يفرض علينا الواقع بسطوته ووجوده ألا نغادر اللحظة بكل تحولاتها الكبري وتبدلاتها العنيفة, حينما نتحدث عن ثورة الخامس والعشرين من يناير, أن ننظر اليها بنظرة تحليلية عميقة لأنها تستحق منا التأمل الشديد الذي يشكل القوة الدافعة إلي القول بأن هذه الثورة التي تحققت وأصبحت أمرا واقعا له مادياته ومعنوياته, هي بمثابة معجزة فرضت, وجودها علي أرض مصر. وعودة إلي ما قبل الخامس والعشرين من يناير سنكتشف أن أمورنا كلها كشعب وأمور مصر بجميع مؤسساتها كانت رهن فرد واحد وكأنه هو العالم والعليم بكل شئ وهو الوحيد الذي يدير أمور حياتنا, وعشنا تحت زعم كثير من المفكرين والكتاب والمحللين السياسيين والاقتصاديين أن الحياة في مصر تمثل نموذجا ويحتذي به في الديمقراطية الشعبية, وخيمت علينا أجواء دعوة باطلة تدعونا إلي فكر جديد كان شعارحكم شمولي نصب علي الساحة الحزبية دون أن يكون لهذا الفكر وجود علي أرض الواقع. كان هؤلاء المفكرون والمحللون ينادون بنظرية المستبد العادل وتناسوا أن هذا وهم وتضليل, فليس هناك انسان مستبد وعادل في نفس الوقت, ونعترف أن هذه الثورة الشعبية كشفت سوءات تفكيرنا الذي كان ينساق وراء مجموعة من المضللين, واكتشفنا مقالب وجرائم الحاكم الفرد. والآن علينا أن نحتكم إلي العقل والمنطق السليم الذي يهدينا ويرشدنا إلي ضرورة تغيير أداة الاختبار, فلا نعود إلي نظرية الفردية أبدا ونجري وراء وهم وخداع البحث عن انسان فرد عبقري يجمع كل نظريات الفكر والمعرفة يعني كامل الأوصاف, وأن يعيش هذا الفرد العبقري تحت وهم أنه الرئيس الأوحد لمصر المستقبل, وينطلق به الوهم إلي أن يتحدث مع الشعب عن أفكاره ومشروعاته المستقبلية ونعلم جميعا أن أداة التغيير الوحيدة لمستقبل أفضل هي قوي الشعب المصري بكل فئاته, الذي كشفت عن معدنه الأصيل صيحة الثورة الصادقة والتي انطلقت من ميدان التحرير يوم25 يناير والذي تجلي صداها في نفوس الملايين بارادة المولي عز وجل وتجاوبوا مع الصدق والحق الذي امتلأت به نفوسهم فهبوا علي قلب رجل واحد وتضامنت كل قوي الشعب وأطيافه وانطلقوا متكاتفين إلي ميدان التحرير, إنه الحق الذي لا يسترد بالتمني ولكن يؤخذ غلابا بعد أن يراق علي جوانبه الدم الذكي.. فتحية لشهداء ثورة25 يناير, وتحية للشعب المصري الذي أراد فاستجاب له القدر.