زيلينسكي يصرح بأن الرئيس الأمريكي لم يتخذ بعد قرارا نهائيا بشأن صواريخ توماهوك    ترامب: الحرب في غزة انتهت والإدارة الجديدة ستبدأ عملها بسرعة كبيرة    صلاح وزوجته يحتفلان بالتأهل في أرضية ستاد القاهرة    البطاقة 21.. غانا تتأهل لكأس العالم 2026    سعفان الصغير: باب المنتخب مفتوح للجميع    مصرع شخصين في انقلاب سيارة بطريق مصر – الفيوم    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. مقتل صالح الجعفراوي خلال اشتباكات بين حماس وعائلة فلسطينية في غزة.. ترامب يغادر البيت الأبيض بعد قليل متجها إلى الشرق الأوسط.. والرئاسة الفرنسية تعلن تشكيل حكومة جديدة    مياه الشرب بدمياط تعلن فصل خدمات المياه عن قرية السنانية 8 ساعات    بدء تحرك الحافلات مع الصليب الأحمر لاستلام الأسرى الفلسطينيين (فيديو)    منتخب المغرب للشباب يفوز على أمريكا ويتأهل لنصف نهائى كأس العالم    عبد الظاهر السقا: تنظيم أكثر من رائع لاحتفال المنتخب بالتأهل لكأس العالم    نادر السيد يكشف تفاصيل مسيرته فى الملاعب حتى الاعتزال: لم انتقل من الزمالك للأهلي مباشرة.. قررت أكون حارس مرمى وأنا عمري 7 سنين.. بطولة أفريقيا 93 مع الزمالك كانت ملحمة.. واعتزلت كرة القدم عندما فقدت شغفي    رئيس الوزراء البريطانى يصل إلى شرم الشيخ للمشاركة فى قمة السلام    حصيلة ممتلكات سوزي الأردنية.. 3 وحدات سكنية ومحافظ وحسابات بنكية.. إنفوجراف    محمود حميدة وشيرين يشاركان فى مهرجان القاهرة بفيلم شكوى رقم 713317    غريب في بيتك.. خد بالك لو ولادك بعتوا الصور والرسايل دي ليك    محمد الشرقاوي لليوم السابع: عروض فرقة المواجهة والتجوال في رفح 18 أكتوبر    أنواع الأنيميا عند الأطفال وأسبابها وطرق العلاج    حسام حسن: أتشرف بالتأهل لكأس العالم لاعبا ومدربا.. وصلاح شقيقي الأصغر    إبراهيم حسن: لماذا لا نحقق نتائج المغرب في كأس العالم    زيزو: الوصول لكأس العالم كان أحد أحلامي.. والتصفيات كانت صعبة    فرنسا تُعلن تشكيل حكومة جديدة برئاسة لوكورنو لتجاوز الأزمة السياسية    ترامب: الصراع في غزة انتهى والإدارة الجديدة ستباشر عملها قريبًا    الأولى على القسم الجامعي "تمريض": التحاقي بالقوات المسلحة حلم الطفولة وهدية لوالدي    بعد تجاوزات إثيوبيا غير القانونية.. مصر تكشر عن أنيابها في أزمة سد النهضة.. متخصصون: ندافع عن حقوقنا التاريخية في نهر النيل والأمن المائي خط أحمر    نائب محافظ قنا يتفقد عددًا من الوحدات الصحية لمتابعة جودة الخدمات المقدمة للمواطنين    حبس رجل أعمال متهم بغسل 50 مليون جنيه في تجارة غير مشروعة    خبير تربوي يضع خطة لمعالجة ظاهرة العنف داخل المدارس    القائمة الكاملة لأسعار برامج حج الطبقات البسيطة ومحدودي الدخل    البنك المركزي يقبل سيولة بقيمة 125.6 مليار جنيه في عطاء أذون الخزانة اليوم    الغرف السياحية تكشف تأثير قمة شرم الشيخ على مدينة السلام    وزير الصحة يلتقي الرئيس التنفيذي لمعهد WifOR الألماني لبحث اقتصاديات الصحة    هل التدخين يبطل الوضوء؟ أمين الفتوى: يقاس على البصل والثوم (فيديو)    أسامة الجندي: القنوط أشد من اليأس.. والمؤمن لا يعرف الإثنين أبدًا    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : أول الحذر..ظلمة الهوى000؟!    