خلت أماكن صف المركبات في قاعدة "كامب إيكو"، وعاد متعهدو تقديم الطعام إلى الوطن منذ وقت طويل، بينما طليت من جديد الجداريات التي كانت تصور هجمات 11 سبتمبر 2001 على برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك. وقاعدة "إيكو" واحدة من آخر سبع قواعد عسكرية أمريكية في العراق وهي تسابق الزمن ليتسلمها العراقيون، فيما يحزم الجنود الأمريكيون هناك أمتعتهم ويستكملون مهمتهم الأخيرة وهي حماية ما تبقى من جنود أثناء انسحابهم باتجاه الجنوب عبر حدود العراق مع الكويت. وبعد نحو تسعة أعوام من الغزو الذي أطاح بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين تختتم المهمة الأمريكية في العراق، إذ لم يتبق سوى 13 ألف جندي في البلاد. ويغادر المئات يوميا حتى نهاية العام الحالي. وتوجهت مئات القوافل من المركبات العسكرية والشاحنات المدنية إلى الكويت منذ أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما الشهر الماضي أن القوات سترحل كما هو مقرر، مما ينهي الوجود الأمريكي واسع النطاق على الأراضي العراقية. وقال السيرجنت بالجيش الأمريكي فريد فوكس في "كامب إيكو" بالديوانية على بعد 150 كيلومترا جنوبي بغداد "حان الوقت.. الرئيس والجميع يقولون حان الوقت. بذلنا ما في وسعنا". وأضاف "حان الوقت لنعود إلى وطننا ونتركهم ليعتنوا بوطنهم". ومازال الجنود الذين تبقوا في "كامب إيكو" على غرار قواعد أخرى في العراق يقومون بدوريات لحماية أنفسهم والطريق السريع إلى الجنوب والقاعدة على الرغم من حزمهم أمتعتهم وتسليمهم معدات بدءا من المركبات وانتهاء بأجهزة تكييف الهواء للقوات المسلحة العراقية. في معسكر "إيكو" تصطف سيارات بيضاء رباعية الدفع وعربات من التي تستخدم في أعمال البناء وسيارات جيب في انتظار المسئولين العراقيين ليفحصوا قوائم الجرد الأمريكية. وستترك القوات الأمريكية كل ما سيكلفها شحنه إلى أماكن أخرى مبالغ كبيرة مثل الحواجز الخرسانية. على مقربة تستعد مدرعات للخروج في دورية لتأمين الطريق السريع رقم 1 . وتراجعت أعمال العنف في العراق بشدة منذ ذروة الصراع الطائفي عامي 2006 و2007 حين كان انتحاريون يقتلون المئات يوميا، وعانت بغداد ومدن أخرى من جرائم القتل ذات الدوافع الطائفية بين السنة والشيعة. ومازالت الهجمات والتفجيرات تتكرر بشكل شبه يومي. وتكافح القوات العراقية حركات مسلحة سنية متشددة وميليشيات شيعية تدعمها ايران. وفي ذروة الحرب كان العراق يشهد أكثر من 100 هجوم يوميا. وقتل 4500 جندي أمريكي تقريبا خلال ثمانية اعوام ونصف العام فيما لقي 60 الف عراقي على الأقل حتفهم في أعمال العنف. وتشير الإحصاءات الحكومية الى مقتل 17800 عراقي في عام 2006 وحده. والهجمات على القوات الأمريكية أقل شيوعا الآن غير أن مسئولين حذروا من أن المتشددين ربما يحاولون تصعيد هجماتهم في الأيام الأخيرة من الانسحاب الأمريكي. ومازالت القوات الأمريكية في "كامب إيكو" تواجه هجوما أو اثنين أسبوعيا أغلبها بعبوات ناسفة مزروعة على الطرق. وكانت آخر مرة تعرضت فيها القاعدة لهجوم بقذائف المورتر منذ بضعة اشهر. وقبل إعلان أوباما الانسحاب في الموعد المقرر أجرى مسئولون أمريكيون محادثات مع الحكومة العراقية استمرت عدة أشهر بشأن إمكانية الإبقاء على فرقة صغيرة من عدة آلاف من الجنود الأمريكيين في العراق للعمل كمدربين لمساعدة القوات المسلحة العراقية. لكن لم يتسن الاتفاق على هذا بسبب رفض العراق منح الحصانة القانونية لمن سيتبقون من الجنود الأمريكيين. وسيبقى مدربون مدنيون في العراق للمساعدة في تدريب القوات العراقية على كيفية استخدام المعدات الأمريكيةالجديدة التي اشترتها حكومة بغداد مثل مقاتلات (إف-16) ودبابات ابرامز. وسينتدب نحو 200 فرد من الجيش الأمريكي لسفارة الولاياتالمتحدة في العراق. ولم يتبق في "كامب إيكو" سوى الأساسيات. وحل طهاة من الجيش محل متعهدي الطعام من القطاع الخاص، ويدير الجنود الآن صالة الألعاب الرياضية بالقاعدة، وأزيلت صور الجنود الأمريكيين من على حوائط مكاتب القاعدة.