محمد معيط: اللجوء لصندوق النقد استثناء وليس قاعدة.. و28 مليار دولار جاءت لمواجهة 3 تحديات مختلفة    الدفاع المدني بغزة: انتشال 5 شهداء وجرحى من داخل مدرسة بحيّ التفاح    فوز تاريخي.. الأهلي يحقق الانتصار الأول في تاريخه بكأس عاصمة مصر ضد سيراميكا كليوباترا بهدف نظيف    بالصور.. منتخب مصر يواصل تدريباته استعدادًا لضربة البداية أمام زيمبابوي    بولونيا يتأهل إلى نهائي السوبر الإيطالي بعد إقصاء إنتر بركلات الترجيح    متحف المجوهرات الملكية يكشف ميلاد النقدية المصرية عبر مسكوكات السلطان حسين كامل    بين الإبداع والرقمنة.. ميرفت أبو عوف تناقش مستقبل السينما في عصر الذكاء الاصطناعي    تحذير عاجل من الأرصاد للمواطنين بشأن هذه الظاهرة غدًا(فيديو)    خناقة على الهواء وتبادل اتهامات حادة في واقعة «مقص الإسماعيلية».. فيديو    محامي المتهم بضرب معلم الإسماعيلية يفجر مفاجأة: فيديو الواقعة مجتزأ    شباب كفر الشيخ: حصلنا على ترتيب أول و7 ميداليات فى بطولة الجمهورية للمصارعة    عمرو عبد الحافظ: المسار السلمي في الإسلام السياسي يخفي العنف ولا يلغيه    بدايات متواضعة وشغف كبير.. المطربة رانيا خورشيد تحكي قصة اكتشاف موهبتها    بعد تأكيد عالمى بعدم وجود جائحة أو وباء |سلالة شرسة من الإنفلونزا الموسمية تجتاح العالم    صحة الدقهلية: مستشفى السنبلاوين تُجري 6 عمليات جراحة تجميل دقيقة لحالات معقدة    أخبار كفر الشيخ اليوم.. انقطاع المياه عن مركز ومدينة مطوبس لمدة 12 ساعة اليوم    صبرى غنيم يكتب:النبت الأخضر فى مصر للطيران    البنك المركزي الروسي يخفض سعر الفائدة إلى 16% لهذا السبب    إصلاح الهبوط الأرضى بطريق السويس وإعادة فتح الطريق بالقاهرة    حمدى رزق يكتب:«زغرودة» فى كنيسة ميلاد المسيح    سلام يعلن إنجاز مشروع قانون استرداد الودائع من البنوك في لبنان    إبراهيم زاهر رئيسا لنادي الجزيرة حتى 2029    على ناصر محمد يكشف تفاصيل الوحدة اليمنية: خروجى من صنعاء كان شرطًا    مستشار رئيس الجمهورية يؤدى واجب العزاء فى وزير الثقافة الأسبق محمد صابر عرب    هشام عطية يكتب: دولة الإنشاد    كأس أمم أفريقيا.. منتخب الجزائر يستبعد حسام عوار ويستدعى حيماد عبدلى    علي ناصر محمد: لم أندم على ترك الحكم في اليمن وخروجي من السلطة    كيفية التخلص من الوزن الزائد بشكل صحيح وآمن    روبيو يكشف ملامح السياسة الخارجية المقبلة لواشنطن: ما وقع في غزة كان من أكبر التحديات .. لا يمكن لحماس أن تبقى في موقع يهدد إسرائيل..الحرب الروسية الأوكرانية ليست حربنا    اليونيفيل: لا توجد مؤشرات على إعادة تسليح حزب الله في جنوب لبنان    أول "نعش مستور" في الإسلام.. كريمة يكشف عن وصية السيدة فاطمة الزهراء قبل موتها    استمرار عطل شبكة Cloudflare عالميًا يؤثر على خدمات الإنترنت    رئيس الطائفة الإنجيلية ومحافظ أسيوط يبحثان تعزيز التعاون    ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي بالسوق السوداء بقيمة 4 ملايين جنيه    وزيرتا التخطيط والتنمية المحلية تتفقدان قرية النساجين بحي الكوثر والمنطقة الآثرية ميريت آمون    الداخلية تنظم ندوة حول الدور التكاملي لمؤسسات