نوفمر المقبل.. أولى جلسات استئناف "سفاح المعمورة" على حكم إعدامه    ابن النادي" يتصدر تريند "إكس" بعد تصاعد الأحداث المثيرة في الحلقات الثالثة والرابعة (صور)    بيحبوا يصحوا بدري.. 5 أبراج نشيطة وتبدأ يومها بطاقة عالية    بعد مصرع الطفل " رشدي".. مديرة الامراض المشتركة تكشف اساليب مقاومة الكلاب الحرة في قنا    تأجيل إستئناف المتهم الرئيسي ب " تظاهرات الألف مسكن "    الخريف.. موسم الانتقال والحنين بين دفء الشمس وبرودة النسيم    رئيس منطقة مطروح الأزهرية يكرم الطالبة هاجر إيهاب فهمي لتفوقها في القرآن والخريدة البهية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم 12-10-2025 في محافظة الأقصر    مي فاروق: أغنية «باركوا» علامة في كل الأفراح.. ومشاركة زوجي في ألبوم «تاريخي» صدفة    أوسكار عودة الماموث.. فيلم يخطو نحو الإبهار البصري بقصة إنسانية مؤثرة    دمياط: فصل المياه في بعض المناطق منتصف الليل حتى الثامنة صباحا    الخريف موسم الانتقال... وصراع المناعة مع الفيروسات الموسمية    بالأسماء.. الرئيس السيسي يُصدر قرارا بتعيينات في مجلس الشيوخ    "سلامة الغذاء" تنفذ 51 مأمورية رقابية على السلاسل التجارية في أسبوع    الضرائب: الفاتورة الالكترونية والإيصال الإلكتروني شرط أساسي لإثبات التكاليف ورد ضريبة القيمة المضافة    وزارة الصحة: 70% من المصابين بالتهاب المفاصل عالميا يتجاوز عمرهم ال55 عاما    تنفيذ ورش تدريبية مجانية لدعم الحرف اليدوية للمرأة في الأقصر    "الوطنية للانتخابات" تواصل تلقي طلبات الترشح لانتخابات مجلس النواب 2025 لليوم الخامس    مراكز خدمات «التضامن» تدعم ذوى الهمم    مدارس التكنولوجيا تعيد رسم خريطة التعليم الفنى    مصر تتسلم رئاسة المنظمة الدولية للتقييس "أيزو" لمدة 3 أعوام بعد فوز مشرف ومستحق    استبعاد معلمي الحصة من حافز ال 1000 جنيه يثير الجدل.. خبير تربوي يحذر من تداعيات القرار    وزير الأوقاف فى الندوة التثقيفية بالإسماعيلية: الوعى أساس بناء الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نص كلمة السيسي في الدورة ال26 للقمة العربية بشرم الشيخ
نشر في الأهرام العربي يوم 28 - 03 - 2015


سوزى الجنيدى
تسلم الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم /السبت/ الرئاسة الدورية للقمة العربية من أمير دولة الكويت الشيخ الصباح الأحمد الجابر المبارك الصباح, وذلك خلال افتتاح أعمال القمة ال26 بشرم الشيخ.
وفيما يلى نص كلمة الرئيس السيسي،
أصحابَ الجلالةِ والفخامةِ والسمو والمعالى ...
معالي الدكتور نبيل العربى ... أمينُ عامِ جامعةِ الدولِ العربية ...
الضيوف الكرام ...
السيداتِ والسادة ...
يُسعدنى أن أرحب بكم جميعاً أخوة أعزاء على أرض مصر ... وأن أنقل إليكم كل تقدير ومودة الشعب المصري الذي طالما اعتز بانتمائه لأمته العربية ... التى بذل المصريون وسيبذلون دوماً أغلى ما يملكون صوناً لاستقلالها وكرامتها ... كما يطيب لى أيضاً فى افتتاحِ أعمالِ اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة فى دورتِه العاديةِ السادسةِ والعشرين ... أن أعرب باِسمى وباسمكم عن كل الشكر والتقدير لدولةِ الكويتِ الشقيقةِ ... ولأخى صاحبِ السموِ الشيخِ صبّاح الأحمد الجابر الصباح ... لقيادته الحكيمة ورؤيته السديدة خلال تولي الكويت رئاسة الدورةِ الماضيةِ للقمةِ العربيةِ ... والتى أضافت لَبِنة جديدة إلى بناء العمل العربى المشترك ... ولا يفوتنى أن أشيد بالجهود التى بذلتها الأمانةِ العامةِ لجامعةِ الدولِ العربيةِ وأمينها العام الدكتور نبيل العربى ... طوال الدورة السابقة وللإعدادِ لاجتماعنا اليوم ... والذى أرجو من اللهِ عزَّ وجلّ أن يُكلّلَ بالنجاحِ والتوفيق ... وأن ترقى نتائجه إلى تطلعات الأمة العربية التى تعلق آمالاً كبيرة على جامعتنا ... وتنتظر المزيد من تعزيز التضامن والعمل العربي المشترك.
