خلال سنوات قليلة، تحول أكراد سوريا من أقلية مهمشة الى قوة عسكرية حقيقية تقف في صف المواجهة الاول ضد تنظيم الدولة (داعش) وتقود بدعم أميركي معركة طرده من الرقة، معقله الابرز في البلاد. ويأمل الأكراد تعزيز هذا التحول وجعله مستقبلا أمرا واقعا يتيح لهم تحقيق حلم قديم بإقامة حكم ذاتي في المناطق ذات الغالبية الكردية. وجاء هذا التغيير المفاجئ في موقع الأكراد نتيجة عوامل عدة بينها قرار النظام السوري بالتركيز على قضايا أخرى ملحة في النزاع الدائر منذ ست سنوات فضلا عن الدعم الكبير الذي تقدمه واشنطن لهم في حربهم ضد الجهاديين. ولكن انتصارات الأكراد لا تزال تحتاج الى تمكين، وفق ما يرى محللون، خصوصا أنهم يفتقدون الضمانة الدولية الدائمة كما أنهم يثيرون غضب الجارة تركيا. ويقول الخبير في الشؤون السورية من معهد واشنطن فابريس بالانش "يراهن الأكراد على أن السيطرة على الرقة ستضمن لهم دعما دوليا طويل الامد يتيح لهم بناء روج آفا (غرب كردستان)". حين بدأ النزاع في سوريا بحركة احتجاجات واسعة ضد النظام السوري في مارس/آذار 2011، فضل القياديون الأكراد النأي بالنفس، ما اثار غضب المعارضة السورية. واستغل الأكراد تصاعد الأزمة وتزايد نفوذهم، لا سيما بعد انسحاب الجيش السوري في منتصف 2012 من المناطق ذات الغالبية الكردية محتفظا ببعض المقار الرسمية، لبناء قوة عسكرية. ويسيطر الأكراد حاليا على مناطق واسعة في شمال وشمال شرق سوريا. وأقاموا في العام 2013 إدارة ذاتية في مقاطعاتهم الثلاث الجزيرة (الحسكة) وكوباني (عين العرب) وعفرين (ريف حلب)، أطلق عليها اسم "روج آفا". وعمد الأكراد منذ ذلك الحين الى التعويض عن عقود من سياسة التهميش الذي اتبعته بحقهم الحكومات السورية المتعاقبة، فبدأوا باستخدام وتعليم اللغة الكردية واستعادة الاسماء الكردية للمناطق واحياء تقاليدهم علنا. وبات حزب الاتحاد الديموقراطي، الحزب الكردي الأكبر في سوريا، وذراعه العسكري وحدات حماية الشعب الكردية، بمثابة الحكومة والقوى الامنية في "روج آفا".