في بداية الثورات الشعبية العربية خاصة في تونس ومصر, خرج الرئيس السوري بشار الأسد بتصريح طالب فيه الأنظمة العربية بضرورة تفهم مطالب شعوبها الاقتصادية والسياسية. لأن هذه هي سنة الحياة. وتفاءلنا خيرا بنضج الوعي السياسي للأسد, وأنه لن يسمح بخروج المتظاهرين في بلاده, لأنه يتفهم المطالب التي تدور حتي في خيالاتهم. وإذا كان النظامان التونسي والمصري قد سقطا تحت ضغط الثورة الشعبية, فإن دولا أخري مثل سوريا واليمن وليبيا, لم تتحطم بعد أنظمتها القمعية, رغم ان الحل بسيط للغاية, ويتمثل في ضرورة مسارعة القيادة السياسيةبالتعرفعليالقضايا المطروحةمن قبل الجماهير كما طلب الأسد من قبل ولكنه لم يفعل. فهو لم يع ان الفرصة ستكون أكبر لتنفيذالتغييراتبطريقةمنظمة وفعالة, كلما كان الوضع أكثر هدوءا والحوار أكثر سلاسة. فالقرار هنا في أيدي الشعب ولكن المواطنين يريدون أن يتخذه النظام, لتتسعفرصهم لانتخاب حكوماتديمقراطيةبحريةونزاهة. بشار الأسد لم يتعلم بعد من الدرسين التونسي والمصري, حينما انتصر الشعبان في النهاية وتحقق لها المراد وإن لم تكتمل الثورة بعد. وواضح ان الأسد أصيب بالعمي السياسي, فهو يتحدث فقط ولكنه لا يقرأ ولا يري, ورغم ان مراحل الثورات الشعبية شبه واحدة حتي في النتائج, فإن الرئيس السوري لم يفطن لحقيقة ان خطواته قد أصبحت محسوبة عليه الآن, ومن تلك الخطوات خطاباته.. فهي تمهد لإشعال الأرضية وسحب البساط من تحت قدميه. ويكفي خطابه الأخير الذي وصف فيه المؤامرة( الثورة) بأنها كالجراثيم منتشرة في كل مكان وزمان. وقبل أن ينهي الأسد خطابه أنشأ ناشطون علي موقع فيس بوك مجموعة جديدة ساخرة باسم الجراثيم تريد إسقاط النظام. وربط هؤلاء بين وصف الجراثيم للأسد ومن قبل وصف القذافي للمتظاهرين الغاضبين بأنهم مثل الجرذان. ولم يتوقف السوريون عند الربط بين التعبيرين, فهم قرأوا في ملامح وجهه وتعبيراته وحتي في حركاته ارتباكا واضحا واضطرابا نتيجة ثورتهم, ليزدادوا قوة وإيمانا بقرب نجاح ثورتهم. فقد أكد خطاب الأسد الثالث منذ انطلاق الثورة الشعبية السورية مدي افتقاده للشرعية وهو دون أدني شك سيعجل بسقوطه. المزيد من أعمدة محمد أمين المصري