الدولة في مواجهة الأزمات والكوارث    جوارديولا يحسم الجدل حول مستقبله مع مانشستر سيتي    شراكة استراتيجية بين طلعت مصطفى وماجد الفطيم لافتتاح أحدث فروع كارفور في سيليا    اليوم.. ريم بسيوني تكشف أسرار تحويل التاريخ إلى أدب في جيزويت الإسكندرية    الصحة: إرسال قافلة طبية في التخصصات النادرة وكميات من الأدوية والمستلزمات للأشقاء بالسودان    محافظ المنيا يعلن افتتاح 4 مساجد في 4 مراكز ضمن خطة وزارة الأوقاف لتطوير بيوت الله    تحرش لفظي بإعلامية يتسبب في وقوع حادث تصادم بالطريق الصحراوي في الجيزة    لقاء السحاب بين أم كلثوم وعبد الوهاب فى الأوبرا    حلمي طولان: لم يُطلب مني المنافسة على كأس العرب.. ووافقت لحل الأزمة    10 يناير موعد الإعلان عن نتيجة انتخابات مجلس النواب 2025    «الإفتاء» تستطلع هلال شهر رجب.. في هذا الموعد    المهندس أشرف الجزايرلي: 12 مليار دولار صادرات أغذية متوقعة بنهاية 2025    الصحة: تنفيذ برنامج تدريبي لرفع كفاءة فرق مكافحة العدوى بمستشفيات ومراكز الصحة النفسية    جامعة عين شمس تواصل دعم الصناعة الوطنية من خلال معرض الشركات المصرية    في الجمعة المباركة.. تعرف على الأدعية المستحبة وساعات الاستجابه    ضبط 20 متهمًا أثاروا الشغب بعد إعلان نتيجة الانتخابات بالإسماعيلية    الزمالك في معسكر مغلق اليوم استعداداً للقاء حرس الحدود    بث مباشر| مؤتمر صحفي لرئيس الوزراء ونظيره اللبناني في بيروت    داليا عثمان تكتب: كيف تتفوق المرأة في «المال والاعمال» ؟    جامعة السوربون تكرم الدكتور الخشت بعد محاضرة تعيد فتح سؤال العقل والعلم    فضل الخروج المبكر للمسجد يوم الجمعة – أجر وبركة وفضل عظيم    هل يجوز للمرأة صلاة الجمعة في المسجد.. توضيح الفقهاء اليوم الجمعة    القلق يجتاح «القطاع»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كانت ثورة‏..‏ وليست حركة تصحيحية

منذ البداية ومن الأيام الأولي لثورة‏52‏ يناير‏,‏ ووجود حكومة أحمد شفيق المختارة من الرئيس السابق‏,‏ والمراوغة الرئاسية‏,‏ ما بين مطالب التنحي‏,‏ والرغبة المزمنة في الامساك بقبضة السلطة‏,‏ وحتي مجيء يوم الخضوع لحتمية الرحيل في 11‏ فبراير‏,‏ فإن ثورة 25 يناير كانت تواجهه حصارا يدفع بها إلي مأزق سياسي, بينما قواها تحمل اصرارا علي الخروج إلي فضاء الحرية, والخلاص من كل سوءات الماضي.
هذا المأزق السياسي, صنعه وجود تناقض حاد بين منطق تفكير الذين قاموا بالثورة, وبين من ظلت في أيديهم مقاليد إدارة شئون البلاد, والذين كان لديهم انكار لكون ما جري ثورة, والسعي لغرض معايير تعاملهم معها, وكأنها حركة تصحيحية وكفي.
وكأن التصرف بمنطق ومعايير الثورة هو الطريق, إلي حل التناقض, وإنهاء هذا المأزق السياسي. فالتصحيح له مفاهيم وأهداف, والثورة لها مفاهيمها وأهدافها.
.. التصحيح يبقي علي أركان الوضع القائم علي ما هي عليه, باستثناء التخلص من رؤوس النظام, والتخلي عن بعض المبادئ والسياسات, مع المحافظة علي البعض الآخر. في حين أن الثورة وفي حالة مصر علي وجه الخصوص قامت من أجل بناء دولة ديمقراطية حديثة.. دولة قانون, تطبق مباديء العدالة الاجتماعية, في مناخ جديد ومختلف.
