محميات مصر الطبيعية شهدت أكبر عمليات تدمير منظمة لم تشهدها محمية طبيعية في العالم. هذه الإنتهاكات والأنشطة الجائرة قام بها رجال أعمال ومستثمرون. وتمثلت في إقامة قري سياحية وفيلات وقصور ومنشآت ترفيهية علي طول ساحل البحر الاحمر وخليج العقبة ورغم ان هذا الساحل يحتضن أكبر واهم محميات طبيعية بيئية في مصر إلا أن الوزارات السابقة والمحافظات سمحت بإقامة هذه المشروعات بها وأن الذين سمحوا بإقامتها هم أنفسهم الذين نهبوا ثروات الدولة وهربوا أموال الشعب للخارج. فهناك تقرير شامل يؤكد أن الكثير من القري والمشروعات السياحية التي أقامها هؤلاء المستثمرون بالغردقة والامتداد الجنوبي لساحل البحر الاحمر مرورا بمرسي علم قامت بعمليات ردم واسعة لمياه البحر الأحمر وهذا أمر في غاية الخطورة, لأنه يدمر الشعاب المرجانية بأنواعها وأشكالها المختلفة وألوانها البديعة الرائعة الجمال وتؤثر سلبيا علي حياة كل الأحياء البحرية والأسماك الملونة والتنوع البحري الثري الذي تنفرد به, فهي عناصر تمثل مجتمعة بيئة متكاملة, وعمليات الردم تعجل بتدميرها والقضاء علي الأنواع المهددة بالانقراض وغير المحددة منها, وقد سبق ومنذ أكثر من ثلاثة عقود أن حذر عالم البحار المصري العالمي حامد جوهر كذلك العالم رانجر كنزلباخ المدير السابق لمعهد الأحياء البحرية الألماني( معهد دار مشتادت) من خطورة عمليات الردم التي أفقدت ساحل البحر الأحمر المصري عشرات الكيلو مترات ثاني أروع حدائق المرجان في العالم بعد الحاجز الاسترالي, وبالتالي فقدت ثروة تقدر بمليارات المليارات من العملات الصعبة, يستحيل تعويضها لأن تكون الشعاب المرجانية يحتاج الي مئات السنين, واستمرار عمليات الردم بمثل هذه الصورة يدمر أهم عوامل الجذب لتلك السياحة التي أصبحت القاسم المشترك الأعظم للسياحة الأثرية إن لم تتفوق عليها. أحكام مهزوزة الإجراءات التي تتصدي بها وزارة البيئة ومحافظة البحر الأحمر والجهات المعنية الأخري هي إجراءات ليست رادعة, بداية من إجراءات الصون والحماية التي من المفروض أن تقوم بها وزارة وجهاز شئون البيئة ممثلة في قطاع المحميات الطبيعية الذي له كل العذر في ظل العدد المحدود جدا من حراث البيئة والذين يعملون قدر جهدهم في رصد تلك المخالفات والجرائم في حق مصر وتراثها الطبيعي وإبلاغ النيابة العامة عنها, والغريب أن التعامل مع تلك القضايا من جانب وزارة البيئة لا يقابل بنفس حجم الجريمة التي ترتكب, والتصالح هو السمة الغالبة بعد أن يسدد من يقوم بانتهاك وردم المياه وقتل الشعاب المرجانية والأحياء بغرامة مالية, والمضحك أن تلك الغرامة قابلة للفصال أو التنزيل او المساومة عملا بالمثل القائل اللي يجي منه أحسن منه أو مراعاة لصاحب القرية من كبار رجال الحزب الوطني والدولة ومستثمريها, أو لنفوذه وعلاقاته واتصالاته بالسلطة وأحدهم تم تنزيل الغرامة من12 دولار إلي3 دولار لكل متر دمره من الشعاب المرجانية, وهذا تم تطبيقه علي العديد من الحالات الأخري في أوكازيون التدمير البيئي, وبالطبع هناك عشرات الحالات التي لم تدفع وتم تحويلها للقضاء والمحاكم حبالها طويلة, لذلك فإن الاعتقاد بان وزارة البيئة تفضل التفاوض المادي وهو الأفضل للمدمر لأنها في النهاية مبالغ يسيره. القائمة السوداء بلغ إجمالي المساحات التي تم ردمها في مياه البحر الأحمر خلال الثلاثين عاما