أ. ف. ب تلقى الجيش السوري الحر الذي يعاني من تفكك وانقسامات وتعدد مرجعيات صفعة جديدة مع تعليق كل من واشنطنولندن الداعمتين له مساعداتهما العسكرية غير الفتاكة الى شمال سوريا بسبب تصاعد نفوذ الاسلاميين والجهاديين، ما يهدد باضعاف وضع المعارضة المسلحة مع اقتراب عقد المؤتمر الدولي حول سوريا. في هذا الوقت، تزداد التداعيات الانسانية للنزاع تعقيدا في ظل عاصفة قاسية تضرب سوريا ولبنان والاردن ويواجهها ملايين النازحين واللاجئين بامكانات محدودة جدا، وقد تسببت بمقتل طفلين بردا داخل سوريا. وجاء الاعلان عن تعليق المساعدات البريطانية والاميركية "غير الفتاكة" بعد استيلاء الجبهة الاسلامية المؤلفة من ابرز الالوية والكتائب الاسلامية المقاتلة في سوريا والداعية الى انشاء دولة اسلامية، مطلع هذا الشهر على مقار لهيئة الاركان في الجيش السوري الحر وبينها مستودعات اسلحة عند معبر باب الهوى بعد معارك عنيفة بين الطرفين، وسيطرتها في وقت لاحق على المعبر الذي كانت تديره مجموعات عدة تابعة للجيش الحر. على الاثر، اعلنت واشنطن "تعليق تسليم اي مساعدة غير فتاكة لشمال سوريا"، موضحة ان القرار لا يشمل المساعدات الانسانية، ثم اعلنت لندن بدورها ان "لا خطة لديها لتسليم اي معدات طالما بقي الوضع غير واضح". وان كانت هذه المساعدات تقتصر في الواقع على اللباس العسكري والمناظير الليلية والمواد الغذائية للمقاتلين واجهزة الاتصالات، وقد لا يؤثر وقفها بشكل حاسم على سير المعارك، الا ان الاعلان عن ذلك من شانه التاثير سلبا على المعنويات والقاء مزيد من الظلال على دور هيئة الاركان التابعة للجيش الحر والمرتبطة بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية. ويقول الباحث السويدي في الشؤون السورية آرون لوند لوكالة فرانس برس "من الواضح ان هيئة الاركان تضعف اكثر فاكثر وتفقد من سلطتها". ويضيف ان خسارتها معبر باب الهوى الرئيسي على الحدود التركية يعني ان قائد هذه الاركان اللواء سليم ادريس "لن يتمكن من دخول سوريا"، مضيفا "من دون مخازن الاسلحة، ماذا يبقى لهم؟". وكانت تقارير صحافية ذكرت الاربعاء ان اللواء ادريس هرب من مقر قيادة الاركان عند معبر باب الهوى في محافظة ادلب (شمال غرب) وتوجه الى قطر. و"كذبت قيادة هيئة الاركان العامة هذه الأنباء"، مؤكدة "ان السيد رئيس هيئة الأركان موجود ويتابع أعماله ولقاءاته مع إخوته قادة الجبهات والمجالس العسكرية"، بحسب ما جاء في بيان صادر عنها. وقال المتحدث باسم الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية خالد الصالح في مؤتمر صحافي عقده في اسطنبول ان ادريس "يعقد اجتماعات مع قادة الجبهة الاسلامية لحل الوضع الذي حصل"، وانه تبلغ من الجبهة "انها جاهزة لتسليم المستودعات الى قيادة الاركان". واكد من جهة اخرى تبلغ الائتلاف من "الحكومة الاميركية ان المساعدات مستمرة في كل سوريا"، باستثناء المنطقة الشمالية. واضاف ان "اميركا قالت انها بحاجة الى توضيح حادثة مخازن الجيش الحر في اضنة لذلك اوقفت المساعدات بشكل موقت ونعتقد ان هذا امر مفهوم". وعبر عن اعتقاده ب"انها ستعيد النظر بموقفها بعد فهم المجريات الحقيقية للحادثة". ويشير لوند الى ان هيئة الاركان العليا "لطالما كانت محط اتهامات المجموعات المقاتلة ضد نظام الرئيس بشار الاسد، بانها قوة رمزية غير قادرة على القيام بدورها كما يجب على صعيد تنسيق وتوزيع الاسلحة على المقاتلين على الارض". لكن اللواء ادريس "لا يمكنه اليوم حتى ان يدعي انه يمثل هذه القوى" بعد انسحاب اكبر الالوية والكتائب من هيئة الاركان. وتشكلت الجبهة الاسلامية في 22 تشرين الثاني/نوفمبر وهي اكبر تجمع للقوى الاسلامية المسلحة في سوريا. ولم يتضح ما اذا كانت هناك جهة خارجية تدعمها. واعلنت الجبهة في الثالث من كانون الاول/ديسمبر انسحابها من هيئة الاركان. على صعيد التحضيرات لما يعرف بمؤتمر جنيف-2، افاد دبلوماسيون ان اكثر من ثلاثين دولة بينها السعودية، ابرز داعم للمعارضة السورية، وايران، حليفة النظام السوري، دعيت للمشاركة في المؤتمر المقرر في 22 كانون الثاني/يناير والذي سيعقد في مدينة مونترو على بحيرة ليمان في سويسرا، لا في جنيف. ميدانيا، وقعت اشتباكات بين القوات النظامية ومقاتلي المعارضة في ريف القنيطرة (جنوب)، وسقط خمسة قتلى في قصف من القوات النظامية على مناطق في بلدة سحم الجولان بينهم مقاتل وطفلان، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان. كما افاد المرصد عن سقوط قذائف عدة على مناطق في محيط ساحة الأمويين في وسط دمشق. ويكون مصدر قذائف الهاون على وسط العاصمة اجمالا مواقع للمعارضة المسلحة في محيط دمشق. وتواصلت اليوم الاشتباكات في الغوطة الشرقية قرب دمشق، لا سيما في قرية عدرا حيث نفذ الطيران السوري اربع غارات. وكانت المعارك امس في المنطقة تسببت بمقتل 18 عنصرا من قوات النظام ومن جيش التحرير الفلسطيني الذي يقاتل معها. ولم يسجل احصاء عن الخسائر في الطرف الآخر. كما قتل ستة مدنيين الاربعاء في عدرا. في محافظة دير الزور(شرق)، تدور منذ الصباح اشتباكات عنيفة بين مقاتلي الدولة الإسلامية في العراق والشام والقوات النظامية السورية في الريف الغربي لمدينة دير الزور، بحسب المرصد الذي اشار الى مقتل "ما لا يقل عن ثمانية مقاتلين من الدولة الإسلامية". واوضح المرصد ان عنصرين من الدولة فجرا نفسيهما بسيارتين مفخختين صباحا على حاجزين للقوات النظامية في المنطقة، ما أدى الى مقتل وجرح نحو عشرين عنصراً من القوات النظامية. في تداعيات النزاع الانسانية، توفي طفلان احدهما في شهره السادس بردا في سوريا الاربعاء، في وقت تجتاح عاصفة قاسية سوريا ولبنان والاردن ودولا مجاورة.