لكل أمة عنوان تتميز به عن سائر الأمم ولكن القدرة علي التغيير هي العنوان الأبرز بمقاييس التقدم والنهوض, وكلما امتلكت الأمة قدرا واسعا من إرادة التغيير عندما تقتضي الضرورة ذلك كلما ارتفع شأن هذه الأمة وتقدم ترتيبها في لائحة النهوض والتقدم. والتغيير بمعناه الصحيح عمل عظيم ورائع ينطلق من أهداف نبيلة وسامية باعتباره المثل الأعلي للحيوية الإنسانية المتجددة, ولكنه في ذات الوقت كالزئبق رجراج ومضطرب يفلت من أيدي الأفراد عند محاولة إمساكه ويحفظ بسهولة إذا وضع في خزائن محكمة التركيب والإقفال... وما الخزائن بالنسبة إلي التغيير سوي الأمة بتكتلها وتضامنها عن وعي صحيح وإدراك تام لماضيها وحاضرها وللرؤية المستقبلية التي تحلم بها! التغيير يصنعه الشباب بفضل قدرتهم علي التضحية والفداء ورغبتهم في العيش بكرامة وحرية, ولكن الشباب لا يحيا وحده منعزلا وإنما يعيش ويتعايش واقعيا مع أجيال سبقته... وكلما كانت درجة التواصل بين الأجيال عميقة وصادقة كلما زادت الفرص المتاحة لإحداث التغيير وضمان عدم استلاب الأهداف والغايات والمقاصد التي انطلق من أجلها نداء التغيير. وهذا التواصل بين الأجيال علي قاعدة حتمية التغيير يتحصن بمحورين أساسيين أولهما أن تعطي الأولوية في صنع التفاعل المجتمعي لتقوية دعائم التغيير تلبية لرؤية الشباب وأحلامه.. وثانيهما أن تستبعد الأجيال القديمة من ذهنيتها المقاييس التقليدية لثقافة الطاعة وثقافة التمرد لكي تحل الثقافة الوسطية المرتكزة إلي الحوار علي أرضية ضرورات التجديد. وهذا الذي أتحدث عنه يحتاج إلي وعي الشباب في يقظته ووعي الراشدين من الأجيال السابقة في حكمتها... وظني أننا في مصر قادرون علي ذلك وهذا هو أكبر ضمان لثورة25 يناير التي لا يملك أحد حق احتكارها لنفسه. خير الكلام: إن الغرور إذا أصاب أمة.. كالزهر يخفي الموت وهو زؤام! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله