د. محمد مجدي مرجان بسم الله الرحمن الرحيم شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدي للناس وبينات من الهدي والفرقان صدق الله العظيم شهر العبادة والجهاد لصلاح الدنيا والآخرة, وفاتحة الشهور وكل الأيام والأعوام لخير الفرد والجماعة, والعبادة ليست مجرد الصلاة والصوم وأداء الفرائض ولكن أول الفرائض وأفضل العبادات هو العمل فقد خلق الله الإنسان ليعمر الأرض ولذلك جعله سيد المخلوقات وسخر الكون كله لخدمته.. يقول رب العالمين وقل اعملوا فسيري الله عملكم ورسوله والمؤمنون. والعمل والإنتاج يرفع مرتبة الإنسان في الدنيا والآخرة ويؤكد ثقة الشخص في نفسه وفي قدراته ويجعله محل احترام القريب والبعيد وفخره واعتزازه ويدفعه إلي المزيد من الإنتاج والإبداع.. وأحاديث معلم البشرية صلي الله عليه وسلم في فضل العمل والجهاد اللذين ثابتين ومؤكدين بحيث تجعل السعي علي الرزق الحلال للنفس والغير أفضل أنواع الجهاد والتي تضمن الجنة بل وتغفر الذنوب والسيئآت يقول سيد الخلق صلي الله عليه وسلم: طلب الكسب فريضة علي كل مسلم. ويقول عليه الصلاة والسلام: الجهاد عشرة أجزاء تسعة منها طلب الحلال. ويوضح لأصحابه فضل العمل حتي علي الصلاة والصوم, ذلك أن هناك ذنوبا لا يكفرها صوم ولا صلاة قالوا: فما يكفرها يا رسول الله؟ قال: الخروج في طلب المعيشة صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم. وتقصر المجلدات عن استيعاب السنن القولية والفعلية عن الرسول وصحبه وخلفائه الراشدين في فضل العمل والإنتاج علي كل العبادات وتعادلها بل ورجحانها أحيانا حتي علي الشهادة في سبيل الله والوطن والتي تغفر كل الذنوب وتضمن الجنة والسعادة والفردوس في الدنيا والآخرة, ونقتصر هنا علي حث الرسول علي العمل الدائم والكسب الحلال ونهيه عن السؤال والطلب مادام الإنسان قادرا علي العمل, وعن حب الله ورسوله للأيدي الخشنة العادقة وكرهه الكسل والخمول حتي ولو كان التفرغ للصلاة ويكفي أن نذكر الرجل الذي كان يعتكف طوال الليل والنهار للعبادة في المسجد فلما سأل الرسول عمن يعوله قالوا أخاه فقال المعلم صلي الله عليه وسلم أخوه أفضل منه.. وأعتقد أنه لاتوجد مرتبة أعلي من ذلك عند الله ورسوله وعند الشخص ذاته والمجتمع والوطن. ويكفينا لإلقاء المعارضين والمتشككين والخاملين حجرا قول الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأن أموت بين شعبتي رجلي اضرب في الأرض أبتغي من فضل الله, أحب إلي من أن أقتل مجاهدا في سبيل الله; لأن الله قدم اللذين يضربون في الأرض يبتغون من فضله علي المجاهدين بقوله تعالي:وآخرون يضربون في الأرض( سورة الزمر أية30). ويقول عمر لأصحابه مؤكدا أن العمل يسبق الحسب والنسب والعروبة والقرشية يقول عمر والله لو أتي الأعاجم بالأعمال, ولم نأت إلا بأقوال والعبادات فهم أحق منا بالله ورسوله يوم القيامة. وإذا كان العمل جهادا وفضلا مقدما علي كل شئ فإن تعطيل العمل هو أكبر الكبائر وأسوأ الذنوب عند الله ورسوله ومهما كانت الأسباب والدوافع, وهو أكبر الأضرار بالناس والمجتمع كله.. والله سبحانه وتعالي يتسامح في حقوقه علي العبد كالصلاة والصوم مثلا ولكنه لايتسامح مطلقا ولا يغفر بتاتا الاضرار بالآخرين وتعطيل أعمالهم وأرزاقهم فضلا عن أن القانون الوضعي يجرم هذه الأفعال والجرائم الشريرة والتي تهدد بانهيار الاقتصاد المتهاوي فعلا وتوقف الإنتاج والسياحة وتولد أسوأ العواقب علي الوطن كله, ومنهم أولئك الذين يعطلون العمل والمصالح ونعني بهم هؤلاء المعتصمين والمزايدين وخاصة في الميادين والطرقات لأغراض انتخابية والمزايدة للإرهاب وفرض الرأي بالقوة والتهديد بعد أن تحققت كل أهداف الثورة والحمد لله, وتعمل الحكومة والمجلس العسكري وكافة المسئولين علي استكمالها.. ويعجبني كثيرا نصائح الشيخ المحلاوي إمام مسجد القائد إبراهيم بالاسكندرية في نهيه عن التظاهر خاصة في الميادين والطرقات مما يعطل العمل وأن هذه الأفعال تجرمها الشريعة الإسلامية تماما وإنها من أكبر الكبائر عند الله والناس وكما يقول إمام المرسلين صلي الله عليه وسلم إن الله يغفر كل الذنوب والخطايا إلا أمران وهما الشرك بالله والإضرار بالناس. ولقد ضرب شعب مصر المؤمن العظيم وقبله المجاهدون الأوائل في عهد الرسول الكريم أعظم الأمثلة علي أهمية العمل والجهاد لتحقيق التقدم والتفوق والانتصار, فقد حقق المسلمون الأوائل أفضل الانتصارات والغزوات في شهر رمضان المبارك وهم صائمون, كما سار المصريون خير أجناد الأرض علي نهج أسلافنا الصالحين محققين أفضل الانتصارات العسكرية الحديثة في العاشر من رمضان( أكتوبر1973) يوم العبور العظيم واسترداد سيناء وتحطيم خط بارليف المنيع, وعبروا القناة أضخم حاجز مائي وهم صائمون مسلمين وأقباطا وهم يرددون صيحة الإسلام المباركة( الله اكبر.. الله اكبر), والتي كان لها فعل السحر في مضاعفة حماس وقوة الرجال بقدر ما بثت الرعب والخوار والضعف في نفوس الأعداء. ما أحوجنا اليوم وبعد ثورة25 يناير المباركة أن نتذكر تعاليم الإسلام وأن نعمل بها جاهدين ففيها تحقيق كل أهداف الثورة وأماني الشعب المصري كله الذي صنع هذه الثورة والذي سنبني بسواعده وبتعاليم السماء مصر المستقبل والنهوض والرفعة والله يهدينا جميعا سواء السبيل.