قدمت السينما منذ بدايتها صورا مشرفة للمظاهرات التى كانت فى كل أنواعها تهتف باسم الوطن ،وتظهر دائما عنصرى الأمة المسلم والمسيحى فى يد واحدة. ويمكن القول إن أول الأفلام التى تناولت مظاهرات المصريين هو فيلم "لاشين "، الذى أنتج فى يناير من عام 1938 أى أنه من الأعمال التى أسست لصناعة الفيلم المصرى. ويرى فيه النقاد أنه الفيلم السينمائي المصري الوحيد الذي تنبأ صراحة بثورة يوليو قبل قيامها بأربعة عشر عاما. وبعد أيام من عرضه، أمر الملك فاروق بوقفه، ويقال: إن النسخة الأصلية تنتهى بخلع الملك "حسين رياض" بطل الفيلم، لكن الرقابة إعترصت على النهاية فقام صانعو الفيلم تغييره للنهاية أخرى ، والمثير أن الفيلم للمخرج الإنجليزى فيتز كرامب . وبعد هذا الفيلم بدأت موجة من الأعمال السينمائية التى كتبها مبدعون مصريون مثل يوسف السباعى فى "رد قلبى "، الفيلم الذى قدم العلاقة بين الثورة والإقطاع وتضمن مشاهد للثورة والمظاهرات أخرجه عز الدين ذو الفقار. كما قدم عبد الرحمن الشرقاوى فى روايته الشهيرة "الشوارع الخلفية " صورة للمظاهرات والثورة على الظلم، وقدمتها السينما بطولة نور الشريف، ثم جاء المخرج جمال عبد الحميد ليقدمها فى مسلسل تليفزيونى عرض فى شهر رمضان الماضى، ثم أعيد عرضه ورصد مظاهرات الطلاب فى فترة ما بعد ثورة يوليو، واستخدمها جمال عبد الحميد والسيناريست مدحت العدل كاسقاط على ثورة 25 يناير وقام ببطولتها ليلى علوى وجمال سليمان. وقد تناول كثير من أدبائنا المظاهرات من خلال تعرضهم لثورات المصريين ضد الانظمة السياسية منذ النظام الملكى وحتى ثورة25 يناير، فقد ركزت أعمال لأدباء كبار عليها ،منها ما تناولها بشكل مفصل كما هى الحال فى رواية "فى بيتنا رجل "، التى قدمتها السينما، وأخرجها هنرى بركات ، ويعد نجيب محفوظ من أكثر الكتاب الذين تناولوها بشكل مفصل وفى أكثر من عمل أدبى تحول فيما بعد إلى عمل سينمائى بداية من رواية " القاهرة 30 " وحتى الثلاثية التى استعرضت المظاهرات بشكل مفصل المظاهرات "بين القصرين 56– قصر الشوق57 – والسكرية 57" و فيها كانت الصورة واضحة لكيفية تعامل المصريين مع الثورة، وكيف كانت خطط الإعداد للمظاهرات، وتعد رواية "بين القصرين " التى دارت أحداثها فى حى الحسين من خلال أسرة السيد أحمد عبد الجواد فى فترة ثورة 1919 هى الأكثر دقة فى التعبير كونها الفترة الساخنة فى حياة المصريين. ولا يمكن حصر الأعمال التى تناولت ثورات المصريين، لأنها كثيرة فقد تضمنتها معظم الأعمال الفنية السياسية ، ولكن يمكن القول إن كبار المخرجين كانت هذه الأعمال تمثل تحديا، فحاول كل منهم أن يتناولها على طريقته. ويعد المخرج الكبير يوسف شاهين من الذين تنبأوا بثورة 25 يناير، بل والمظاهرات حيث كان كعادته يحب أن يشارك فى كل تظاهرة سياسية، ولأنه كان يسكن فى منطقة وسط القاهرة ومكتبه مجاور لنقابتى الصحفيين والمحامين فقد نزل ذات يوم بكاميرته عندما علم بوجود مظاهرات تنادى بإسقاط نظام مبارك. ومن هذه المظاهرات لمس يوسف شاهين البدايات وقدمها فى فيلم "هى فوضى " الذى أخرجه، وهو مريض وشاركه فيه تلميذه خالد يوسف وكتبه ناصر عبد الرحمن، وكان الفيلم بداية الأنتقاد الشديداً للأوضاع السياسية في مصر من خلال قصة شرطي فاسد يمارس التعذيب والبلطجة على أبناء الحي الذي يعيش فيه، وقام ببطولته خالد صالح ومنة شلبى وهالة صدقى.