السيدات والسادة،
استشعر عِظَم المسئولية لتزامن مشاركتى الأولى فى قمةٍ عربيةٍ كرئيس لمصر بيت العرب... مع تشرفها باستضافةِ ورئاسةِ الدورةِ الحالية ... فلا يخفى عليكم أن خطورة العديد من القضايا التى تواجهنا فى هذه المرحلة فى أنحاء الوطن العربى قد بلغت حداً جسيماً ... بل وغير مسبوق... من حيث عمق بعض الأزمات واتساع نطاقها وسوء العواقب المترتبة عليها فى الحاضر والمستقبل ... فانعقاد قمتنا اليوم تحت عنوان التحديات التى تواجه الأمن القومى العربى... إنما يمثل تعبيراً عن إدراكنا لضرورة أن نتصدى لتلك القضايا دون إبطاء أو تأجيل... من خلال منهج يتسم بالتوازن والمصداقية وعبر أدوات ذات تأثير وفاعلية ...
عانت أمتنا العربية من المحن والنوازل منذ إنشاء جامعتها ... ما بين الكفاح من أجل تحرير الإرادة الوطنية أو للتخلص من الاستعمار أو الحروب التى خاضتها دفاعاً عن حقوقها... وبين تداعيات المشكلات الاقتصادية الخارجية والداخلية ... لكن هذه الأمة ... وفى أحلك الظروف ... لم يسبق أن استشعرت تحدياً لوجودها وتهديداً لهويتها العربية كالذي تواجهه اليوم... على نحو يستهدف الروابط بين دولها وشعوبها ... ويعمل على تفكيك نسيج المجتمعات فى داخل هذه الدول ذاتها ... والسعى إلى التفرقة ما بين مواطنيها ... وإلى استقطاب بعضهم وإقصاء البعض الآخر على أساس من الدين أو المذهب أو الطائفة أو العِرق... تلك المجتمعات التى استقرت منذ مئات السنين ... وصهرها التاريخ فى بوتقته ووحدتها الآمال والآلام المشتركة... وسواءٌ اكتسى ذلك التهديد رداء الطائفة أو الدين أو حتى العِرق وسواءٌ روجت له فئة من داخل الأمة أو أقحمته عليها أطراف من خارجها بدعاوى مختلفة ... فإن انتشاره سوف يكسر شوكة هذه الأمة وسوف يفرق جمعها ... حتى تغدو فى أمد قصير متشرذمة فيما بينها ومستضعفة ممن حولها بسبب انهيار دولها وشدة انقسامها على ذاتها...
إن ذلك التحدى الجسيم لهوية الأمة ولاستقرار مجتمعاتها ولطبيعتها العربية الجامعة ... يجلب معه تحدياً آخر لا يقل خطورة ... لأنه يمس الأمن المباشر لكل مواطنيها وهو الإرهاب والترويع ... الذى يمثل الأداة المُثلى لهؤلاء الذين يروجون لأى فكر متطرف كى يهدم كيان الدول ويعمل على تقويضها ... ولقد رأينا كيف استغل هؤلاء وجود بعض أوجه القصور فى عدد من الدول العربية فى الوفاء باحتياجات مواطنيها ... فاستغلوا تطلعات المواطنين المشروعة لاختطاف الأوطان واستغلالها من أجل مآربهم ... أو لإعلان الحرب على الشعوب حتى تذعن لسلطانهم الجائر ... كما رأينا أيضاً كيف اشتدت شراسة الإرهاب فى حربه التى يشنها على الآمنين ... والحد الذى بلغته بشاعة الجرائم التى بات الإرهابيون يمارسونها بكل جرأة مستهزئين بأية قيم دينية أو أخلاق إنسانية ... بهدف نشر الفزع وبث الرعب ... ومن أجل إظهار قدرتهم على تحدى سلطات الدول وهز الثقة فيها ... كوسيلة للترويج للفكر المتطرف الذى يقف ما وراء الإرهاب ويستغله باسم الدين أو المذهب لتحقيق أهداف سياسية.
