ممدوح فهمي في كل مرة يتعثر فريق خلال مسيرته, يسقط المدير الفني ضحية دون النظر الي العناصر الأخري التي أدت لفشله, وفي مقدمته اللاعبون والإدارة وعدم توافر الأجواء المؤهلة للنجاح, ويتناسي الجميع كفاءة المدرب وقدراته التي أهلته لتولي المسئولية, ويتكرر السيناريو كل مرة بالتفاصيل نفسها.وفي محاولة لكشف أبعاد هذا اللغز المحير, طرحت صحيفة الجارديان القضية في تحقيق لها عن فريق تشيلسي الانجليزي بعد ان بات قريبا من الاطاحة بمديره الفني الايطالي كارلو انشيلوتي عقب الاخفاق في الدوري المحلي وخروجه من دوري الابطال, وتساءلت الصحيفة عن مدي نجاح النادي اللندني في تصحيح مسيرته في ظل تغييره للمدربين بشكل غير منطقي برغم كفاءتهم وقدراتهم الفنية, ودون النظر ولو للحظة لكيفية دعم الصفوف وعلاج نقاط الضعف في التشكيل. وقالت الجارديان ان الرحيل الأخير للمدربين السابقين كلاوديو راينيري الايطالي وافرام جرانت الاسرائيلي جري بنفس الصورة, ولم يتوقف مالك النادي رومان ابرموفيتش لحظة أمام ظاهرة الاخفاق المتكرر لنفس الجيل من اللاعبين واكتفي باحالة مدربيه للتقاعد, حيث لم يوفق الفريق في الحصول علي اللقب المحلي سوي تحت قيادة مديره الفني البرتغالي جوزيه مورينيو الذي لم يستكمل مسيرته بعدها باسابيع عقب تعثره في النتائج. وأشارت الصحيفة البريطانية إلي أنه بصرف النظر عن الملاحظات التي تحيط بأداء انشيلوتي الذي استعان بعدد من الحرس القديم في ناديه السابق ميلان, الا أن ابرموفيتش نفسه لم يتحرك بنفس القوة عندما تولي المسئولية في بداية مشواره من خلال دعم الصفوف بعدد من الأسماء اللامعة والصفقات الناجحة, وكانت النتيجة أن الفريق الذي كان ضيفا دائما في دور الأربعة لدوري أبطال أوروبا وخرج من الدور الأول ودور الثمانية بعد ذلك. وأجرت الجارديان مقارنة بين النادي اللندني ومانشستر يونايتد بقيادة السير العجوز اليكس فيرجسون, وقالت ان الأخير أثبت نجاحه وتفوقه علي منافسه بدليل ان أربعة لقاءات من مواجهات الفريقين الأخيرة كانت لصالحه, ويعود ذلك بالدرجة الأولي الي سياسة الإحلال والتبديل التي يبتبعها السير العجوز ليحافظ علي شباب فريقه وقدرته علي المنافسة المحلية والأوروبية, في حين أن الموقف يختلف في تشيلسي, فقد تأخر انشيلوتي في هذه السياسة وتراجع ناديه بعد الاصابات الأخيرة التي لحقت بعناصره الأساسية من أمثال الايفواري ديديه دوروجبا وفرانك تيري. وإذا كانت النظرة الأوروبية تري أنه ليس بالضرورة أن يكون المدرب هو الضحية, فإن الوسط المحلي من خلال الخبراء لم يختلف كثيرا عن ذلك من ناحية أن المنظومة لاتعتمد فقط علي المدير الفني فقط, بل هناك عناصر أخري أساسية حتي يتحقق النجاح في مقدمتها الإدارة واللاعبون. ويقول طارق العشري المدير الفني لحرس الحدود إن العرف السائد في مصر هو أن المدرب يكون الضحية لان النتائج مرتبطة به فقط, ففي حالة النجاح فان اللاعبين تفوقوا وتألقوا, ولو حدث العكس فإن الأنظار كلها تركز