قدمت تقريراً للرئيس صدام حسين بخطأ دخول الكويت فهددنى بالإعدام على حسن المجيد الشهير بالكيماوى كان أحد أسباب كارثة العراق.. وكل مؤهلاته الشهادة الإعدادية! «تبييض السجون » عام 2002 غلطة كبيرة أعلن صدام ندمه عليها وعلى ثقته الزائدة فى بعض الشخصيات التى خانته
الأمريكان قتلوا أكثر من عشرة آلاف خائن عراقى ساعدوهم فى نهب الثروات وإحداث الفوضى تستيقظ الأحداث من رقادها التاريخى باكتشاف الجديد منها، خصوصا إذا جاء ممن عاشوها أو كانوا شهود عيان عليها، وها نحن مع شخصية رفيعة من هذا الطراز، تكلم ليدهشنا بالجديد فيما جرى للعراق فى فترة حكم الرئيس الراحل صدام حسين وذروة أحداث الاحتلال الأمريكى، إلى جوار ماواجهه هو من الإفلات من الموت تارة والإعدام تارة أخرى، وقال: لو أردنا عنواناً لما حدث فى العراق لا نجد سوى كلمة «الخيانة»، وهناك شخصان فقط سبب كارثة العراق، وكانا مقربين جداً من الرئيس، ووصف ما بثته أجهزة الإعلام عن طريقة القبض على صدام حسين بأنها «فبركة» أمريكية كعادتهم.
عموماً الجزء الثاني من الحوار مع اللواء الدكتور محمد عاصم شنشل مدير المكتب الخاص للرئيس صدام حسين، والذى شغل أيضاً مدير المكتب الخاص لعُدىّ صدام، ملىء بما يستحق القراءة فإلى نص الحوار: هل حصل قرار اجتياح الكويت على موافقة عامة من دوائر الحكم؟ وما حالة الشارع العراقى بعدها؟ الحق يقال أنتج دخول الكويت حالة من البلبلة عند الناس، وحالة من التوجس والخوف من القادم برغم مظاهر الاحتفالات، وعن نفسى كنت غير موافق على دخول الكويت فى هذا الوقت، وخصوصا بعد ثمانية أعوام متواصلة ومرهقة من الحرب مع إيران، وكان مشهد الرايات السوداء التى تغطى بيوت شهداء العراق الذين سقطوا فى حربها مع إيران يثير الحزن والضيق والفزع أيضا، وقدمت تقريراً للرئيس بهذا المفهوم، وقلت فيه بصراحة: هذه بداية النهاية للعراق، وطالبت بالتصالح الفعلى مع الكويت والخليج عموماً وأمريكا وكتبت كلمة أمريكا بين قوسين وعلامة استفهام، وسألنى الرئيس عن سر علامة الاستفهام وكان من عاداته أن يسمع جيداً برغم أنه كان ينفذ ما يراه فقلت له: كلهم يرتمون فى حضن أمريكا والصهيونية، فكما يقال: اليهود هم المخ وأمريكا هى العضلات، وقد خرج الجيش العراقى من الحرب الإيرانية أكثر قوة والتصالح يمكنا أيضاً من حل المشكلة الفلسطينية، وننشر السلام والأمن فى المنطقة، ولذا أقترح أن يكون هناك اتصال بإسرائيل تكون العراق فيه هى المسيطر. وهنا تغير وجه الرئيس صدام من كلمة "الاتصال بإسرائيل" وقال: «أنا مستعد الآن أن أعدمك على هذه الكلمة». هل كل رجال الرئيس كانوا يؤمنون بهذا المفهوم الذى اقترحته؟ للأسف الشديد كان هناك شخصان فقط هما سبب الكارثة، وقد عملا على إزاحة كل من يثق فيهم صدام وأفهماه بصحة مواقفه وأنه الأجدر والأكفأ، أحدهما هو على حسن المجيد الشهير بعلى الكيماوى، وهو بالمناسبة لم يحصل على درجات علمية، فقط الشهادة المتوسطة (الإعدادية) ، وكان صاحب فكرة "تبييض السجون" فى 2002، يعنى إخلاء السجون من النزلاء سياسيين وجنائيين، وكانت فكرة كارثية اعترف صدام بها فى اجتماع الفجر الذى تلى عملية إسقاط تمثاله الشهير بساحة الفردوس وقد بثتها فضائيات العالم وقد شاهده صدام وقال: "تبييض السجون هو كارثة العراق"، أما الثانى لست فى حل الآن من ذكر اسمه. وقد اعترف صدام مرة أخرى بخطأ هذه الثقة بعد الاحتلال فى اجتماعاته معنا، وقال: " أشْبَعت الكلاب وأجعت الأسود". قلت إن صدام شاهد إسقاط الأمريكان بمساعدة عراقيين لتمثاله والاعتداء عليه بالأحذية وغيرها، كيف كان ذلك؟ كان الرئيس موجوداً فى الميدان يقود سيارة باسات برازيلى (تاكسى) وإلى جواره طارق عزيز متنكرين. وقد ظللنا بعد هذا الحدث لمدة أربعة أيام فى اجتماعات مستمرة، لتنظيم ما سيحدث وتهيئة المقاومة والذى يعرف العراقيين جيداً، يكتشف بسهولة أن الذين اعتدوا على التمثال بهذه الهمجية هم السجناء الجنائيون الذين أطلق سراحهم، بينما سقطت الدموع من عيون المشاهدين وكانوا عدة آلاف وكنت بينهم، والذى يؤكد غدر الأمريكان أنهم قاموا بتصفية هؤلاء السجناء الذين ساندوهم فى النهب والسلب وإحداث حالة الفوضى وكانوا أكثر من عشرة آلاف مجرم. هل من أسماء غير الكيماوى والشخص الذى لم تذكر اسمه كان يثق بهما صدام؟ نعم كان الرئيس يثق بخمسة فقط الأول طه ياسين رمضان، والثانى عزت الدورى، والثالث الفريق أول عبد الجبار شنشل ، والرابع صباح ميرزا محمود المرافق الأقدم الشخصى للرئيس، أما الخامس فهو حكمت داود العزاوى وزير المالية. كيف اختفى الجيش العراقى فجأة بطريقة أذهلت العالم؟ حالة التفكك والاختفاء المفاجئ كان السر فيها صدور الأوامر من القيادة السياسية الساعة الثانية بعد منتصف الليل، بأن يعمم الانسحاب فوراً فى كل المواقع العسكرية، فقد حدثت مؤامرة وخيانة، حتى لا تقتل القوات أو تقع أسرى فى يد العدو. الحقيقة إذا أردنا أن نضع عنواناً لما حدث فى العراق، من خيانة بعض القادة العسكريين، ومن دلوا على مكان اختباء صدام ، ومكان اختباء عدى وقصى ومعهما الطفل مصطفى قصى صدام لا نجد إلا كلمة "الخيانة" وهم بلا شك أحفاد من خانوا الشهيد الحسين رضى الله عنه، والعجيب أنهم يبكون ويلطمون كل عام على فعلتهم، والآن يتكرر التاريخ ويندم من خانوا صدام بل قطاع عريض من العراقيين على فقدانه. على ذكر الخيانة ماذا فعل خَونةُ صدام معه، وهل كان مختبئاً فى الحفرة حقاً ، وقد أكدت مصادر فى حينها عدم صحة ذلك؟ كان الرئيس فى منزل بتكريت، يخص أحد المرافقين له واسمه قيصر حمود برتبة رائد، وكان فيما قبل يظهر إخلاصه بشكل كبير، وهو ابن شقيق عبده حمود السكرتير الشخصى للرئيس، وتم الاتفاق مع سعد طالب حمود التكريتى، أحد أقرباء صدام على الخيانة وإغراء المال الأمريكى، وتم القبض عليه بعد مواجهات عنيفة سقط فيها قتلى مارينز وتفجير سيارة لهم برغم المساندة الجوية، وتم نقل صدام فى طائرة خاصة إلى المستشفى الأمريكى بالقاعدة الأمريكية فى ألمانيا، وكان الهدف هو التأكد من شخص صدام وأنه ليس بديلاً أو شبيها، وظل هناك أربعة أشهر للتحقيق، حتى تم الاتفاق على التمثيلية الهزلية التى أظهروه بها، وحكاية الحفرة التى اخترعوها. وماذا عن خونة عدى وقصى وحفيده مصطفى؟ كان مصطفى قصى صدام منذ طفولته المبكرة يخرج معنا فى رحلات الصيد التى هى إحدى هوايات جده صدام، وقد ورث الشراسة فى الصيد واستخدام السلاح بشكل غير عادى، ولذا عندما دارت معركة الخيانة مع المارينز وهو ابن ثلاثة عشر عاماً، قتل وقنص وحده 14 جنديا أمريكيا، وقد اعترفوا بذلك وأطلقوا عليه وصف "أشجع طفل فى العالم" . وكانوا مختبئين فى بيت لأحد الشيوخ المقربين من صدام، وقد دل عليهم ابنه ويسمى "محمود سحبان الطائى" قريب وزير الدفاع المعتقل حالياً. ولأن بيوت العراق مليئة بالسراديب كمخازن فى وقت السلم وملاجئ ومخابئ وقت الحرب، ظلت المعركة الشرسة مع قصى وعدى ست ساعات كاملة قُتل فيها 28 من جنود المارينز، وقالوا: إنها من أشرس المعارك التى خاضوها مع أشخاص مدربين. فى الحلقة القادمة يكشف اللواء الدكتور محمد عاصم شنشل مدير المكتب الخاص للرئيس صدام حسين عن قصف منزلة بالعراق، وكيف نجا من الموت.. وسفره إلى مصر؟!!