصر ودول التجمع بإجمالي حجم تجارة بلغ 10 مليارات و985 مليون دولار معظمها واردات من الصين كما بلغ حجم تجارة مصر مع روسيا حوالي 3 مليارات و68 مليون دولار تلتها الهند بإجمالي حجم تجارة بلغ 3 مليارات و25 مليون دولار، بينما لم يتجاوز حجم التجارة بين مصر والبرازيل مليار و772 مليون دولار، فيما بلغ إجمالي حجم التجارة بين مصر وجنوب أفريقيا 266 مليون دولار فقط. ولعل من الأهداف الرئيسية لمشاركة الرئيس السيسي في القمة التاسعة "للبريكس"التى تعقد تحت شعار (بريكس: شراكة أقوى من أجل مستقبل أكثر إشراقا " هو فتح مجالات تعاون جديدة مع دول هذا التجمع الذى يمثل سوقا واعدة قوامه 42% من إجمالي سكان العالم وهو مايمثل فرصة كبيرة أمام مصر فى زيادة صادراتها وهو ما أكده الرئيس السيسى خلال مقابلة مع وسائل إعلام صينية في القاهرة قبل أيام، حيث قال: " إننا نولي مشاركتنا في الاجتماعات مع دول "بريكس" أهمية كبيرة، خاصة أن مصر تتمتع بقدرات اقتصادية واعدة وتوفر موقعا إستراتيجيا متميزا يمكنها من المساهمة بفاعلية في دعم مجموعة بريكس وأولوياتها". وتسعي مصر منذ فترة إلى الانضمام لهذا التجمع لتحقيق أكبر استفادة منه على صعيد التنمية والتجارة والاستثمار لذا فإن مشاركة مصر وعرض رؤيتها على هذه القمة يعزز فرص انضمامها لعضوية البريكس التى أصبحت محل اهتمام من عدد من الدول الأخرى التى تطلب الانضمام مثل الأرجنتين ونيجيريا وإندونيسيا.