يحتل طلال الرميضى موقع أمين عام رابطة اتحاد أدباء الكويت، لكن عالمه مليء بالبحث والتنقيب، معنى بالإبحار والغوص فى أعماق التاريخ، والدراسات الأدبية، يهتم بتاريخ الأجداد وحكايات القدامى واصفا إياها باللؤلؤ المكنون فى أعماق البحر، هو بالفعل غواص ماهر أبحر فى عالم اللغة، وكتب العديد من الكتب والدراسات والأبحاث، بعضها وقع تحت مقص الرقيب وبعضها أفلت، وقد حاز جائزة الدولة التشجيعية فى الكويت.. الأهرام العربى اقتربت من عالم طلال الرميضى أمين عام رابطة اتحاد أدباء الكويت وكان هذا الحوار. صرحت عند توليك منصب أمين عام رابطة اتحاد أدباء الكويت بأنك ستسعى للارتقاء بالمشهد الثقافى بالكويت فماذا قدمت فى هذا الاتجاه منذ توليك رئاسة الرابطة عام 2013؟
توليت أمانة رابطة اتحاد الكتاب الكويتيين فعلا عام 2013 ، ومن قبل كنت عضوا فى مجلس الإدارة منذ عام 2010، ووقتها توليت العديد من المناصب داخل الرابطة، وكانت لدى طموحات كبيرة أبرزها عندما توليت الأمانة قمت بتكثيف الأنشطة والاهتمام بالأقلام الشبابية الواعدة وإتاحة الفرصة لهم فى المشاركة فى فاعليات الرابطة، كذلك اهتممنا بتعميق التواصل مع الاتحادات والجمعيات العربية، من خلال تبادل النشر والزيارات وعمدنا أن يتعرف المتلقى الكويتى على المشهد العربى الثقافي، سواء كان فى مصر أم العراق ودول المغرب العربى بشكل عام، فنحن نعتز بالتعاون مع جميع الأقلام العربية، ونهدف إلى مد جسور التعاون معهم، وعندما توليت أمانة الرابطة كان أمامى تحد كبير وهو ضرورة الاحتفاء بمرور نصف قرن على تأسيسها عام 1964 لذلك كثفنا الجهود لتنظيم فاعلية تكون لائقة بهذه المناسبة الكبيرة، وحصلنا على رعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد، وحضر هذه الفاعلية قامات فكرية كبيرة، كما شارك معنا العديد من المؤسسات داخل دولة الكويت، كانت الاحتفالية حديث الوسط الثقافى، وكان يتخللها لقاء مفتوح مع الأدباء العرب حضره عدد كبير من السفراء العرب كمحاولة منا لإلقاء الضوء على الأدب الكويتى الذى هو جزء لا يتجزأ من الأدب العربى.
إذن ما الفكرة التى يقوم عليها عمل الرابطة منذ تأسيسها عام 1964؟ رابطة الأدباء الكويتيين تهتم بالأدب الكويتى، ووضع لها نظام أساسى حتى نحدد الأهداف، ومن أبرزها نشر الأدب الكويتى على مستوى كبير من خلال التواصل مع اتحادات الكتاب العربية فى مختلف الدول، وإتاحة الفرصة للأدباء من خلال النشر فى مطبوعات الرابطة.
هل لديكم شروط معينة لمنح العضوية؟ حدد نظام قرار إشهار رابطة أدباء الكويت بأن يكون الشخص كويتى الجنسية ويتجاوز سن الثامنة عشر، وأن يكون له إنتاج أدبى منشود ويخضع لتقييم أعضاء مجلس الإدارة، ونحن فى الرابطة يتقدم لنا العشرات من كبار الكتاب والمبدعين الشباب فى مختلف فنون الأدب، بهدف الحصول على عضوية الرابطة لكن مجلس الإدارة بطبيعة الحال، يقوم بدراسة العمل المنشور، ومن ثم عملية التصويت عليه بالموافقة أو الرفض.
