جاءت صفقة استحواذ رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة عبر شركته التابعة إعلام المصريين علي كامل أسهم قناه VTNO المملوكة لرجل الأعمال المهندس نجيب ساويرس مطلع الأسبوع الماضى لتكشف جانبا من تحركات بعض رموز الرأسمالية المصرية الهادفة لإعادة رسم الخريطة الإعلامية في مصر استباقا لصدور القانون الموحد للصحافة والإعلام المنتظر صدوره خلال أسابيع. كما تكشف الصفقة عن تنامى نفوذ البيزنس في المجال الإعلامى في ظل غياب الشفافية وعدم توافر أي معلومات بشأن تمويل هذه الصفقات وتردد أحاديث حول نفوذ مالى خارجى بشكل مباشر أو غير مباشر يعيد ترتيب أوضاع السوق الإعلامية، حيث تكشفت معلومات في الأيام الأخيرة عن تفاوض مستثمر إماراتى مع رجل الأعمال السيد البدوى مالك قنوات الحياة بهدف الاستحواذ علي شبكة الحياة مقابل2.5مليار جنيه، في الوقت الذى أعلن فيه المهندس نجيب ساويرس في بيان رسمى عن ضخ نحو نصف مليار جنيه في شركته بروموميديا التي تعمل كوكيل إعلانى للعديد من القنوات الفضائية والصحف. ويعكس النفوذ المالى المتزايد في مجال الإعلام اهتمام القطاع الخاص المصرى بالاستثمار في هذا المجال الحيوى علي الرغم من حالة الضبابية التي تحيط بالمراكز المالية للصحف والقنوات الفضائية المملوكة للقطاع الخاص وعدم وضوح ما إذا كانت تحقق أرباحا أو تتكبد خسائر ومن يتحمل الخسائر في هذه الحالة، حيث كشف المهندس نجيب ساويرس عن أن نزيف الخسائر وعدم قدرته علي احتمال هذه الخسائر يعد أحد أسباب تخلصه من أون تى فى إلي جانب أسباب أخرى سياسية. ويراهن خبراء إعلاميون وعاملون في هذا المجال علي التنظيم القانونى المنتظر لإعادة ترتيب أشكال الملكية وضوابط عمليات الاستحواذ وإخضاع المؤسسات الإعلامية الخاصة لشكل من أشكال الرقابة في ظل تأثيرها المتنامى علي الجمهور علي الصعيدين السياسى والاجتماعى. - تأثير سلبى في هذا الإطارتؤكد الدكتورة ليلى عبد المجيد عميد كلية الإعلام بجامعة الأهرام الكندية أن البزنس له تأثير سلبى علي الإعلام لأن رجال الأعمال لهم مشروعات وأنشطة ضمنها مشروعات إنشاء القنوات الإعلامية أو الصحف ومن ثم لهم مصالح يسعون لتحقيقها ومن هنا تأتى الوسيلة الإعلامية للدفاع عن مصالح رجل الأعمال ومن معه وأن وجود إجراءات وقوانين تحكم عمل هذه الوسيلة يعد الطريقة إلي تقليل الآثار السلبية ومنع الاحتكار في هذا السياق حتي لاتخضع الجماهير لوجهة نظر واحدة حيث يعتبر التعدد والتنوع في وسائل الاتصال والمعرفة ووجهات النظر صمام أمان للدولة والمواطن الذي من حقه المعرفة وإحاطته بما يحدث حوله في الداخل والخارج وقالت لا أستطيع الحكم علي صفقة بيع قناة ال اون تى فى لرجل الأعمال أبو هشيمة هل هي صدفة في ذلك الوقت أم لها مغزى آخر، مضيفة أن قانون الصحافة والإعلام الجديد المنتظر مناقشته بالبرلمان تضمن العديد من المواد التي تعيد تنظيم هذا المجال سواء الاعلام المقروء أو المرئى أو المسموع والإجراءات المطلوبة لإنشاء القنوات والصحف وأيضا معرفة مصادر التمويل وعرض الميزانيات بشفافية علي الهيئات الثلاث التي ستنشأ بعد صدور القانون وأن اللائحة التنفيذية للقانون منوط بها متابعة الوسيلة الإعلامية التي تدخل ضمن اختصاصها ومراقبتها، فيما نفى الدكتور رضا عكاشة أستاذ التشريعات الإعلامية بكلية الإعلام بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا وجود علاقة مباشرة بين صفقة بيع »اون تى فى« والقانون الجديد للإعلام، والصحافة وإنما يمكن التأكيد على وجود علاقة بين بيع هذه القناة والتطورات الأخيرة الحادثة بمصر، فمن الناحية المبدئية هناك غموض يحيط بمصادر التمويل في معظم القنوات سواء من حيث رأس المال الفعلى أو حجم الإنفاق والتمويل والإعلانات الموجودة بالقنوات. - رأسمال سياسى ويضيف د. عكاشة أنه من المؤكد أن رأس المال السياسى