يرخص الفطر لأصحاب الأعذار مثل الشيخ الكبير، والمرأة العجوز، والمريض الذى لا يرجى برؤه – المرض المزمن- وأصحاب الأعمال الشاقة، الذين لا يجدون متسعا من الرزق، غير ما يزاولونه من أعمال.
هؤلاء جميعا يرخص لهم فى الفطر وتجب عليهم الفدية، إذا كان الصيام يجهدهم، ويشق عليهم مشقة شديدة فى جميع فصول السنة. وعليهم أن يطعموا عن كل يوم مسكينا، وقدر ذلك بنحو صاع ("الصاع" قدح وثلث قدح) أو نصف صاع، أو مد، على خلاف فى ذلك، ولم يأت من السنة ما يدل على التقدير، ويجوز إخراج القيمة.
هل تفطر المرأة الحامل والمرضع؟
المرأة الحبلى، والأم المرضع - إذا خافتا على أنفسهما، أو أولادهما أفطرتا - وعليهما الفدية، ولا قضاء عليهما، عند ابن عمر، وابن عباس. فقد روى أبو داود عن عكرمة، أن ابن عباس قال، فى قوله تعالى: (وعلى الذين يطيقونه)، كانت رخصة للشيخ الكبير، والمرأة الكبيرة، وهما يطيقان الصيام، أن يفطرا، ويطعم مكان كل يوم مسكينا، والحبلى، والمرضع - إذا خافتا (يعنى على أولادهما) - أفطرتا، وأطعمتا. رواه البزار، وزاد فى آخره: وكان ابن عباس يقول لأمِّ ولدٍ له حبلى: أنت بمنزلة الذى لا يطيقه، فعليك الفداء، ولا قضاء عليك. وقد صحح الدار قطنى إسناده.
وعن نافع أن ابن عمر سئل عن المرأة الحامل إذا خافت على ولدها فقال: تفطر، وتطعم مكان كل يوم مسكينا مدًّا من حنطة "قمح" ويجوز إخراج القيمة. رواه مالك، والبيهقي.
ما حكم من قبّل امرأته وهو صائم؟
لا شيء على من قبل زوجته وهو صائم ؛ وذلك لمن قدر على ضبط نفسه.
فقد ثبت عن عائشة رضى الله عنها قالت: " كان النبي-صلى الله عليه وسلم- يقبل وهو صائم، ويباشر وهو صائم ".
وعن عمر رضى الله عنه أنه قال: " هششت (المداعبة) يوما، فقبلت وأنا صائم، فأتيت النبى - صلى الله عليه وسلم-فقلت: صنعت اليوم أمرا عظيما، قبلت وأنا صائم، فقال رسول الله عليه وسلم: " أرأيت لو تمضمضت بماء وأنت صائم؟ " قلت: لا بأس بذلك؟ قال: " ففيم ".
قال ابن المنذر رخص فى القبلة عمر وابن عباس وأبو هريرة وعائشة، وعطاء، والشعبي، والحسن، وأحمد، وإسحاق.
ومذهب الأحناف والشافعية: أنها تكره على من حركت شهوته، ولا تكره لغيره، لكن الأولى تركها.
ولا فرق بين الشيخ والشاب فى ذلك، والاعتبار بتحريك الشهوة، وخوف الإنزال، فإن حركت شهوة شاب، أو شيخ قوي، كرهت وإن لم تحركها لشيخ أو شاب ضعيف، لم تكره، والأولى تركها، وسواء قبل الخد أو الفم أو غيرهما. وهكذا المباشرة باليد والمعانقة لهما حكم.
هل يجوز الإفطار للمسافر؟
المسافر فى رمضان يجوز له أن يفطر، ويقضى عدد الأيام التى أفطرها، سواء دخل عليه الشهر وهو فى سفره أم سافر فى أثنائه، لقوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}.
وفى الصحيحين عن أنس: «كنا نسافر مع النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم». فللمسافر أن يفطر ما دام فى سفره ما لم يقصد بسفره التحايل على الفطر، فإن قصد ذلك فالفطر عليه حرام معاملة له بنقيض قصده، والجمهور على أن الشخص إذا قرر الإقامة فى بلد أكثر من أربعة أيام فإنه يصوم لانقطاع أحكام السفر فى حقه.