الماضية, وتحديدا من عام 1989 وحتي عام 2010 أكثر من مليوني وربع مليون متر مربع ساهمت فيها مائة منشأة سياحية, وتفاوتت المساحة المردومة من مشأة لأخري كذلك من فترة لأخري, ففي الفترة ماقبل عام 1994 أي ماقبل صدور القانون رقم4 لسنة 94 كانت المساحات التي تم ردمها مليون ومائتي ألف متر مربع وهي أكبر من التي ردمت بعد هذا التاريخ ونهاية بالعام المنقضي0102 والتي بلغت حوالي مليون متر مربع فقط, وهذا لا يعني مطلقا ان سوط القانون وحزم وزارة البيئة لعبا دورهما وأرعبا من يحاول أن يخالف, فالحقائق الدامغة التي تدعمها لغة الأرقام والإحصائيات تؤكد عكس ذلك فالفترة الأولي التي قبل صدور القانون وهي الفترة التي شهدت تشييد الغالبية العظمي من المنشآت والقري السياحية بلغ عدد المنشآت التي قامت بعمليات ردم مياه البحر 76 منشأة بينما عدد المنشآت التي قامت بالردم بعد عام 1994 بلغ33 منشأة فقط وهذا يعني أن المنشآت الأخيرة ضاعفت من معدلات الردم في ظل القانون بل وفي ظل وجود وزارة للبيئة لأن وزارة البيئة تأسست عام 1997 وكأن تلك المنشآت مجتمعة تخرج لسانها للوزارة والقانون وكافة القوانين واللي مش عاجبه يشرب من البحر المردوم, ويكفي القول أنه تم ردم43 ألف متر في الستة أشهر الأخيرة من عام 2008 وقام بها ثلاث مستثمرين سياحيين فقط يمتلكون القري السياحية ستيلا مكادي وأبوالنصر وبالم ديزرت, وان كانت وزارة البيئة ومحافظة البحر الأحمر قد اتخذت الإجراءات القانونية وأحالة أصحاب هذه المشروعات للنيابة العامة بتهمة تدمير البيئة البحرية, فهذا لن يعيد ما تم تدميره ولن يصلح ما أفسدته معاول الهدم والتدمير, ولن يعيد ما تحطم من الشعاب المرجانية النادرة والتراث الطبيعي المهدر والأحياء البحرية المتفردة. قائمة التدمير تفاوتت المساحات التي تم ردمها داخل حرم مياه البحر الأحمر خلال المدة ما قبل عام 1994 والتي شملت77 قرية ومنشآة سياحية والمثير أن تلك القائمة شملت عائلات وأسماء مشهورة منها ورثة السادات وحددت مسئوليتهم عن ردم 11237 متر مربع, ومنطقة جبل الحريم( حسام أبوالفتوح) وفيها ردمت مساحة 17 ألف متر مربع, وقريتي عرابيا وعربية مجتمعتين ردمتا 118 الف متر مربع وهي الأعلي في مساحات الردم, تليها قرية باراديس 84 الف ثم قرية ميريت 79.5 الف ثم شدوان 76.8 الف فقرية ذهبية 47 الف وفندق حور بالاس وكان سوء الإدارة المحلية آنذاك لعبت الدور الأكبر في هذه الكارثة إذ خيل لهم تفكيرهم المحدود أنهم سيسمحون فقط لمن يريد إنشاءات سياحية بان يردم مياه البحر حتي لا يقتطع من الأراضي اليابسة, وهم بذلك لا يعلمون أنهم يلحقون بالبيئة البرية والمرجان أكبر خطر جردها من أروع معالمها وأجمل عوامل الجذب السياحي لها, كما لم تكن في الغالبية العظمي من تلك الفترة قوانين تنظم العمل داخل المحميات الطبيعية ولم يكن صدر قانون البيئة, وبعد صدور القانون رقم4 لسنة 94 وبعده أنشآت أول وزارة للبيئة واكبها ظهور القائمة الثانية من المنشآت والقري السياحية المدمرة وشملت 34 منشآة ضمت أسماء شهيرة أيضا مثل أبوالعينين وابوالنصر والبعلبكي وكريازي وغيرهم تلك القائمة لم يكن لها أي عذر في أقتراف ما اقترفوه من جرائم في حق تراث مصر الطبيعي بتدميره بمنشآتهم, وكأن كل منهم في سباق مع الاخر لمن يدمر أكثر, فقرية جولدن فايف ردمت 210 ألف متر مربع وقريتي علاء الدين وعلي