ويقتضى الإنصاف منا أن نواجه أيضاً ... وبكل ثقة وإصرار ... المشكلات التى يمثل تراكمها تحدياً لمجتمعاتنا ... على الصعيدين الاقتصادى والاجتماعى ... لاسيما فى مجالات مثل بطالة الشباب والأمية والفقر وعدم كفاية الخدمات الاجتماعية ..وأن نعمل على تعظيم الاستفادة من وعينا بأهمية تلك المشكلات عندما خصصنا قمة عربية دورية للشئون الاقتصادية والتنموية والاجتماعية ... إن عدم إيلاء الاهتمام الواجب لتلك المشكلات يضعها حتماً فى مصاف التحديات التى تواجه أمننا القومى ... خاصة وأنها تكتسب أبعاداً إضافية من خلال استغلال آثارها السلبية على المجتمعات العربية من المتربصين بالأمة فى الداخل أوالخارج.
إن بعض الأطراف الخارجية تستغل الظروف التي تمر بها دول عربية للتدخل في شئونها أو لاستقطاب قسم من مواطنيها بما يهدد أمننا القومي بشكل لا يمكننا إغفال تبعاته على الهوية العربية وكيان الأمة .. فلقد أغرت تلك الظروف أطرافاً فى الإقليم وفيما وراءه وأثارت مطامعها إزاء دول عربية بعينها ... فاستباحت سيادتها واستحلت مواردها واستهدفت شعوبها ... وقد تفاعلت تلك التدخلات مع مؤثرات أخرى كالإرهاب والظروف الاقتصادية والاجتماعية ... بل وحتى الاحتلال ... لتزيد من وطأة التحديات وتخدم بذلك أهدافاً تضر بمصالح الأمة العربية وتحول دون تحقيق تقدمها.
السيدات والسادة،
إن المسئولية الملقاة على عاتقنا لمواجهة كل تلك التحديات تتطلب منا ... كما ذكرت ... منهجاً للمعالجة يتميز بالمصداقية والفعالية ... الأمر الذى ينبغى أن يدعونا للتفكير فى اتخاذ إجراءات عملية جماعية ... ذات مغزى ومضمون حقيقى ... تتسق مع أهدافنا فى الحفاظ على الهوية العربية وتدعيمها ... وصد محاولات التدخل الخارجى فى شئوننا ... وردع مساعى الأطراف الأخرى للمساس بسيادة الدول العربية الشقيقة وحياة مواطنيها ... وأثق أننا جميعاً... وأمتنا العربية ... نعتقد أن ذلك الصد وهذا الردع هو حق لنا ... هو دفاع عن أمننا دون تهديد لشقيق قريب أو لأى جار ... قريب كان أو بعيد ... هو درع لأوطاننا ولأهلنا ... وليس سيفاً مُسلطاً على أحد إلا من يبادرنا بالعدوان ...
لقد مرت بأمتنا مراحل لم تزد فى أخطارها عما نعايشه اليوم ... فرأى قادة الأمة العربية معها أنه لا مناص من توحيد الجهود لمواجهتها ... وأنه لابد من أدوات للعمل العربى العسكرى المشترك للتغلب عليها ... لكنه ومهما كان تقييمنا لمدى نجاح كل تلك الجهود ... وإزاء إمكانية تفاقم الأوضاع والتحديات الراهنة من إرهاب يداهم ويروع ومن تدخلات خارجية شرسة ... نحتاج إلى التفكير بعمق وبثقة فى النفس ... فى كيفية الاستعداد للتعامل مع تلك المستجدات من خلال تأسيس "قوة عربية مشتركة" ... دونما انتقاصٍ من سيادةِ أى من الدولِ العربيةِ واستقلالِها... وبما يتّسِقُ وأحكامِ ميثاقىّ الأممِ المتحدةِ وجامعةِ الدول العربيةِ ... وفى إطارٍ من الاحترامِ الكاملِ لقواعدِ القانونِ الدولى ... ودون أدنى تدخل فى الشئون الداخلية لأى طرف... فبنفسِ قدرِ رفضِنا لأى تدخلٍ فى شئونِنا ... لا نسعى للافتئاتِ على حقِ أيةِ دولةٍ فى تقريرِ مستقبلِها وفقَ الإرادةِ الحرةِ لشعبِها .
