أحلام كثيرة راودته وكان يحبو حلم لقاء مولوده الذى لم يتجاوز الرابع ،هاهى الحياة قد ابتسمت له بعد أن كشرت له عن أنيابها خمس سنوات وحرمته من نعمة الإنجاب، وراح يصول ويجول بخاطره وهو يقود سيارته التاكسى، ويتمنى أن ترزقه الأقدار ستة من الأبناء. وفجأة استيقظ من الحلم الجميل على صوت ثلاثة من الشباب يستوقفونه ويطلبون توصليهم إلى مدينة 15 مايو، وفى الطريق سرقوا سيارته وألقوه في الطريق، وعندما حاول الاستعانة بسيارة تاكسي تصادف مرورها، فظن زميل مهنته أنه من لصوص الطريق فدهسه بسيارته، لتتقطع بذور آماله من جذورها . القصة مأساوية ولكن تقسم أن الأمن فى الشارع ذهب بلا رجعة وودعناه منذ يوم 28 يناير إلى مثواه الأخير، فقد دفع ذلك الشاب حياته ثمناً للفوضى والبلطجة ومات وترك من قتلوه يعثيون فى الأرض فساداً، لم يقترف وهو لم يتم الخمسة والثلاثين ربيعاً، ذنباً سوى أنه قرر أن يسعى لقوته من عرق جبينه، بعد أن أعطت له الدنيا ظهرها منذ حصولة على بكالوريوس التجارة، وأغلقت جميع الأبواب فى وجهه لأنه ليس من ذوى البساطة والمحسوبية ولكنه تمكن بمساعد والده من شراء سيارة تاكسي تعمل في الخط منذ سنوات، ثم استبدلها منذ عام بأخرى بالتقسيط، وتحمل الحياه بحلوها وبمرها وخاصة أنه تأخر فى الإنجاب، كاد خلالها أن يفقد عقله فهو مشهور بين أفراد عائلته بحب الأطفال ومداعبتهم، وكانت عيناه تذرف دماً كلما وقع بصره على طفل، وكثيراً ما تمنى أن تطرق جميع أمراض الدنيا جسده مقابل أن يشم أنفاس طفل من صلبه، وكأن السماء استجابت لدعواته ومنحته ماهو أشد من المرض فقد زهقت روحه بعد مولوده الأول بأربعة أيام ،وجاء الولد ولكن ذهب الأب. أحداث القصة التى تقترب من الخيال شهدتها مدينة 15 مايو فى وضح النهار، عندما كان الشاب يسير بسيارته فى شارع الأتوستراد متجهاً إلى منزله في موعد الغداء، وفى الطريق استوقفه ثلاثة أشخاص وطلبوا توصيلهم إلى مدينة 15 مايو وفى البداية اعتذر لهم لأنه متجه إلى مدينة حلوان فقط، وتحت رجائهم وإلحاحهم وافق على توصيلهم، وفى الطريق استدرجوه إلى منطقة تخلو من المارة خلف مصانع الأسمنت بزعم رغبة أحدهم لقضاء حاجته فى الشارع، وبمجرد أن توقف بالسيارة فوجئ بأحدهم يضع مسدسا فى رقبته والآخر يضع نصل سكينة فى جانبه وطلبوا منه ترك سيارته ومتعلقاته، راح يرتجي منهم أن يتركوه، فهو مكبل بالديون والسيارة عليها أقساط شهرية لمدة ستة أعوام ومصدر رزقه وسيكون مصيره السجن لو فقدها أو عجز عن دفع أقساطها، إلا أنهم تلفعوا بقسوة وموت الضمير وطعنه أحدهم فى رقبته ولاذوا بالفرار. وهرول إلى الطريق الرئيسى والدماء تنزف منه وراح يلوح كالمجنون لكل السيارات المارة ورق قلبه لسائق يستقل سيارة أجرة مثل سيارته واعتقد أن زميل المهنة سوف يساعده ويحاول اللحاق بسيارته المسروقة، وبينما كان يقف فى عرض الطريق ويلوح بيديه للسائق، اقتلع الرعب قلب السائق معتقدا أنه قاطع طريق ويتظاهر بالمذلة والمسكنة وفى لمح القرار اتخذ قرار بقتل الشاب الذى يحاول الاستغاثة به ودهسه بسيارته عمداً ولم يتركه إلا جثه هامدة ولاذ بالفرار إلا أن القدر لم يمهله فقد شاهد جريمته البشعة شاب كان يقود سيارته الملاكى والتقط أرقام السيارة وأسرع بتحرير محضر فى قسم شرطة حلوان وعلى الفور تم إخطار المستشار طارق أبو زيد المحامى العام الأول لنيابات جنوبالقاهرة ،وأمر بتشريح جثه الشاب القتيل . تمكنت المباحث من ضبط السائق القاتل ودخل القسم معتقدا أن المباحث استدعته لتقديم مكافأة له لجرأته وشجاعته وراح يتباهى بما عجزت الشرطة عن فعله مع قطاع الطريق إلا أن زلزالاً هدم فرحة انتصاره عندما علم من ثلاثة أشخاص شاهدوا تفاصيل الجريمة. أمر حاتم البنا رئيس نيابة التبين و15 مايو بحبس السائق المتهم وتكليف المباحث بضبط اللصوص الذين سرقوا السيارة.