ما المعايير التى على أساسها يتم اختيار منصب أمين عام رابطة أدباء الكويت؟ أمين عام الرابطة يمثل الأدباء الكويتيين جميعهم، وهى مؤسسة ثقافية عريقة لها دور كبير فى الوسط الثقافى الكويتى والعربى، ويأتى اختياره من خلال التصويت داخل أعضاء مجلس إدارة الرابطة، ومن خلال عملى فى مجلس الإدارة لعدة سنوات ومن خلال عملى مع الأمناء السابقين، جاءت تزكيتى لتولى منصب الأمانة بعد أن تعرف إلى الأدباء عن قرب من خلال ممارساتى وعلاقاتى داخل الوسط الثقافى وهذا المنصب أعتبره تكليفا وليس تشريفا.
شاهدنا الفترة الماضية مصادرة لعدد كبير من الكتب فى الدول العربية وكان للكويت نصيب كبير من هذه المصادرة، ما موقف الرابطة من مقص الرقيب؟ من خلال دراستى للقانون واللوائح بدولة الكويت بأنها لوائح جميلة وتهدف لحماية المجتمع كما أنها تهدف للحماية من تسلط الرقيب على الكاتب، نحن فعلا وجدنا تعسفا من الرقابة الكويتية فى بعض الجوانب، لذلك ناشدنا السلطة ووجدنا تجاوبا كبيرا من السادة فى وزارة الإعلام، ووعدنا بإتاحة مزيد من الحريات، وبصفتى عضوا فى لجنة تظلمات منع الكتب بلجنة الكويت قمت بمحاولة دراسة التظلمات التى يقدمها الكتاب لهذه اللجنة ويجدون تعسفا من قبل الرقابة لمنع مطبوعاتهم، لذلك نقوم بدراسة قرار المنع وأيضا قرار التظلم ودراسة العمل الأدبى بشكل عام واستصدار قرار يخدم المصلحة العامة، وهذه اللجنة برئاسة محمد العواش الوكيل المساعد لقطاع التنمية بوزارة الإعلام، حيث تم استحداثها أخيراً واجتمعنا عدة مرات، وسنصدر إن شاء الله قرارات مناسبة بشأن الحريات، ووضعنا خطة للعمل لذلك الأمر.
لديكم فى الرابطة مطبوعات تنشر مثل مجلة “البيان” فى الوقت الذى يعانى فيه العالم العربى من ارتفاع تكاليف مستلزمات شراء المطبوعات هل تعانون نفس المشكلة؟
مشكلة الكتاب الورقى مشكلة عالمية، وذلك لأن هناك عزوفا عن القراءة الورقية والنشر الإلكترونى، بطبيعة الحال له عدة مزايا، فهو أصبح أكثر انتشارا من الكتاب الورقى ونحن نقوم بمواكبة حركة النشر الجديدة من خلال النشر الإلكترونى، ونقوم بنشرها بالمجان.
هل تم تطوير مجلة” البيان” بما يتناسب مع مستجدات العصر وظهور الوسائط الرقمية؟
نقوم بدراسة مجلة البيان وتطويرها بشكل دورى، ونعكف على تطوير بعض الأبواب ونشر مواضيع تواكب القضايا الثقافية المعاصرة، وأيضا القصص القصيرة جدا ونظمنا لها أكثر من فاعلية خاصة بهم، وكان هناك دراسات حول ذلك لأننا نؤمن بأن التطوير أمر مهم، حتى تكون المادة مقروءة، وفى موقع الرابطة ننشر المجلة إلكترونيا بشكل مجانى، ونقوم على الفور بنشر الرابط فى مواقع التواصل الاجتماعى حتى تصل مطبوعاتنا لأكبر شريحة من الكتاب العرب، أما بالنسبة للكتب التى نصدرها، فنحن الآن نقوم بطباعة عدة كتب ونقوم بنشرها بالمجان.