وفى هذا الإطار ... ترحب مصر بمشروع القرار الذى اعتمده وزراء الخارجية العرب وتم رفعه للقمة بشأن إنشاء قوة عربية مشتركة ... لتكون أداة لمواجهة التحديات التي تهدد الأمن القومى العربى.
إن لدى الأمة العربية من الإمكانيات ما يكفل لها المضى نحو مزيد من التكامل الذى لا تقتصر عوائده على الجوانب الاقتصادية فحسب ... إنما من الضرورى النظر إليه باعتباره إحدى الوسائل الهامة لتثبيت ولتأكيد الهوية العربية ... هوية الإقليم العربى ... الذى باتت حدوده وبعض أنحائه تتعرض للهجوم والتآكل ... ويهمنى أن أشيد هنا بالدور البارز الذى يقوم به البرلمان العربى فى التعبير عن تطلعات واهتمامات الشعوب العربية ... وتجسيد قيمة العمل العربى المشترك ... كما أود أيضاً أن أنوه بنتائج مؤتمر وزراءِ التنميةِ والشئونِ الاجتماعيةِ العربِ فى أكتوبر الماضى ... والذى اعتمدَ إعلاناً يتضمن أولوياتِ التنميةِ العربيةِ لما بعد عامِ ألفين وخمسةَ عشر ... نسعى إلى تضمينه فى أولويات أجندة التنمية المُرتقبة... حتى نؤكد حرصنا على مكافحةِ الفقرِ بأنواعه وتحقيقِ العدالةِ الاجتماعيةِ ... وتوفير سبلِ العيشِ الكريمِ للشعوبِ العربية ...والارتقاءِ بمستوى الخدماتِ لاسيما الصحية والقضاء على الأمية بحلول عام 2024 ... وخلقِ المزيدِ من فرصِ العمل للجميع ... بمن فيهم الشباب من النساء والرجال.. وإقامةِ مجتمعاتٍ عربيةٍ آمنةٍ مستقرة.
السيداتُ والسادة،
لقد أكّدنا مِراراً على أهميةِ دورِ المؤسساتِ الدينية فى التصدى للفكرِ المتطرف لأن من يسير فى طريقه الوعر سينزلق حتماً إلى هاوية الإرهاب ... ما لم يجد سبيلاً ممهداً لصحيح الدين ... إننا فى أمَس الحاجةِ إلى تفعيلِ دورِ مؤسساتِنا الدينيةِ بما يعزِّزُ الفهمَ السليمَ لمقاصدِ الدينِ الحقيقيةِ من سماحةٍ ورحمةٍ ... إننا فى أمس الحاجةِ إلى تنقيةِ الخطابِ الدينى من شوائبِ التعصبِ والتطرفِ والغُلُوِّ والتشدُّد ... لتتضح حقيقة الدين الإسلامى الحنيف واعتداله... والأملُ معقودٌ فى ذلك على كافةِ المؤسساتِ الدينية فى الدولِ العربية ... ولقد كان مؤتمرُ مواجهةِ التطرفِ والإرهابِ الذى احتضنهُ الأزهرُ الشريفُ فى ديسمبر الماضى نموذجاً عملياً لمثلِ هذه الجهودِ التى ننشدُ من خلالِها تجفيفَ منابعِ الفكرِ المنحرفِ ... كما أن على رجالِ الفكرِ والثقافةِ والإعلامِ والتعليم واجباً عظيماً تجاهَ أوطانِهم .. من خلالِ تحصينَ النشءِ والشبابِ العربى ضدَ المعتقدات التى تحضُّ على الكراهيةِ وجمود الفكرِ ورفضِ التنوعِ وإقصاءِ الآخر ... وترسيخِ مفهومِ الدولةِ الوطنيةِ الحديثةِ والحث على حمايةِ النسيجِ العربى بكامِلِ مكوناتِه ... وعلى إدراكِ قيمةِ التراثِ الحضارى والإنسانى ككل ... والذى شكلت الحضارتين العربية والإسلامية رافداً أساسياً له ... فأثرت مكونه الروحى ... كما أطلقت طاقات الفكر والأدب والعلوم والإبداع .. لتنهل البشرية منها وتنشد مستقبلاً أفضل ... ولقد استلهمت نخبة من المفكرين والمثقفين العرب تلك الروح ... فشاركوا فى مؤتمرِ مكتبةِ الإسكندرية الذي دعت إليه مصر فى القمة السابقة ... لوضعِ إستراتيجيةٍ عربيةٍ شاملةٍ لمواجهةِ الفكرِ المتطرف... والذي خلص إلى عددٍ من التوصياتِ الجديرة بالاهتمام والتطبيق ... وأرجو أن يكونَ ذلك المؤتمر حلقة فى سلسلة عملٍ فكرى متواصل.
