الضمير.. هو الفريضة الدائمة والدواء القوي المفعول الواسع المدي لكل الأمراض الضميرية. والعالم الإسلامي اليوم في حالة حراك متمثلة في حالة المخاض التي تعانيها الأمة الإسلامية.. والخوف كل الخوف علي هذا المولود أن يختلف أهله علي كفالته وتسميته وطريقة رعايته وتركه للأهواء. ونغفل عن معالجة أمة من وهن الحمل والمخاض.. فتصاب أمه بحمي النفاس, حيث ان أمه تعاني من الأنيميا التقنية وهبوط في الدورة العالمية الحضارية وتحيط بها كوابيس وأوجاع الفقر المالي والعنوسة القهرية وأوجاع البطالة وليدة هرطقة الليبرالية الاقتصادية وهجوم العلومة والأيديولوجيات المغشوشة المنشأ التي لا تقبلها فصيلة دم الحضارة الإسلامية, وبجوار ذلك الفتاوي العشوائية. ورغم كل هذه الأوجاع ما زالت الحضارة الإسلامية ولادة بنوابغها.. محتفظة بضميرها العالمي مهما تعاقبت عليها عوامل التعرية والتآكل الحضاري, فإذا كانت مقاييس القلب البشري في كتب الطب بالتقريب.. الطول12 سم والعرض8 سم والسمك9 سم, ومما يثير الدهشة أن مسار ضخ الدم يبلغ رقما خياليا يقطع طريقا طوله100 ألف كيلو متر خلال الأوعية الدموية, كما يؤكده نموذج بالمتحف البريطاني في لندن, وهذا الابداع الخلقي تشترك فيه كل قلوب البشر فوق هذا الكوكب سواء كان راعيا للبهم في البرية أو مكتشفا لجينوم البشرية, ولكن هناك قلبا آخر اسمه الضمير ومن مسمياته في علم اللغويات.. عند القرطبي.. وصاحب بصائر ذوي التمييز.. القلب بمعني العقل أو الرأي أو الفؤاد أو الصدر. والضمير.. السر وداخل الخاطر هكذا في لسان العرب.. ويطلق الضمير علي القلب والعكس, وهذا القلب لا يحيط بطوله أو عرضه أو سمكه أو كنهه أو مدي ضخه لعمل الخير أو إضماره للشر أحد من الناس. وشجرة الضمير الخلقية لا تثمر اغصانها ولا تورق أوراقها وتفوح زهراتها إلا في تربة خلقية من عناصرها الخوف من الآخرة وحسن النية. وحقيقة الضمير في علم النحو.. فصاحب الألفية والأنباري من فرسانه.. والضمير من أعرف المعارف وعطف المعارف عليه لعلو رتبته.. أما خلقيا فعلماء الأخلاق يسمونه بالإخلاص.. والغزالي أبو حامد في علم الخلقية فله جولاته ومدارس الأخلاق تشهد له وكتاب إحياء علوم الدين.. من وصفاته.. وصاحب إغاثة اللهفان و مدارج السالكين و الداء والدواء.. ابن القيم الجوزية.. فمدارس العلوم الإنسانية تشهد له عن الكشف والإعراب في علم الضمائر الخلقية. وسلوكيا منه البارز الذي يراه كل الناس مثل الطبيب الحاذق النقريس النطاسي في مهنته الساهر ليلا في غرفته بصفاء نيته ولكل المرضي, ومنه المستتر كمثل الباحث العلمي تحت ضوء ثريته وبين حفيف أوراقه وكراساته ساهرا ليله ولا يتضور, أو كمثل فلاح رغم ظلمات الليل وعلو الأشجار وتشابكها وبرد الليل وقصف الرياح يتحرك ويعمل في حقله ليلا كطفل يمرح في غرفته انه الضمير, وهو الضوء الذي يبصر صاحب البصيرة في كل الأجواء, ولو كان كفيفا ولا يعرف فيزيقيا.. وبالضمير الحي تستقيم الحياة عامة والبيئة خاصة, وفي تربة الضمير الخصبة الخلقية تنمو شجيرات الأخلاق الرقائقية وبالضمير تصير أشجارا مثمرة وتحتها يستظل, وكذلك تراث العلماء. والضمير الحي مقصده راحة الآخرين مهما كانت المعاناة من الألم والآلام, لأن حقيقة ألمه لذة خلقية إنه الضمير.. والضمير من أركان الجمل لغويا, فلا يتم التخاطب بين الأمم والشعوب والأفراد.. إلا بالضمير الحي. وإذا غاب الضمير أو لم يدركه المتكلم أو المخاطب, فلا يتم التواصل والتراحم وتصبح الحياة هملا. ومن الضمائر المقدر علميا وتقديره هو: هو العلم.. فبالعلم النافع تكون الثروة وتتهذب الأخلاق, ويسود الذليل وينتصر علي العدو ويقهر الخصم الألد, وبالعلم تدرك الأماني وينال كل مقصد, وإذا أصيب الضمير بمرض ما.. فلابد له من أطباء حذاق للمهنة قمة في علو الهمة مخلصي النية يعملون تحت مظلة نحن وليس ل أنا أو الأنانية.. مكان بينهم, زادهم الحب.. لأن الضمير لا يباع ولا يشتري. وشجرة الضمير الخلقية لا تثمر إلا عطاء وكرما وحلما وعلما وذوقا ورحمة وفلاحا ونجاحا شتاء وصيفا زهرتها الحياء.. وتروي بدمعات من مقلتي الضمير تترقرق ويرق لها الضمير لموقف ما.. قد يندي له الجبين.. انه الضمير. ومن المواقف التي تسبب أرقا وألما ودمعا وتوجع الضمير الحي بألم يعجز عن وصفه القلم حينما تقرأ أو تسمع أو تشاهد إراقة للدماء البشرية فوق الكوكب عامة, وحينما تتلطخ بها الديار الإسلامية أو حينما يصبح قاع البحر مقبرة جماعية, أو تقرأ حادثة عن بيع الأعضاء البشرية, أو تري وتسمع عن التلوث وشبحه وأسبابه وأمراضه, حيث انه يتسبب في قتل40% من الوفيات حول العالم سنويا, أو عن الغش بكل أنواعه أيا كان. وإذا أصيب الضمير بالذبحة الضميرية, فمن أعراضها الميل إلي الهوي.. فالهوة الحضارية فالهاوية.. فالميل والركون إلي طقس الغسق الحضاري الملبد بالفساد وظلماته.