ماجدة خير الله: ورش الكتابة كارثية أصابتها بالضعف والترهل والاستسهال ظلم الصعيد حنان شومان: شهدت خلاص الزعيم من لعنة معاطى.. وهناك أخطاء تافهة نالت من قيمة بعض الأعمال
برغم أن الأعمال الدرامية التي شهدها شهر رمضان أقل عددا مقارنة بالأعوام السابقة، وهو ما جعل البعض يتوقع أن تتسم بالجودة التي تتوه في ظل كثرة المعروض، فإن أغلب هذه الأعمال قوبلت بالهجوم الشديد بسبب مشاهد العنف والدم واتهموها بأنها تروج للمخدرات والتعاطي وتخدش الحياء، علاوة على اتهامها بأنها تسيء للمجتمع الصعيدي بإظهار أفراده كعصابات تسرق الآثار وتتاجر في السلاح والمخدرات، كما اتهمت بتشويه الشرطة والمرأة، وغيرها من الاتهامات التي وجهها المشاهدون لصناع هذه الأعمال، لكن بعيدا عن ذلك كيف يرى النقاد الدراما الرمضانية هذا العام؟ وما سلبياتها وإيجابياتها، وأبرز نجومها؟ وأشياء أخرى تطرقوا لها في هذا التحقيق: تقول الناقدة حنان شومان: الدراما لا تحمل هذا العام أى نوع من المفاجآت الكبرى، فلم نجد أى اكتشاف لنجم جديد أو إعادة اكتشاف لنجم كبير ، فكل النجوم بمن فيهم الفخرانى وأحمد عز وعمرو يوسف وهانى سلامة وغيرهم، لم يقدموا أى جديد يميزهم عما سبق أن قدموه، حتى ياسر جلال وأمير كرارة اللذان كانا مفاجأة العام الماضي، فقد ذهبت رائحة المفاجأة منهما هذا العام، كما قدم محمد رمضان فى "نسر الصعيد" نفس مضمون الشخصية التى قدمها مرارا، سواء كانت صعيدية أم تعيش فى منطقة عشوائية أم شعبية ، فهو يعمل بنفس المعايير ، أما عادل إمام فهو الممثل الوحيد الذى استطاع أن يقدم شيئا مختلفا بتخلصه من لعنة الكاتب الدائم له يوسف معاطى ، أيضا هنيدى الذى استطاع أن يعود ب "أرض النفاق" كعمل عوض به إخفاقاته فى السنوات الماضية ، وأعتقد أنه سيكون له جمهور أكبر عند إعادة عرضه على القنوات المصرية . تضيف: أيضا هناك تشابه كبير فى الأحداث التى تناولتها الأعمال الدرامية، ربما بسبب تأثرها بالأحداث التى نعانى على مدار سبع سنوات مثل الإرهاب، لذلك طغت فكرة الإرهاب ودراما السجون والشرطة على أغلب المسلسلات، فإن تناول المؤلفين لهذه الأحداث جاء على طريقة تناول الصحف لها، وكأن الدراما أصبحت مرآة لهذه الأحداث أو مجرد راصد لها وكأنها تحولت إلى مواقع أو صحف يومية. كذلك تم التعامل مع هذه الموضوعات بشكل سطحى دون أى فهم حقيقى أو تعمق فيها، فالدراما الحقيقة ليست مجرد كاميرا تنقل ما تراه ،ولكن لابد أن يكون لها وجهة نظر ورؤية تحليلية، أيضا كانت مشاهد العنف و الأكشن طاغية وأغلبها لا مبرر له. تواصل شومان تحليلها للدراما الرمضانية فتقول: من أهم المشاكل التى قابلتها مسلسلات رمضان، ضرورة أن تكون 30 حلقة، فأصابها الترهل والمط وسيطر عليها الملل، فمثلا مسلسل " بالحجم العائلي" للفنان يحيى الفخرانى فهو برغم جماله وواقعيته وما يحمله من بهجة، لكنه كان يجب أن ينتهى بانتهاء الحلقة 15 ، لأن كل ما جاء بعد ذلك مجرد أحداث باهتة هدفها استكمال الثلاثين حلقة . كذلك عرض الأعمال دون استكمال تصويرها، فأغلب المسلسلات لم ينته التصوير منها إلا قبل انتهاء رمضان بأيام قليلة، وهى ظاهرة غريبة وغير موجودة عالميا، وبسببها يعمل الممثلون دون معرفة ما يمكن أن تسفر عنه الأحداث ، كما تضيع رؤية المخرج بسبب هذه الضبابية، علاوة أن غالبية المسلسلات كانت نتاج ورش فى كتابتها والقليل فقط هو الذى اعتمد فقط على مؤلف واحد ، وبرغم أن فكرة الورشة ظاهرة جيدة لأنها موجودة فى كل العالم ، لكن مشكلتنا أننا نقلد الغرب بسطحية ، لذلك نجد الأعمال الناتجة عن الورش بلا روح حقيقية . وعن الكوميديا تقول: برغم أن هناك حوالى 7 مسلسلات كوميدية ، وهو عدد كبير مقارنة بما كان يقدم فى الأعوام السابقة ، فإن أغلبها أيضا لم يحمل أى مفاجأة ، باستثناء "ربع رومي" لأنه حمل فكرة جديدة بالنسبة للدراما وإن كانت قد استخدمت فى السينما العالمية ، وهى الشخصية التى تتحول إلى كائن آخر ، أيضا هناك مسلسل " عزمى وأشجان " الذى يعد أول عمل كوميدى يشارك فيه حسن الرداد وإيمى سمير غانم، ومسلسل " أرض النفاق " للفنان محمد هنيدى ، بينما تمثلت مشكلة مسلسل " سك على أخواتك "، فى أن بطله على ربيع يقلد هنيدى فى الملامح