وفى هذا الإطار ...أود أن أشير إلى خطر إرهابى جديد غير تقليدى ...يستغل التقنيات الحديثة وعلى رأسها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ...ويسئ استخدام شبكة المعلومات والإنترنت بغرض التحريض والترهيب ونشر الفكر المتطرف... وتدعو مصر لتضافر كافة الجهود لوضع مبادئ عامة للاستخدام الآمن لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات...وتفعيل الاتفاقات الدولية المنظمة لهذا الشأن.
السيدات والسادة،
إن كل تلك التحديات أفرزت أزمات ألقت ومازالت تلقى بظلالها الوخيمة على عالمنا العربى .. وليس أكثر الحاحاً اليوم ... ولا أشد تجسيداً للمدى الذى بلغته تلك التحديات من الأوضاع فى اليمن .. حيث وصلت إلى حد النيل من أمننا المشترك وليس المساس به فحسب... فما بين استقواء فئة بالسلاح وبالترويع لنقض شرعية التوافق والحوار ... وبين انتهازية حفنة أخرى طامعة للاستئثار باليمن وإقصاء باقى أبنائه ... وبين تدخلات خارجية تستغل ما أصاب اليمن لنشر عدواها فى الجسم العربى ... فشلت مساعى استئناف الحوار ... وذهبت أدراج الرياح كل دعوات تجنب الانزلاق إلى الصراع المُسلح ... فكان محتماً أن يكون هناك تحرك عربى حازم ... تشارك فيه مصر من خلال ائتلاف يجمع بين دول مجلس التعاون الخليجى ودول عربية وأطراف دولية ... بهدف الحفاظ على وحدة اليمن وسلامة أراضيه ومصالح شعبه الشقيق ووحدته الوطنية وهويته العربية... وحتى تتمكن الدولة من بسط سيطرتها على كامل الأراضى اليمنية واستعادة أمنها واستقرارها.
السيدت والسادة،
إن ما آلت إليه أوضاع ليبيا الشقيقة لا يُمكن السكوت عليه ... ولا يخفى عليكم أن استعادة الأمن والاستقرار فى ليبيا لا يحتل فقط أهمية قصوى بالنسبة لمصر ... لاعتبارات الجوار الجغرافى والصلات التاريخية القديمة... ولكن للإقليم والمنطقة العربية ككل على ضوء تشابك التهديدات ووحدة الهدف والمصير ... فضلاً عن الاعتبارات المتصلة بصون السلم والأمن الدوليين ... الذي بات يتأثر بما تشهده الساحة الليبية من تطورات وتنامى لخطر الإرهاب ...وفى الوقت ذاته فإن تأييدنا لمجلس النواب الليبى المُنتخب ... وللحكومة المنبثقة عنه ... إنما يرجع بشكل أساسى لاحترامنا التام لإرادة الشعب الليبى ولحقه فى تقرير مستقبله بنفسه ... ولكن الوضع فى ليبيا يزداد خطورة وتعقيداً يوماً بعد يوم ... فى ظل استفحال ووحشية التنظيمات الإرهابية ... مما يستلزم تقديم كافة أشكال الدعم والمساندة للحكومة الشرعية دون إبطاء ... لتمكينها من أداء دورها فى بسط الأمن والاستقرار فى ربوع ليبيا ... وبما يُفعل دورها فى مكافحة الإرهاب ويسمح لها بالدفاع عن نفسها ضد التنظيمات الإرهابية... كما ندعم فى الوقت ذاته وبكل قوة ... الحلول السياسية المطروحة من قبل الأمم المتحدة ... والرامية إلى تحقيق توافق بين أشقائنا فى ليبيا وصولاً إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية ... إلا أنه وبالنظر إلى التطورات المُتسارعة وتمدد تواجد التنظيمات الإرهابية .. فإنه لم يعد مقبولاً ما يسوقه البعض من ذرائع حول الربط بين دعم الحكومة الشرعية وبين الحوار السياسى... فليس من المنطقى أن نطلب من الشعب الليبى العيش تحت نيران الإرهاب لحين التوصل لتسوية سياسية ... وموقفنا واضح جلى فى أننا نُدعم المسارين بذات القدر ... ومن جانب آخر ندعو المجتمع الدولى للاِضطلاع بمسئولياته ... وبلورة رؤية أكثر واقعية ووضوحاً لمحاربة الإرهاب والتعامل مع كافة تنظيماته ... وعدم إضاعة المزيد من الوقت .. لكي لا يتصور من يرفعون السلاح أن هذا هو السبيل لتحقيق مكاسب سياسية.