ما الدور المنوط به لمنتدى المبدعين الجدد الذى أنشئ تحت رعاية الشيخة باسمة الصباح؟
منتدى المبدعين الجدد يلعب دورا مهما فى رابطة أمناء الكتاب الكويتيين، وقد تأسس عام 2001 ضمن الاحتفاء بفاعليات الكويت عاصمة للثقافة العربية، وكان أيضا يتم لقاء الشباب مع الكبار فى مختلف الفنون الأدبية المختلفة ، والحمد لله استطاع منتدى المبدعين الجدد أن يقدم الكثير للحراك الثقافى العربى، تتلخص فكرة منتدى المبدعين على قيام جلسة أسبوعية كل يوم اثنين، يقوم خلالها المبدع الشاب بقراءة نص أدبى وذلك بحضور نخبة من الأدباء، وأيضا من زملائه كتاب الشباب ، ومن ثم نقوم بمناقشة عامة حول هذا النص الأدبى، ويقوم كاتب آخر بقراءة قصيدة وكاتبة أخرى تقوم بقراءة قصة قصيرة، بحيث يكون هناك تبادل فى الخبرات ما يسهم فى تطوير فن القراءة والكتابة لديهم، وفى الحقيقة الكثير من الكتاب الشباب المشاركين استطاعوا أن يمثلوا رابطة أدباء الكويت فى المحافل الثقافية والفكرية الدولية.
كتابك “السلنامة العثمانية” وهو يحمل أسرار الكويت كنت تتوقع منعه من التداول وفى الوقت ذاته حصلت من خلاله على جائزة الدولة التشجيعية فماذا حدث إذن لهذه المفارقة الغريبة؟
كتاب “السلنامة العثمانية” صدر عام 2009 وهو نتيجة دراسة استمرت على مدار ثلاث سنوات متواصلة، والسلنامة كلمة عثمانية تعنى السنة والكتاب وهو أشبه بكتاب سنوى تناول أخبار وقرارات ومطبوعات الولايات العثمانية التابعة للولايات الثمانية وتناول الكويت خلال حقبة من الزمن، وتحديدا قبل أكثر من قرن ونصف وجمعت هذه النصوص المتفرقة، وترجمتها للغة العربية وقدمتها فى دراسة مع المراجع المحلية والأجنبية، وكانت هذه الدراسة تتناول علاقة الكويتبالعراق العثمانى، وهى بطبيعة الحال بعد الأحداث التى وقعت وشملت العراق، كانت هناك محاذير لدى الكتاب فى هذا الموضوع، تناولت هذا الموضوع بكل شفافية ودراسة قانونية تاريخية مجردة، ووضعت نتائج جيدة تؤكد تبعية الكويت للدولة العثمانية تبعية اسمية وليست فعلية، والدليل عدم وجود انتقال الحكم داخل الدولة، وعند نشر هذه الدراسة توقعت أن يكون هناك محاذير من الرقيب حول قراءة العناوين فى الكتاب، لكن لله الحمد بعد مضى عدة أشهر، جاءنى اتصال هاتفى كريم من بدر الرفاعى يبلغنى بحصولى على أعلى جائزة تمنح فى دولة الكويت وهى الجائزة التشجيعية.
فى الوقت الذى كنت أتوقع فيه أن تقوم الرقابة بمنع الكتاب من التداول بداخل الكويت، وكنت أترقب اتصال الناشر بى فى أى وقت يقول لى: “نحن نعتذر عن نشر هذا الكتاب داخل الدولة” لكن كان الرقيب ذكيا، وكانت لجنة جوائز المجلس الوطنى تقرأ الكتاب بتمعن مقارنة بالكتب المنافسة والحمد لله حصل الكتاب على قبولهم.
شاركت ببحث مهم فى هذا الكتاب الذى شارك فيه سبعة باحثين من الخليج العربى وكان البحث يحمل عنوان “تاريخ الفتوى بدولة الكويت” لماذا تمت مصادرة هذا الكتاب؟
فعلا تمت مصادرة الكتاب لكنى لا أعرف سبب المصادرة، فهذا الكتاب شارك فيه د. خميس العدوى من سلطنة عمان، وعدد كبير من الأدباء الذين شاركوا معى فى هذا الموضوع، وفى الحقيقة الكتاب ضم عددا كبيرا من الأبحاث المهمة والجميلة حتى هذه اللحظة، لا نعرف سبب المنع ونتمنى من الناشر إعادة طبع هذا الكتاب لما فيه من مادة تاريخية مهمة، تستحق أن تصل للقراء.