والأداء والمعايير ، كما لم يقدم شيئا مختلفا عما يقدمه على مسرح مصر مثله مثل باقى زملائه ، الوحيد الذى تميز واستطاع أن يقدم بما يملكه من موهبة حقيقية شخصيات جادة وكوميدية هو مصطفى خاطر . وفيما يتعلق بمتألقى هذا العام أشارت إلى أن الأدوار الثانية كان بعضها أقوى من الأبطال أنفسهم ، وفى مقدمتهم عمرو عبد الجليل فى دور "الريس حربي" بمسلسل " طايع " و سيد رجب فى دور" هتلر" بمسلسل " نسر الصعيد " وغيرهم من الفنانين الذين كان لهم ظهور لافت أكثر من أبطال العمل نفسه ، على الرغم من أن البطولة الجماعية كانت غائبة هذا العام ، فهذا مسلسل لعادل أمام وهذا مسلسل محمد رمضان وهذا مسلسل ياسر جلال وهكذا . وتطرقت شومان أيضا إلى بعض الظواهر التى انفردت بها الدراما الرمضانية هذا العام ومنها وجود كتاب ومخرجين لهم أكثر من عمل مثل المخرج معتز التونى الذى عرض له " ربع رومى " و" خفة يد"، وفى الكتابة كان هناك ورشة آل دياب التى كتبت مسلسلى " طايع " و" السهام المارقة " والمؤلف أمين جمال الذى كان ضمن ورشة كتابة " عوالم خفية " و" لدينا أقوال أخرى " ، كما كان هناك عدد من النساء ظهرن بشدة فى عالم الكتابة والإخراج مثل هالة خليل مخرجة " بالحجم العائلى " ومريم نعوم التى كتبت " أبو عمر المصرى " وأيضا إنجى القاسم وسما عبد الخالق اللتين كتبتا" ليالى أوجينى "، وعلاوة على ذلك فقد حفلت بعض الأعمال بالأخطاء التافهة التى قللت من جودة العمل فمسلسل مثل " اختفاء " من أفضل المسلسلات ورغم ذلك جاء مكياج محمد ممدوح قديما جدا على طريقة فيلم "المرأة المجهولة ومسلسل " السهام المارقة " فهو أول مسلسل فى المنطقة العربية يصور كيف تكون الحياة فى داعش والقاعدة، لكنه عانى من مشكلة خطيرة وهى إن الصوت سييء جدا بسبب عمل المكساج والمونتاج على الهواء، نتيجة اللهوجة وعدم وجود رفاهية الوقت حتى يمكن اللحاق بموعد عرض الحلقة، ونفس المشكلة عانى منها مسلسل " ليالى أوجينى ".
محاولة فاشلة من جانبها تقول الناقدة ماجدة خير الله: الأعمال الجيدة قليلة هذا العام، بسبب الاستسهال الذى وقعت فيه غالبية المسلسلات فخرجت ضعيفة، أيضا ظاهرة الورش فى الكتابة التى استشرت بشكل كبير فى معظم الأعمال أراها كارثية وستتفاقم أكثر، لأن شركات الإنتاج لا تبدأ فى تصوير المسلسلات إلا قبل الشهر الكريم بفترة قصيرة، وبعد أن تكون قد اتفقت مع القنوات التى ستعرض أعمالها وتعاقدت من النجوم ، وكأنها اكتشفت قدوم رمضان فجأة، لذلك تهرول على الورش من أجل كتابة العمل بسرعة وحتى تتمكن من تصويره وعرضه فى رمضان، لذلك خرجت أغلب هذه الأعمال مهلهلة وضعيفة للغاية ، من الأعمال القليلة الجيدة هناك مسلسل " أبو عمر المصري" فهو مكتوب بشكل جيد ، ويتميز بروعة الإخراج والتمثيل ، كذلك مسلسل " ليالى أوجينى " الذى يتميز بأجوائه الخاصة وشخصياته الجميلة و حافل بالعناصر الفنية الجيدة علاوة على كونه مختلفا عن السائد، فلا عنف ولا دم ولا مطاردات. وعن الكوميديا تواصل قائلة: هناك عدد من الأعمال الكوميدية الجيدة مثل "الوصية "، " ربع رومى " ،" أرض النفاق " هذه الأعمال الثلاثة هى الأبرز فى كوميديا هذا العام ، فى حين لم يكن مسلسل " عزمى وأشجان " بالقوة التى كنا ننتظرها من حسن الرداد وايمى سمير غانم ، أما مسلسل " سك على أخواتك " فهو كارثى بمعنى الكلمة ، حيث اعتمد على تيمة قديمة جدا، وجاء تمثيل على ربيع فى غاية الرداءة ، بصورة تجعلنى أقول إن محاولة خلق نجم من على ربيع انتهت بالفشل . وفيما يتعلق بالموضوعات التى تناولتها الدراما هذا العام هناك مسلسل "عوالم خفية " الذى جاء به عادل إمام، ليؤكد قدرته من جديد على الاختيار الناجح بمسلسل من تأليف كتاب جدد يتعامل معهم لأول مرة تطرق إلى كل القضايا التى يمكن أن يعانى منها أى مجتمع مثل المخدرات والتزوير والفساد والمتاجرة فى الأطفال والإدمان ، وغيرها ، أما عالم الصعيد فقد تناولته بعض الأعمال لكنها جميعا لم تر من الصعيد إلا تهريب الآثار وتجارة المخدرات و السلاح، متجاهلين تماما الصعيد الذى يحوى الجامعات، والمتميزين وفيه يعمل الشباب والفتيات فى السياحة ولديهم أحلامهم وطموحاتهم، وخرج منه كبار الأدباء والزعماء والفنانين.