السيدات والسادة،
لقد باتت الأزمة السورية مأساة يتألم لها الضمير العالمى ... وإننا ننظر بقلق بالغ حيال استمرار مُعاناة الشعب السورى ... فالأوضاع المُتردية هناك تتفاقم يوماً بعد يوم ... وقد شاهدنا ما أدى إليه التدهور من خلق حالة فراغ استغلتها التنظيمات الإرهابية ... فصار استمرار هذا الوضع المؤسف يُهدد أمن المنطقة بأسرها ... إن الحاجة مُلحة للتعاون والتنسيق لاعتماد تصور عربى يُفضى إلى إجراءات جدية لإنقاذ سوريا وصون أمن المنطقة ... ولا مناص من استمرار الدفع إزاء الحل السياسى لوقف نزيف الدم ... وبما يحفظ وحدة الأراضى السورية وثراء نسيجها الوطنى بمكوناته المختلفة ... تحت مظلة الدولة المدنية الحاضنة لجميع السوريين .
إن مصر لا تزال تتعامل مع الأزمة السورية من زاويتين رئيسيتين ... الأولى دعم تطلعات الشعب السورى لبناء دولة مدنية ديمقراطية ... والثانية هى التصدى للتنظيمات الإرهابية التى باتت منتشرة ... والحيلولة دون انهيار مؤسسات الدولة السورية ... وانطلاقاً من مسئولية مصر التاريخية تجاه سوريا فإن مصر بادرت بدعم من أشقائها العرب إلى العمل مع القوى الوطنية السورية المُعارضة المُعتدلة ... وصولاً إلى طرح الحل السياسى المنشود ... حيث استضافت القاهرة فى يناير الماضى اجتماعاً ضم طيفاً عريضاً من قوى المعارضة الوطنية السورية ... ونعكف حالياً على الإعداد لاجتماع أكثر اتساعاً لتلك القوى السياسية ... إن الدفع بطرح سياسى يتبناه السوريون وتتوافق عليه دول المنطقة والمجتمع الدولى هو خطوة هامة على طريق الوصول لحل سياسى يضع نهاية لمحنة الشعب السورى ... ويُحقق آماله وفقاً لإرادته الحرة المستقلة فى بناء دولة وطنية ديمقراطية .
السيدات والسادة،
إن نجاح العراق الشقيق فى إتمام الاستحقاقات الدستورية ... التى تُوجت بتشكيل الحكومة الجديدة .. يستدعى منا تقديم المساندة للخطوات الإيجابية التى شرعت الحكومة فى تبنيها لاستعادة الأمن والاستقرار ... كما نُرحب بما تنتهجه هذه الحكومة من سياسات مقرونة بالتطبيق... لترميم علاقاتها مع دول جوارها العربى ... بما يسمح للعراق بمُمارسة دوره الهام فى محيطه العربى ... ونأمل أيضاً ... أن تتمكن حكومة العراق من الوفاء بمتطلبات الوفاق والمصالحة بين مختلف مكونات الشعب العراقى ... وصولاً لإحياء مفهوم الدولة الوطنية بعيداً عن أى تمايز عِرقي أو طائفي... معولين على جهودها الرامية لاستعادة سيطرتها على كامل ترابها الوطنى ... بما يُمكنها من دحر التنظيمات الإرهابية المتطرفة ... فهذه الجهود لا تصون أمن العراق فقط بل تحفظ الأمن القومى العربى برمته ...كما تُتابع مصر باهتمام التطورات التى تشهدها الساحة اللبنانية فى ظل التحديات الكبرى التى تشهدها المنطقة ... ولا يفوتنى فى هذا الصدد أن أعرب عن ترحيب مصر بالحوار القائم بين مختلف القوى السياسية اللبنانية ... لاستعادة الاستقرار فى هذا البلد الشقيق ... ووقف حالة الاستقطاب ... وتخفيف حدة الانقسام بما يُمكن لبنان من اجتياز هذه المرحلة الدقيقة من تاريخه... ويحفظ مقدرات الشعب اللبنانى ومؤسسات دولته ... ويُحقق الاستقرار الإقليمى المنشود ... ونأمل أن تفضى هذه الجهود إلى انتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية دون مزيد من الانتظار ... ولابد لى أن أنوه أيضاً إلى ما يعانيه أشقاؤنا فى جمهورية الصومال ... من عدم استقرار وتهديدات لحياتهم اليومية منذ أكثر من عقدين ... فرغم ما نُلاحظه من تحسن تدريجى فى الأوضاع الأمنية والسياسية مؤخراً ... بفضل الجهود المضنية التى تقوم بها الحكومة الفيدرالية الصومالية ... والدعم العربى والإفريقى والدولى لها ... إلا أن الاعتداءات الإرهابية المتكررة ... ما تزال تُمثل تهديداً مباشراً لأمن واستقرار المنطقة الذى هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربى ... فى ظل الروابط الفكرية والتنظيمية بين التيارات المتطرفة داخل الصومال وبين شبكات الإرهاب الإقليمية والدولية .... وأود فى هذا الإطار أن أؤكد على دعم مصر الكامل لجهود الحكومة الصومالية فى تنفيذ "رؤية 2016" ... من أجل استكمال البناء المؤسسى والدستورى فى الصومال وتحقيق طموحات شعبه الشقيق.