بابا 109 الف متر مربع وقرية ليلاند 81 ألف والفنادير 71 ألف وميليا فرعون 61 الف ودانا بيتش 51 الف وميريد بيتش 50 ألف والجونة 43.5 الف وجراند أوتيل 42 الف والبوريفاج 41 ألف وفندق سي جل 20.7 ألف وبانوراما بانجلوز 20 ألف والباتروس 14.8 الف وسلطان بيتش11 الف وقرية أبوالنصر 23.5 ألف وهكذا تتوالي قائمة التدمير. شباب محميات البحر الأحمر لم يكن اسم ابوالعينين أو غيره من أصحاب الاستثمارات والقري السياحية يرعب حراس البيئة وباحثيها الشبان في قطاع محميات البحر الأحمر, فرجل الحزب الوطني القوي ورئيس لجنتي الإسكان والصناعة في مجلس الشعب وصاحب القرية السياحية الشهيرة بالغردقة والنفوذ يخالف القانون ويدمر الشعاب المرجانية والبيئة البحرية بإنشائه سقالة بحرية خاصة لقريته( مرسي خاص) وبدون ترخيص ومخالف للقانون رقم4 لسنة 94 وللإشتراطات البيئية, وبدون خوف يبادر شباب المحميات بتسجيل المخالفة وابلاغ النيابة العامة لتوقع الغرامة المقررة لتصبح واقعا لامفر منه في شجاعة نادرة لأن الرجل كان في قمة نفوذه, فسارع بمصاحبة وزير البيئة ورئيس قطاع المحميات بالذهاب الي الغردقة لحل المشكلة! وقام بتغطية مساحة 5500 متر بالرمال داخل القرية مخالفا كافة القوانين, ولم يكتفي بذلك بل كانت الطامة الكبري والتدمير الأكبر بإقامته سقالة بحرية بطول 208 متر وعرض 3.5 متر أي أن مساحة السقالة الشاسعة بلغت أكثر من 700 متر مربع, وبالطبع تؤثر مباشرة علي الشعاب المرجانية التي تمثل عصب الحياة للسياحة البيئية بصفة خاصة والسياحة المصرية بصفة عامة, فالجزء الأول للسقالة يصل. لمنطقة ظهر الشعاب المرجانية والجزء الثاني يصل لمنطقة حافة الشعاب المرجانية وكلتاهما من المناطق الحيوية, والكارثة كانت في عملية إنشاء السقالة إذ تم استخدام الونش الذي دمر في مسارية علي الشعاب المرجانية بمنطقة حافة الشعاب المرجانية مساحة 52.5 متر مربع من حدائق المرجان, إذ يبلغ طول المسار الواحد 17 مترا وعرضه 1.5 متر, كما دمر الونش بالمنطقة الثانية بإلقائه مجموعة من المواسير الحديدية علي الشعاب المرجانية مساحة أخري من الشعاب بلغت 16 مترا, وكانت هناك مساحة أخري من تدمير الشعاب وهي الأكبر التي قام بها الونش بلغت 90 مترا, لتكون محصلة تدمير قرية فانتازيا من نشاط تدميري واحد ما يقارب 160 مترا من أروع حدائق المجان البكر ليست المصرية فقط بل العالمية لغة الأرقام تؤكد أن كثافة الشعاب المرجانية بمنطقة التدمير لقرية أبوالعينين %30 أما نسبة التدمير التي تسببت فيها إنشاء السقالة بالمناطق الثلاث التي سبق ذكرها فتبلغ %100 أي تدمير شامل, وبحساب أن ثمن المتر المربع من الشعاب المرجانية حسب تسعيرة وزارة البيئة 300 دولار أمريكي للمتر المربع( وإن كان هذا التراث خسارة فادحة لاتقدر بثمن) فإن السيد ابوالعينين من المفروض ان يدفع غرامة لكل من ارتكب من انتهاكات 182248 دولار أمريكي, وللأسف هذا المبلغ لم يدفع حيث تمت المساومة المبررة ليخفض للثلث تقريبا... يابلاش قرية هاواي بالغردقة تم تخصيص مساحة 12 ألف متر مربع من مجلس مدينة الغردقة لإنشائها عليها بتاريخ 2005/6/12 قد بدأت أول مخالفة لها بتاريخ 2005/5/21 أي بعد شهرين فقط وتم التصالح مع وزارة البيئة, وعاد أصحاب القرية بمخالفة أخري متمثلة في أعمال ردم داخل المياه وإقامة إنشاءات بدون ترخيص علي مساحة 4600 متر