لكن ذلك لا يمكن أن يتم, قبل أن تمهد له اجراءات نزع جذور الفساد السياسي, الذي كانت الدولة تدار به, والذي برهنت تصرفات النظام السابق وقراراته, علي أنه تأسس علي مبدأ هدم الدولة, واقامة منظومة مصالح, انفصلت تماما عن الشعب وهمومه المتصاعدة, ومطالبه واحتياجاته, وانغلقت عقلا وسلوكا, علي خدمة هدف رأس النظام, وابنه, وأسرته, والمجموعة المستفيدة المقربة منه, والتي تم انتقاؤها بمقاييس تخصه هو, ولا علاقة لها بعلم وفن الحكم والسياسة. وأدلة الاتهام علي ذلك لا تعد ولا تحصي منها علي سبيل المثال: إن النظام كان معاديا لفكرة الانتاج, متوسعا في الاستيراد, هادما لمفهوم الأمن القومي, الذي استبدله بمبدأ أمن النظام, وشتان ما بين الاثنين, والأمثلة عديدة لا نهاية لها.
لقد وضع النظام السابق, الدولة والمواطن داخل أسوار, من هياكل تحمل مسمي مؤسسات, ولا علاقة لأي منها بدولة المؤسسات, كما ينبغي أن تكون, والتي تصون كرامة المواطن, وتحمي وجوده وحقوقه, وتحقق أمانيه وطموحاته, وركز نظامه جهوده علي التعامل مع شعبه وقضاياه, وأموره المعيشية, باستخدام ذراعه الباطشة أمن الدولة, الممثل الرسمي لمبدأ أمن النظام.
وهو وضع من شأنه السعي لإنزال الهزيمة النفسية بالمواطن, ومن المعروف أن المواطن المهزوم, لا يصنع مستقبلا, ولا يرتقي بوطن.
كان النظام حريصا علي تكاثر الظواهر السلبية والرديئة, وظهر ذلك واضحا في استقطابه للعاطلين من الموهبة, لأصحاب الأمية السياسية, ودفع بهم إلي مقدمة الحياة السياسية, ونبذ الاكفاء, أصحاب الرأي المستقل الذي لا يبغي إلا مصلحة الوطن, ودفعهم للانزواء بأفكارهم وقدراتهم, كأنهم منفيون داخل وطنهم, أو للهجرة حينما وجدوا أن الدولة أصبحت طاردة لأفضل أبنائها.
وظهر ذلك واضحا في اعراض الناس عن الحياة العامة واعطاء ظهورهم للعملية السياسية, وهو ما أثبتته معدلات المشاركة في الانتخابات البرلمانية والرئاسية منذ عام 2005, والتي تراوحت نسبة المشاركة فيها ما بين 15% و24%, بينما كانت نسبة المشاركة في آخر انتخابات برلمانية قبل ثورة يوليو في يناير 1952, هي 60.62% كما سجلتها وزارة الداخلية.
كانت الأمية السياسية للنظام تظهر واضحة, عندما كنا نسمع قياداته المختارة, وهم يتحدثون في الشئون العامة داخلية وخارجية.
ويتكشف من كلامهم عدم الفهم للسياسة, أو المعرفة بالشأن العام, من ذلك مثلا ما يختص بفهم خصائص الشخصية القومية للمصريين, أو فهم التحولات الجارية في العالم, وتجارب الدول الأخري, وما يجري من تغيير في المفاهيم والنظريات السياسية والاقتصادية. بل إن بعض المتخصصين منهم والفاهمين للسياسة وعلومها, وتطبيقاتها, قد غلب عليهم حبسهم داخل أسوار النظام, فانطبع فكره علي لغة خطابهم, وبحيث كانوا يعطون شروحا وتفسيرات, لما يجري في مصر علي سبيل المثال من حنق وغضب, واحتجاجات, لا علاقة لها بالتفسير الواقعي والتاريخي والعلمي لما يحدث.
إن وضع الأمور في نصابها, بالتصرف وفقا لمفهوم أن ما جري في مصر, ثورة وليس مجرد حركة تصحيحية, يقتضي وضع جدول أولويات للمرحلة التي تمر بها مصر الآن.. وجدول أعمال لا يغمض العين عن الجذور السامة التي غرست في تربة الحياة السياسية والاجتماعية, وتطهير الأرض, قبل البناء عليها, وإلا كنا كمن كان يبني علي أرض رخوة لا تتحمل بناء.
ومن المهم أن يوجد دليل ليكون هاديا, للقرارات والسياسات, وهو الرضا العام, فليس هناك في الدول الديمقراطية العريقة أو الحديثة, نظام يتجاهل الرضا العام الذي هو سند بقائه وشرعيته, وقدرته علي أن يحكم ويقود وطنا وشعبا.
المزيد من مقالات عاطف الغمري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.