كان حاضرا بشدة في الصفقة الأخيرة وأن البيع في هذا التوقيت له دلالة سياسية في المقام الأول لأنه لم يحدث أن ظهرت مشكلة مالية في تسيير القناة وليس متوقعا أن تكون هناك أزمة تمويل تتعرض لها قناة »أون تى فى« ولكن التفسير الأكبر ظهر علي لسان صاحب القناة رجل الاعمال نجيب ساويرس نفسه هو وجود حالة من الغضب وأن قرار البيع اتخذه بسبب خوفه من غضب أطراف متعددة بالمجتمع. وهنا في هذا الصدد أشدد علي ضرورة تحقيق أربعة ضوابط رئيسية فيما يتعلق باستغلال رأس المال الفردى بالمؤسسات الإعلامية: وهى عدم زيادة نسبة صاحب القناة في رأس المال ليتراوح بين 10 و20% بحيث تخرج القناة برأسمال مشاركة ولايتحكم فيها فرد فقط ومنع تعدد إصدار القنوات تحت مسمى واحد وتفعيل خضوع القنوات لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات والتزام كل القنوات في عملها بالمضمون الذى تم علي أساسه منح الترخيص بمعنى لاتمارس نشاطا إعلاميا غير المرخص لها به فمثلا لو كانت قناة رياضية فلا تمارس سياسة أوغير ذلك. وأطرح تساؤلا هناك قنوات معلوم إجمالى إنفاقها السنوى يصل 1.2مليار جنيه فيما حجم العائدات لايتجاوز ال400مليون جنيه والسؤال الذى يطرح نفسه كيف تغطى هذه القناة مبلغ ال800مليون جنيه الفارق بين الإنفاق والإيرادات ومن الممول وماتوجهاته السياسية ومصادر أمواله إلي غير ذلك من الاسئلة الوارد طرحها في هذا التوقيت. فيما يرى أسامة الشيخ رئيس اتحاد الاذاعة والتليفزيون سابقا أن الصفقة ماهى إلا بيع رجل الأعمال لآخر رجل أعمال ايضا معتقدا أن توجه القناة في المرحلة المقبلة سيكون للترفيه تفاديا للخسارة التي كانت سببا لبيع نجيب ساويرس ال»أون تى فى« إلي أحمد أبو هشيمة، أضاف أنه لايستطيع الحديث عن أمور مجهولة بالنسبة له حول مغزى هذه الصفقة أم أنها صدفة؟ - صفقة غامضة أما الدكتور محمد شومان عميد كلية الاعلام بالجامعة البريطانية فيؤكد أن الصفقة الأخيرة بها غموض وعدم شفافية ولايعلم أحد مصادر تمويلها. وأضاف أنه لم يتم الإفصاح عن مستقبل ومصير العاملين بالقناة لأنهم لابد وأن يكونوا جزءا من الصفقة وهل المالك الجديد له الحق في الاستغناء عن العاملين كذلك الرأى العام من حقه أن يعلم باعتبار أن موضوع الصفقة وسيلة اعلامية. وتوقع د. شومان أن تتسارع عمليات البيع قبل إصدار القانون الجديد لأن القانون حسب مواد الدستور ينشىء ثلاث هيئات خاصة مهمتها منع الاحتكار والتأكد من مصادر التمويل والشفافية والافصاح ووضع مواثيق شرف ومنح نقابة الاعلاميين حقوقا للرقابة والمحاسبة. وأضاف أن النقطة الثالثة تتعلق بزواج المال بالإعلام والسياسة وقبل ثورة يناير كنا نشكو من زواج السلطة بالمال أضفنا بعد الثورة زواجا ثلاثيا ضم الاعلام وانطلقت قنوات خاصة في التفوق على ماسبيرو وهذه القنوات الخاصة خاسرة لكن تدار من خلال دعم مالي خفي من رجال الاعمال المالكين لانهم ببساطة يتحملون هذه الخسائر فهذه القنوات تدافع عن مصالحهم وتجعل منهم رقما في المعادلات السياسية التي تغيرت بعد سنوات الثورة فهو يدفع لأجل ذلك اذن هو بيزنس سياسي يخسرهم ماليا لكي يكسبهم معنويا وسياسيا، والحقيقة انهم تغولوا في الفترة الاخيرة نتيجة عدم وجود تشريعات إعلامية تضبط المنظومةوتمولها ومثال علي ذلك ساويرس رجل حزبي ولديه قناة ومشارك في قناة TEN ويؤثر في كل الميديا من خلال امتلاكه أحد أهم شركات الاعلان وهي شركة بروموميديا التي يمكنها أن تمنح وتمنع فهو حالة مجسدة فقد استخدم القناة في دعم مرشحي حزبه أثناء الانتخابات، مثال آخر وهو رجل الاعمال السيد البدوي رئيس حزب ويملك شبكة الحياة ويحذر عميد إعلام الجامعة البريطانية من فكرة التزاوج بين المال والسلطة والإعلام فمن يشترى رجال أعمال ومن يبيع رجال أعمال؟ المهم ان تكون هناك ضمانات قانونية تحمى المجتمع وتضمن وجود المعايير الدولية في هذا الشأن.