مربع ليعاود الكرة مرة أخري للتصالح مع وزارة البيئة التي وافقت بالطبع, وبعد أربعة أشهر من الوقعة السابقة وثلاثة أشهر من التصالح عاد أصحاب نفس القرية بتكرار نفس المخالفة وردم 1520 مترا داخل مياه البحر, ثم عادوا مرة خامسة بعد أقل من شهر وتحديدا بتاريخ 2007/9/23 وقاموا بردم 4252 متر مربع داخل مياه البحر وعموما بلغت المساحات التي تم ردمها من قبل قرية هاواي السياحية مايناهز21 الف متر مربع من مياه البحر الأحمر, ولم يتم الاكتفاء بذلك بل أقاموا سقالة بدون أي تصريح أو ترخيص, كذلك أقاموا سلم بحري خرساني, واستخدم في ذلك ونش ثقيل, وكل هذه المخالفات مجتمعة حتما خلفت ورائها خسائر فادحة للبيئة البحرية لتدميرها الشعاب المرجانية وتأثيرها المباشر علي البيئة والأحياء البحرية. مارينا الجونة ولم تكن قرية الجونة السياحية الشهيرة المملوكة لآل ساويرس بمنأي عن المخالفات المدمرة للبيئة البحرية وأهم عناصرها المتمثلة في الشعاب المرجانية والأحياء البحرية كبيئة متكاملة, وإذا كان آل ساويرس قد طرقوا باب وزارة وجهاز شئون البيئة لإقامة مارينا جديدة لقرية الجونة إلا أنهم استعانوا بلودر وحفار لتنفيذها دون الحصول علي موافقة جهاز شئون البيئة بإستخدام معدات تأثيرها محدود علي البيئة البحرية, وحتما كان لابد أن يدمر اللودر والحفار الشعاب المرجانية التي يمر عليها, ففي المنطقة الأولي وهي منطقة دهار الشعاب المرجانية بلغت مساحة التدمير التي خلفاها لكي يصلا الي منطقة اتلشعاب المغمورة لتنفيذ أعمال التعميق والتوسيع بمدخل المارينا450 مترا مربعا, اما المنطقة الثانية المعروفة بمنطقة ميل الشعاب والتي كان يتم فيها تنفيذ أعمال التعميق والتوسع فبلغ التدمير 400 متر مربع, وقدرت الغرامة الموقعة جراء المخالفة 10 آلاف دولار. قرية مينا بارك السياحية حصلت علي موافقة جهاز شئون البيئة علي إنشاء سقالة علي خوازيق بطول 31 متر وعرض3 متر وتنتهي بمنصة أبعادها6 متر*6 متر وبعد التنفيذ تبين أن أصحاب القرية أقاموا سقالة بطول أكبر من ضعف المصرح به, إذ بلغ طول السقالة بعد التنفيذ 69 مترا أي بزيادة مترا كاملة, وهنا تجدر الإشارة ان الموافقة علي طول السقالة المصرح به لم تأتي عشوائيا ولكن بدراسات واعتبارات دقيقة يقوم بها خبراء متخصصين بقطاع المحميات الطبيعية وهو القطاع الأول بالوزارة والجهاز الذي يملك أكبر نخبة من المتخصصين ولم تلصق به قيادات وكوادر غير متخصصة الا مؤخرا, وتلك التجاوزات مخالفات صريحة لمواد قانون البيئة رقم4 لسنة 94, والعجيب أن الغرامة التي تم اعتمادها لهذه المخالفة الجسيمة 1260 دولار أي6 آلاف جنيه. وتسجل قري بالما ريزورت والزبرجد وستيلا دي ماري نفس النوعية من المخالفات المدمرة, فبالم ريزورت( الدنماركية غير معروف سبب التسمية) قامت بردم 1583 متر مربع داخل مياه البحر وقدرت الغرامة بمبلغ 29 ألف دولار, أما قرية الزبرجد جنوب مرسي علم فتسجل 10 مخالفات بيئية تبدأ بانشاء غرفة تفتيش صرف صحي ومركز غطس وردم جزء من منطقة الساحل واقامة مباني ومطاعم مخافة, والغرامات التي تم تقديرها لهذه الحزمة الضخمة من التجاوزات6 آلاف دولار.. وقرية ستيلا دي ماري بمنطقة مكادي أنشآت سقالة بحرية دون الحصول علي موافقات بيئية, كما قامت بردم 8500 متر مربع داخل مياه البحر, آضافة لفرش الرمال والغرامة التي تم تقديرها 49 ألف دولار.