قال الكاتب السودانى أمير تاج السر، إنه يعكف حاليا على كتابة روايته الجديدة والتى تحمل عنوان «مساء الورد» ، مضيفاً بأنها ملحمة تاريخية عنيفة وصادمة تدور أحداثها في القرن الثامن عشر، وتتحدث عن سيرة مقاتل متخيل، مشيرا إلى أنها كثير من الإسقاطات على الحاضر. وحصلت «الأهرام العربي» نص من الرواية الجديدة: «فقد بلغت الأربعين، وأنا دائخ بين أنفاس البحر، وأعلم أنها السن التي تتقدم الموت بخطوات قليلة فقط، على الأقل في عائلتي التي يموت معظم أفرادها قريبا من هذه السن، فجأة، أو بعلل باهتة جدا مثل ألم في ضرس العقل، أو تورم طفيف في الرقبة، أو مغص أو انتفاخ في السرة، أو حتى من مجرد اعوجاج في نظرات كان من المفترض أن تحط على شيء وحطت على شيء آخر مغاير». وتابع: «كانت أمي ماتت صغيرة جدا، وقبل أن تصل الثلاثين، وقيل كانت تتغدى مع الناس، ووجهها أصيل وجميل، ومتورد، حين سمعت الموت يسألها: هل نذهب إلى التربة يا أمينة؟، ردت: نعم، نعم، ابتلعت لقمتها على عجل، وذهبت، وعندي عم مات في الثانية والأربعين وكان يرقد على ظهره في العادة، ومات في الليلة التي غير فيها طريقة نومه، ورقد على بطنه، وعمة في الثالثة والأربعين، ظلت تشم رائحة جثتها ثلاثة أيام، كما كانت تردد، وتستفرغ، ولا أحد يعرف شيئا، أو يستطيع التكهن بشيء، قبل أن تسقط بلا أنفاس في النهاية.. وإن كان أبي عاش طويلا جدا، ويعيش حتى الآن، بكامل رغباته، وخلاياه الجسدية والحسية، وقد تجاوز التسعين، وأختي “جنوبة”، التي تصغرني بستة أعوام، أسمع كثيرا عن جبروتها، وغرابة هيكلها الذي يشبه هياكل الرجال بدرجة بعيدة، وأنها يمكن ببساطة، أن تصرع ثورا متبجحا، وحمارا مهتما بصلابة ظهره، وذئبا خطرا، من ذئاب البراري الجائعة، وتبدو لي وللناس كلهم، مرشحة للعيش طويلا، والتحول إلى شجرة، وكان لقب الشجرة، هو اللقب الرسمي، الذي يطلق على النساء المعمرات، ممن تجاوزن المئة، وامتلكن الحكمة، وأصبحت أقوالهن وأحلامهن وحتى نزواتهن، فقرات مقدسة بين الحكايات. وفي بلادي أكثر من عشر شجرات يابسات من قبائل مختلفة، لكنهن مقدرات بشدة، ويستمع إليهن حتى الملك ووزاراؤه، ويمكن جدا أن يخرفن بأي إفراز أو بصاق، ويتحول إلى فقرة هامة في الدستور».