كوبا كابانا بالاس يؤكد الناقد والمؤرخ الفنى محمود قاسم أن أغلب الموضوعات التى تناولتها الدراما هذا العام مأخوذة من صفحات الحوادث، فتشابهت مع بعضها حتى فى الأماكن والأزياء والممثلين ، بلا ابتكار ولا تجديد ، ربما المسلسل الوحيد الذى جاء مختلفا كان " طايع" فرغم مشاهد العنف وكميات الدم فإن أحداثه دارت فى منطقة مغلقة ومعقدة تحسب لمؤلفيه آل دياب، وتؤكد فهمهم لهذا العالم بشكل عميق وإلمامهم بأغواره وأكثر وعيا بقضاياه وشخوصه، وإذا كنا لسنوات طويلة نعتقد بأن الكاتب محمد صفاء عامر المؤلف الوحيد الملم بعالم الصعيد ، فهذا المسلسل أكد بأنه لم يكن سوى تلميذ فى مدرسة آل دياب، أيضا هناك مسلسل " أبو عمر المصرى " لأحمد عز ، فهو من أقوى ما قدم هذا العام، يأتى بعده مسلسل " عوالم خفية "لعادل إمام والذى كان متخما بقصص كثيرة لملء الحلقات الثلاثين، أغلبها مأخوذة من صفحات الحوادث وبعض التحقيقات الصحفية التى ما إن ينتهى أحدها حتى يدخل فى غيره ، ويحسب لعادل إمام فى هذا المسلسل أنه تخلص من ملازمته للكاتب يوسف معاطى وكنت فى العام الماضى كتبت رسالة لعادل إمام قلت له فيها " يوسف معاطى ضحك عليك بمسلسل " عفاريت عدلى علام " وأنه يكتب لك أى شيء وعليك أن تقبله"، ولو ظل مع معاطى لجاء بمسلسل أقل قيمة . يواصل قاسم قائلا : لم تكن الكوميديا هذا العام سوى تهريج ، وبرغم أن حسن الرداد ممثل جيد لكنه أضاع نفسه بمسلسل " عزمى وأشجان " ، حتى مصطفى خاطر الذى لفت الانتباه له بقوة العام الماضى لم يكن على نفس المستوى فى "ربع رومي" ، كذلك هنيدى في" أرض النفاق" أضاع سحر الرواية بكوميديا وصلت لحد التهريج الذى لا يمكن اعتباره فنا. وإذا كان مسلسل " بالحجم العائلى " من المسلسلات الخفيفة وأن كان فى البداية أشعرنا بأنه الملك لير بشكل عصرى ،حيث استغلال الأبناء للأب الذى يسعى لحل مشاكلهم، لكنه تحول إلى ما يشبه أفلام البحر، أو ما يسمى كوبا كابانا بالاس ، أى أعمال خفيفة لمجرد التسلية ، وهذا ما لم نتعوده من الفخرانى . أيضا لم يعجبنى مسلسل " ليالى أوجينى " لأنه مترهل وكله ملل، حتى مشاهد الحب طويلة ومملة ولا تحدث فى الواقع ، كذلك ظهر محمد رمضان فى نسر الصعيد ممثلا اصطناعيا تماما كصورته فى التتر التى يتغير فيها وجهه بألوان مختلفة مصطنعة كتمثيله ، وفى المقابل هناك ممثلون تألقوا فى مقدمتهم صبا مبارك ،عمرو عبد الجليل ، مى الغيطى ، أسماء أبو اليزيد ونادية كوندا وأحمد داش.