يؤكد مجدى صبحى نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية أن الاتفاقية جاءت نتيجة مفاوضات ماراثونية إلا أن الخلاف الوحيد فيها يتعلق بالنتائج الخاصة برفع العقوبات الدولية على إيران فما تم الاتفاق عليه وفقا لمصادر أمريكية يؤكد أن الرفع سيكون تدريجيا وليس كليا ومباشرا. وأشار إلى أن الاتفاقية تحمل نتائج إيجابية للجانب الإيرانى فرفع العقوبات غالبا سيشمل أرصدة إيران المجمدة بالخارج وهذا سينعكس على الحالة الاقتصادية لإيران وسيمنحها فرصة جيدة لتطوير قطاع النفط والغاز لديها بما تمتلكه من موارد عملاقة فى هذا الصدد. وأوضح أن رفع الحظر عن إيران سيعزز من فرص نمو الاستثمار بقطاعات الغاز والنفط خاصة فى ظل وجود قانون ينص على حظر زيادة الاستثمارات لشركات النفط العالمية فى إيران على 40 مليون دولار وهو رقم هزيل جدا فى حال رفع العقوبات فإن حجم الاستثمارات المتدفقة لهذا القطاع بالتحديد ستنمو بشكل كبير. وحول انعكاسات تلك الاتفاقية على اقتصاديات المنطقة قال صبحى: إن ذلك سيتوقف على مدى الوقت الذى ستستغله إيران لتنشيط قطاع النفط والغاز لديها فإذا تم ذلك خلال مدى زمنى قصير فإنه سيؤدى إلى انخفاض أسعار النفط والغاز باعتبار إيران أحد أكبر الدول المنتجة لهما وهو ما سينعكس بالسلب على الدول المنتجة ومنها دول الخليج وليبيا والجزائر. وقال صبحى: الدول المستوردة للنفط ومنها مصر ستستفيد من رفع العقوبات عن إيران لانخفاض أسعار النفط كنتيجة مباشرة لاستغلال إيران لثرواتها النفطية. ومن جانبه أكد محمد محسن أبو النور، الخبير فى الشئون الإيرانية أن الاتفاقية التى تمت فى بنود إطارية تحت عنوان «إعلان لوزان» كانت بمثابة مقايضة الأمن بالسياسة والاقتصاد حيث أعطت إيران المجتمع الدولى بنودا أمنية فى مقابل حصولها على عدد كبير من المكاسب السياسية والإستراتيجية والاقتصادية يمكن تحقيقها كاملة على المديين القريب والمتوسط. وقال يمكننا القول: إن إعلان «لوزان» أو الاتفاق الإطارى النووى تجاوز الملف النووى الإيرانى المثير للجدل إلى أدوار سياسية أوسع يمكن لإيران من خلالها تحقيق طفرة حقيقية فى اقتصادها المتعثر الذى نال 6 حزم قاسية من العقوبات التى فرضها فى السابق مجلس الأمن والاتحاد الاوروبى والولاياتالمتحدةالأمريكية. وأشار إلى أن الاتفاق الإطارى اخرج إيران الى وضع إستراتيجى يسمح لها بالتموضع الاقتصادى من خلال أمرين، أولهما: الاشتراك مع المجتمع الدولى فى مكافحة الإرهاب. وثانيهما: حماية ممرات الطاقة فى المنطقة خاصة أن تلك الطاقة ما تزال تعتمد عليها أغلب دول أوروبا حتى بعد أن حققت الولاياتالمتحدةالأمريكية اكتفاءها الذاتى من الزيت الصخرى ما يعنى أن إيران قد تتحكم فى كمية ونوعية النفط الصادر إلى الغرب فضلا عن أن فك الحظر عن 3 قطاعات مهمة من اقتصادها سيعطيها زخما فى التعاملات السوقية الدولية وهذه القطاعات تشمل المعادن النفيسة والعملة المحلية والبنك المركزى والشحن والملاحة البحرية والجوية. حرية الأسواق وأوضح: وفقا لهذه القطاعات الخمسة تستطيع إيران الانفتاح بحرية على أسواقها القديمة فى دول مجموعة الآسيان وهى الدول ال 12 الموجودة فى إقليم جنوب شرقى آسيا بدلا من التعاملات التى كانت تتم فى إطار السوق السوداء وبيع المنتجات النفطية والبتروكيماوية بأسعار أقل كثيرا جدا من السعر العالمى تفاديا للعقوبات وبخدمات آجلة يمكن لإيران أن تستعيض عن ذلك بتعاملات شفافة بأسعار عالية تحسن من دور الاقتصاد فضلا عن فتح أسواق جديدة فى إفريقيا وأوروبا. وقال: من المرجح أن يؤدى الحظر الدولى على التعاملات مع البنك المركزى الإيرانى إلى استثمارات أمريكية وأوروبية فى مجالات استخراج وتطوير حقول النفط والصناعات المتعلقة بقطع غيار السيارات وغيرها من الصناعات الثقيلة فألمانيا فقط تستهدف تعاملات بقيمة 5 مليارات يورو كحد أدنى مع بداية الانفتاح التجارى وهكذا يمكن لإيران أن تحقق ما قيمته 20 مليار دولار على الأقل فى أول 3 سنوات من تعاملاتها الجديدة وأشار إلى أن مصر لن تكون على رأس الدول المضارة سياسيا أو اقتصاديا بل على العكس يمكن لمصر أن تحقق مكاسب من هذا الوضع الجديد فلدى إيران تجربة رائدة فى الاكتفاء الذاتى من القمح وكذلك لديها عدة تجارب فى الصناعات الثقيلة منها صناعات السيارات ويمكن للقاهرة الاستفادة من الخبرة الطهران فى ذلك خاصة أن مصر بصدد إنشاء عاصمة إدارية جديدة. وما سيحدث بين الغرب وإيران سيخدم اقتصاديات المنطقة حيث سينعش حركات التجارة والتصدير والاستيراد فى المنطقة بوجه عام ما من شأنه إفادة قناة السويس الممر الملاحى الوحيد فى المنطقة. وقال: إيران بحاجة ماسة إلى نقل تكنولوجيا الاستثمار فى الابتكار الى صناعتها واقتصادها مثلما قامت به تركيا خاصة أنها خرجت من عنق زجاجة ظلت حبيسة فيه طيلة 35 عاما وستتعمد الاستفادة من الخبرتين اليابانية والألمانية بعد الحرب العالمية الثانية حيث اعتمدتا على هذا النوع من الاستثمار. وأوضح بالطبع قد يؤدى ذلك إلى تنافس فى المنطقة يحفز الدول الأخرى على مماثلة النموذج ومحاكاته خاصة أن معظم دول المنطقة بما فيها مصر تعانى من اقتصاد هش يحتاج إلى أمرين أولهما: تكنولوجيا الاستثمار فى الابتكار، وثانيهما: التركيز على الصناعات الصغيرة والمتناهية الصغر.