السيدات والسادة،
على الرغم من جسامة التحديات والتهديدات التى تواجهها أمتنا العربية ... سيظل اهتمام مصر بالقضيةِ الفلسطينيةِ راسخاً ... إدراكاً منها لأن حلَّ هذه القضيةِ هو أحدُ المفاتيحِ الرئيسيةِ لاستقرارِ المنطقة ... التى لن تهدأ أبداً طالما ظلت حقوق الشعب الفلسطينى مُهدَرة... على الرغمِ من اعترافِ المجتمعِ الدولى بحقه فى إقامةِ دولته المستقلة وعاصمتُها القدسُ الشرقية ...
إن قلوبنا وعقولنا مفتوحةٌ للسلام العادل والشامل الذي يحقق الأمن والسلام لكل الأطراف والذي يتطلب إنهاء الاحتلالِ الإسرائيلى لكل الأراضى الفلسطينية ... من خلال مفاوضات جادة ومثمرة على أساس القرارات الدولية ومبادرة السلام العربية ... مع ضرورة وقف الأنشطةِ الاستيطانيةِ الإسرائيلية والانتهاكاتِ المستمرةِ للمقدساتِ الدينية جميعِها ...
لا يُمكن الحديث عن التحديات التى تواجه الأمن القومى العربى دون التأكيد مُجدداً وبقوة... على ثوابت الموقف العربى حيال مسألة إخلاء منطقة الشرق الأوسط من السلاح النووى وأسلحة الدمار الشامل ... فسوف ينعقد مؤتمر مراجعة معاهدة عدم الانتشار خلال شهرى أبريل ومايو المقبلين ... ويُمثل انعقاد المؤتمر فرصة حقيقية للدول العربية ... لمطالبة المجتمع الدولى بتحمل مسئولياته والإسراع باتخاذ خطوات عملية ومُحددة ... لتنفيذ القرار الصادر عن مؤتمر مراجعة عام 1995 ... حول إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وكافة أسلحة الدمار الشامل الأخرى فى الشرق الأوسط ...
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والمعالى،
أختتمُ كلمتِى بالتأكيد على أن مستقبل هذه الأمة مرهونٌ بما نتخذه من قرارات ... والمطلوبُ منا كثيرٌ فى هذا المنعطفِ التاريخى الهام ... حيث تتزايد تطلعاتُ الشعوبِ فى تحقيق الرخاء وهو حَقٌ لها ... فى ذات الوقتِ الذى تتعاظمُ فيه التحدياتُ ... إنها مسئوليةٌ جسيمةٌ وأمانةٌ ثقيلةٌ ... نرجو من اللهِ العونَ فى أدائها والنهوضِ بها ... حتى لا نغدو يوماً مجرد مجموعة من الدول ... تلتف حول تاريخٍ مجيد جمعها يوماً فى الماضى ... لكنها عاجزة عن التأثير فى حاضرها أو عن صناعة المستقبل ... فأمتُنا تستحق منا الكثير ... عزةً وكرامةً لها... وصوناً لقدرها ومقدراتها .
تحيا الأمة العربية .. تحيا الأمة العربية .. تحيا الأمة العربية
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.