علي المدير الفني, وأضاف أنه من الصعب عقد مقارنة بين ظروفنا وما يجري في الدوريات الأوروبية من ناحية الفكر والامكانات المادية. وأضاف العشري أن الأندية الكبيرة تمنح المدرب الفرصة الكافية لإظهار قدراته, دون الحجر عليه مبكرا لدرجة أنها يمكنها الانتظار حتي نهاية الموسم لتتضح الصورة و الحكم عليه بشكل صحيح, وقال إنه شخصيا كان ضد استغناء المصري عن مختار مختار لانه كان يتوقع أن يحقق نتائج جيدة في حالة الاستمرار, كما أن تغيير الأجهزة الفنية بشكل مفاجيء يأتي بنتائج عكسية, وانه شخصيا لولا الاستقرار الذي يشعر به مع ناديه لكان للأمر شكل آخر. ويري المحلل الكبير علي أبو جريشة أن الإدارة تتحمل المسئولية في كل هذه الأمور, ولو تمتعت بالشخصية القوية لما خضعت لأي ضغوط تجعلها تطيح بالمدرب في أي وقت, وأضاف بأن مشكلة المدير الفني في مصر أنه يعد أضعف عنصر في المنظومة, في حين ان الموقف في اوروبا يختلف حيث نجد فيرجسون المدير الفني لمانشستر مستمرا مع ناديه كل هذه السنوات, وحقق نجاحات كبيرة محلية وقارية, بينما مستقبل المدرب في الملاعب المصرية مرهون بنتيجة مباراة. ويري عادل طعيمة المدرب السابق والمحلل الكروي الحالي أن المشكلة في اختيار المديرين الفنيين تدخل الوسطاء والمعارف بدرجة كبيرة والعلاقات الشخصية بعيدا عن الكفاءة والمعايير الفنية الاخري, وألقي طعيمة بالمسئولية في ذلك علي مجالس الإدارات سواء في الاهلي او الزمالك التي تستفيد من وجودها في المنصب دون النظر في الكثير من الأحيان للمصلحة العامة, وأضاف أن القاء الكرة في ملعب المدير الفني دائما تمثل هروبا من المسئولية باعتباره الطرف الاضعف, كما أن تغيير المدربين يثير الحيرة والقلق لدي اللاعبين, لدرجة أن اللاعب عندما يتوجه الي الملعب لا يعرف من سيتولي المسئولية, كما أن هذا القادم الجديد يشكك في قدرات منافسه ويتهمه بالجهل وعدم المعرفة. ويري ضياء السيد المدير الفني لمنتخب الشباب أن عناصر الكرة مجتمعة تضم إدارة ولاعبين ومدربين وجماهير, والمدرب العنصر الأضعف فيها, ومن الصعب تغيير مفهوم الناس بشأنه, في حين أن تشيلسي عندما قرر الاستغناء عن انشيلوتي اتخذ هذه الخطوة بعد ثلاث سنوات من بقائه مع الفريق, كما حاول توفير كافة الامكانات له, ومن بينها ضم فرناندو توريز من ليفربول مقابل70 مليون دولار, ونفس الشيء مثلا بالنسبة لمورينيو فقد حقق لقب الكأس فقط مع ريال مدريد هذا الموسم رغم الاجواء التي توافرت له, ولكن المسئولين سيتركونه يستكمل المسيرة الموسم القادم انتظارا لما ستسفر عنه الأمور وحتي يحصل علي فرصته كاملة. وأضاف أن ما يحدث في مصر من تحجيم دور المدرب بهذا الشكل يعد تهريجا, نظرا لأن الضغط الجماهيري يتحكم بشكل كبير في بقاء الاجهزة الفنية من عدمها, بدليل ان المصري مثلا استعان حتي الآن بخمسة أجهزة فنية, وأيضا الاتحاد لجأ الي ثلاثة مدربين, ونفس الشيء بالنسبة للاسماعيلي, وهذه الأمور بالتأكيد تأثيراتها سلبية علي المنظور بعيد.